العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ

مجلس الشيوخ يترك شركات السيارات الأميركية تواجه خطر الإفلاس

عجز مجلس الشيوخ الأميركي عن الاتفاق مساء أمس الأول (الخميس) على خطة لمساعدة شركات السيارات فتركها تواجه خطر إفلاس يهدد 2.2 مليون وظيفة على ارتباط مباشر أو غير مباشر بهذا القطاع.

وبعد يوم طويل من المناقشات، لم يتمكن أعضاء مجلس الشيوخ الـ100 من جمع غالبية الثلثين المطلوبة بشأن خطة لمساعدة قطاع السيارات، مصطدمين بمعارضة شديدة من جانب الجمهوريين.

وقال زعيم الغالبية الديمقراطية هاري ريد: «لم نتمكن من التوصل إلى نتيجة».

وعبّر ريد عن أسفه لهذا الفشل، مؤكدا «حاولنا وبذلنا جهودا شاقة جدا للتوصل إلى نتيجة من أجل إصدار تشريع بشأن صناعة السيارات».

وتابع أن «ملايين الأميركيين سيتضررون مباشرة، وليس فقط موظفي صناعة السيارات، بل كذلك البائعين والوكلاء وكل الذين يعملون في قطاع السيارات».

وقضى ريد يوم أمس الأول ساعات طويلة يتفاوض مع نواة متشددة من الجمهوريين الرافضين إنقاذ الشركات الأميركية الثلاث الكبرى جنرال موتورز وكرايزلر وفورد التي طلبت أساسا مساعدة بقيمة 34 مليار دولار.

وطالب الجمهوريون بأن تتعهد الشركات ونقاباتها الواسعة النفوذ بخطة إعادة هيكلة.

وقال زعيم الغالبية الجمهورية ميتش كونيل: «لا يريد أي منا رؤية هذه الشركات تفلس لكنه لا يسعنا القيام بأي شيء لإنقاذها من المعضلة التي أوجدتها لنفسها»، معتبرا أن خطة الإنقاذ «لم يكن من الممكن بصراحة أن تنجح».

وأبدى ريد مخاوفه من انعكاس الأمر على الأسواق، بعدما وافق مجلس النواب بغالبية كبيرة الأربعاء وبدفع من البيت الأبيض على مساعدة بشكل قروض قصيرة الأمد بقيمة أقصاها 14 مليار دولار كان سيسمح للشركات الثلاث بـ»الصمود» حتى نهاية آذار/ مارس في انتظار أن تقر إدارة باراك أوباما الجديدة في هذه الأثناء خطة إنعاش مستديمة للاقتصاد الأميركي.

وقال ريد: «أخشى النظر إلى وول ستريت، بعدما خسرت بورصة نيويورك 2,24 في المئة من قيمة أسهمها بسبب المخاوف من فشل خطة الإنقاذ في مجلس الشيوخ.

وأعرب البيت الأبيض عن خيبة أمله لفشل مشروع القانون في مجلس الشيوخ وحذر من مخاوف «إفلاسات كارثية». وقال المتحدث باسم الرئاسة سكوت ستانزل: «سنقيم مختلف الاحتمالات المتاحة على ضوء الفشل في الكونغرس».

وقرر أعضاء مجلس الشيوخ بـ52 صوتا مقابل 35 في عملية تصويت اختتموا بها دورتهم إغلاق الملف من دون الموافقة على خطة المساعدة العاجلة.

واقترح ريد على البيت الأبيض استخدام قسم من الخطة بقيمة 700 مليار دولار التي أقرت في أكتوبر/ تشرين الأول لإنقاذ القطاع المصرفي من أجل مساعدة شركات السيارات، ولو أن وزير الخزانة هنري بولسون لطالما رفض هذا الاحتمال.

وأعلنت جنرال موتورز مساء أمس (الجمعة) أنها تتهيأ لإمكانية إشهار إفلاسها، موضحة أنها لجأت إلى مستشارين قانونيين ومصرفيين استعدادا «لإي احتمال».

أما شركة جنرال موتورز ومنافستها كرايزلر، فحذرتا من أنهما قد تعلنان إفلاسهما قبل نهاية السنة إذا لم تحصلا على مساعدة من الدولة، في حين أكدت فورد، ثالث شركات السيارات الكبرى الأميركية، أنها لا تواجه مشكلات مالية آنية، وهي في وضع مالي أفضل من زميلاتها.

وانضم الرئيس الحالي جورج بوش والرئيس المنتخب باراك أوباما خلال النهار إلى الأصوات الداعية إلى مساعدة شركات السيارات.

وقال أوباما في يوم صدور أرقام جديدة قياسية للبطالة في الولايات المتحدة: «لا يمكننا في مرحلة الصعوبات الكبرى على اقتصادنا، أن نسمح لأنفسنا بالوقوف مكتوفي الأيدي أمام انهيار هذا القطاع».

واعتبر أن إفلاس «الشركات الكبرى الثلاث» التي تتخذ من ديترويت مقرا لها سيكون له وقع «مدمر» على الاقتصاد.

وتواجه شركات السيارات الأميركية مشكلات منذ سنوات نتيجة إنتاج سيارات كثيرة الاستهلاك وقد تضررت بشكل خطير من الأزمة المالية التي أدت إلى تقلص القروض سواء لها أو لزبائنها.


السيارات قطاع لايزال مهما في الاقتصاد الأميركي

يمثل قطاع إنتاج السيارات في الولايات المتحدة مصدرا مهما للنشاط الاقتصادي والتوظيف وخصوصا في المناطق المحرومة في بلد يشهد تقلصا سريعا في هذه الصناعة.

وكانت الشركات الثلاث الكبرى للسيارات -جنرال موتورز وفورد وكرايزلر- هددت بإشهار إفلاسها ما لم يتم التوصل إلى اتفاق في مجلس الشيوخ الخميس.

وفي نهاية سبتمبر/ أيلول كان يعمل في هذه الشركات مباشرة 240 ألف شخص.

لكن بإضافة الوظائف غير المباشرة التي تؤمنها فروع صناعة المعدات والوكلاء ومزودي القطاع، يشكل القطاع 2,2 مليون وظيفة و65 مليار دولار من الرواتب سنويا، حسبما ذكر مركز الدراسات بشأن قطاع السيارات المرتبط «بالثلاث الكبرى».

من جهة أخرى، هذه المجموعات مرتبطة ببعضها البعض بشكل وثيق جدا بما أنها تتقاسم عددا من المزودين والفروع المتعاقدة معها.

وهذا الترابط يدفع المجموعات الثلاث إلى التأكيد على أن إعلان إفلاس واحدة منها سيؤدي إلى سقوط الاثنتين الأخريين.

والسيناريو الأسوأ هو سقوط الشركات الثلاث ما سيرفع الكلفة الاجتماعية للازمة إلى 3 ملايين وظيفة حسبما أفاد المعهد نفسه، من أصل 137,6 مليون وظيفة في البلاد.

وهذا الرقم يتجاوز الـ2,2 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة بما أن قطاعات اقتصادية أخرى ستتأثر من المعادن إلى الكيمياء والصناعات الإلكترونية والمعلوماتية والتجارة.

وذهب رئيس مجلس إدارة فورد الان مولالي إلى الحديث عن 4,5 ملايين وظيفة مهددة.

وقطاع السيارات موجود في كل مكان في الولايات المتحدة من ميتشيغن «مهد» هذه الصناعة إلى الآسكا ويؤمن كمعدل وسطي حوالي 43 ألف وظيفة في كل ولاية وخصوصا نظرا إلى مساهمة الوكلاء.

ويبلغ عدد الوظائف أكثر من 241 ألفا في ميشيغن الولاية الرئيسية التي تضم مصانع تركيب سيارات المجموعات الكبرى الثلاث تليها كاليفورنيا 189 ألفا واوهايو 159 ألفا وتكساس 137 ألفا وانديانا 111 ألفا. ويعمل في هذا القطاع 2500 شخص في ألاسكا و242 في العاصمة واشنطن.

وتشكل ميشيغن واوهايو وانديانا «ولايات حزام الصدأ» الذي يعاني بشكل كبير من زوال هذه الصناعة الثقيلة التي كانت مصدر ثروتها مطلع القرن العشرين.

وأفادت إحصاءات قدمتها فورد أن الشركات الكبرى الثلاث دفعت العام الماضي 22,2 مليار دولار من الرواتب و102 مليار دولار تغطية صحية.

ومولت شركات صناعة السيارات في 2007 التغطية الصحية لأكثر من مليوني أميركي بما في ذلك تعويضات 775 ألف متقاعد وأقارب.

وقال المعهد نفسه إن إفلاس واحدة من هذه المجموعات العام المقبل سيترجم بربح فائت يتجاوز الـ150 مليار دولار من الأجور في الولايات المتحدة.

وبالنسبة للسلطات الحكومية هذا يعني ربحا فائتا يتجاوز الـ60 مليار دولار من العائدات الضريبية في 2009 وأكبر من 156 مليارا للفترة بين 2009 و2011

العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً