العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ

المال الخليجي يكرس للثقافة البدوية ويرفض الحداثة!

نظرية المؤامرة ليست بعيدة والأزمة إنتاجية بالأساس

يؤكد نقاد وفنانون مصريون ومتابعون للدراما العربية أن عددا غير قليل من المسلسلات التي تعرض على الفضائيات العربية تكرس للمفاهيم البدوية التي تدعو إلى التأكد من وضع العباءة والعقال فوق الرأس قبل أن تذهب إلى رحلة لصيد الغزلان أو مطاردة القبائل الأخرى أو لقاء المحبوبة عند العين. وشهد رمضان الماضي ثمانية مسلسلات دفعة واحدة تتناول الحياة البدوية على القنوات الفضائية، قوبل عدد منها بهجوم واسع من القبائل، وتم وثقف عرض بعضها مثل: سعدون العواجي، وفنجان الدم، بينما استمر عرض المسلسلات الباقية وحققت نسبا من المشاهدة العالية في دول الخليج وغيرها من البلدان فما رأي الفنانين والنقاد عن هذا الغزو لمسلسلات القبيلة والبدوي. يقول الفنان نور الشريف: إن هذا الوضع يشير إلى خلل في صناعة الدراما المصرية وتدني مستواها في مواجهة نظيرتها السورية والخليجية بشكل يهدد انتشارها ويدفع الفضائيات العربية خاصة الممولة بالمال الخليجي إلى الاستغناء عنها، ولذلك فإن هناك عبئا كبيرا على صناع الدراما في مصر لتطوير الأداء والبحث عن موضوعات جديدة بدلا من اتهام الآخرين بالعمل على إزاحتهم من الساحة. ويقول الفنان محمود ياسين: إن هذا الأمر يدخل في إطار المنافسة وهو أمر محمود ومطلوب دوما لأن المنافسة تدفع إلى تطوير الإرادات. ويضيف: أرى أن وراء زيادة عدد الأعمال البدوية فكر سياسي تعرضه القبائل العربية، وربما يكون هذا الرأي خاطئ لكننا نتفق كفنانين وكتاب وصناع للدراما المصرية أن هذه الدراما بدأت تفقد بريقها وعليها أن تستعيد وعليها أن تستعيد وعيها ويفيق صناعها ليعودوا إلى سابق عهدهم قبل أن ينصرف الجمهور عنهم. الفنان أحمد عبدالعزيز، يقول إن مصر كانت ولاتزال اللاعب رقم واحد في مجال الدراما التليفزيونية باختلاف نوعياتها ومازالت الدراما المصرية الأوسع انتشارا والأكثر مشاهدة بين الجمهور العربي في كل الدول بالرغم من وجود دراما عربية متميزة.

وبالتالي فإن المسلسلات البدوية لا تشكل خوفا على ثقافتنا المصرية من الانسحاب من الساحة لصالح ثقافات أخرى لأنه ما تمت تنميته على مدار عقود لا يمكن أن يتغير في عدة سنوات. الفنان يحيي الفخراني يقول: إن هذا الوضع يكشف عن سطوة رأس المال الخليجي وتحكمه في الإنتاج في كل الدول العربية... في الوقت الذي تراجع فيه المنتج الراعي في مصر وحل محله منتج لا يفهم إلا في لغة الأرباح من دون الاهتمام بمحتوى ما يقدمه في ظل تراجع الدور الإنتاجي الرسمي الذي قدم روائع الدراما التلفزيونية العربية عندما كان قطاع الإنتاج بالتليفزيون ومن بعده مدينة الإنتاج الإعلامي التي قدمت أيضا أعمالا شديدة التميز فنحن نتحسر الآن على الحال التي وصلت إليها الكيانان من تراجع في مواجهة شركات الإنتاج الخاصة، وبالتالي تدهور الإنتاج المصري مقارنة بالإنتاج العربي الذي يعيش مرحلة ازدهار. الكاتب الروائي أسامة أنور عكاشة يقول: إن التركيز على ما يهم مجتمعنا المصري دون تجميل أو تزييف للحقائق أفضل بكثير من التركيز مع إنتاج نوع آخر من الدراما وقد تكون الدراما البدوية مطلوبة للمجتمعات البدوية وليس معني إنتاجها بشكل لافت للنظر هذا العام أنها تيار جديد الهدف منه تحجيم دور الدراما المصرية. وتقول الفنانة إلهام شاهين: نظرية المؤامرة ليست بعيدة عن هذا الموضوع إلهام ولكن الأهم أن نبحث في الأزمة داخليا ولا نتفرغ لمناقشة ظواهر خارجية بدعوى أنها مقصودة للأضرار بنا إننا يجب أن نقدم مسلسلات تتفوق على تلك التي نخشى منها ومن تأثيرها على الجمهور ولا أحد يكره أن تقدم مئات المسلسلات المصرية لكن الأفضل أن نقدم من خلالها مئات الموضوعات الجديدة... فمنذ فترة ليست وجيزة وأعمالنا تكاد تكون نسخا مكررة من بعضها. الفنان خالد زكي يقول: نتفق على أن أصحاب كل ثقافة من حقهم أن يجدوا الدراما التي تعبر عن ثقافتهم وتاريخهم ونجاح بعض المسلسلات البدوية التي عرضت الأعوام الماضية تأتي تأكيدا لهذه القاعدة، لكن من المبالغ فيه أن يصر أصحاب رؤوس الأموال الخليجية على زيادة كم المسلسلات البدوية وفرضها خلال شهر رمضان على الشاشات الرئيسية على حساب المسلسلات الأخرى، وفي رأيي أن رأس المال الخليجي سيظل يضخ الأموال في هذا المجال حتى يمتنع الفنانون السوريون والأردنيون عن تقديم المزيد، حتى تقتنع الفضائيات بأهمية التوازن بين أنواع الدراما في طريقة العرض

العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً