العدد 2010 - الجمعة 07 مارس 2008م الموافق 28 صفر 1429هـ

لعنة «الجندرية» تصيب أعمدة المرأة الصحافية

تأبطت كعادتها مجموعة من كتبها وملفاتها المهمة لتبدأ يوما جديدا تسطر فيه بقلمها "المتواضع" أراءها الجادة، وهمس بعض زملائها من الرجال من باب الدعابة تارة، والاستهزاء تارة أخرى، بوصفها بـ "صحافية المرأة"، وقبل أن ترتشف قهوتها الصباحية فتحت بريدها الإلكتروني لتتلقى رسالة بريدية من قارئ يثني على فلسفتها الفكرية وصوغ أفكارها ومدى الإحساس بالحروف حينما تكتبها في أعمدتها الصحافية وتقاريرها الإخبارية، بيد أن فرحتها بذلك الإطراء لم تدم بتطرق ذلك القارئ إلى اتهامها بالاهتمام بمظهرها الخارجي وإضافة المساحيق واعتباره شغلها الشاغل للفت الأنظار، معولا في ذلك على صورتها الحديثة في مقالها الأسبوعي - رغم عدم مبالغتها فيها - الأمر الذي حرك فيها ذلك الشغف الدفين للدفاع عن تلك المرأة التي ما حاربت شيئا في حياتها المهنية مثلما حاربت أن تظهر "الإعلامية المرأة" على أساس الشكل وليس المضمون، وما انتقدت شيئا أكثر من انتقادها لاستخدام المرأة شكلا معلبا للإثارة ذا مضمون فارغ، في المقابل لم تغفل قناعاتها الشخصية والمهنية من التركيز على أن الإعلامية "امرأة" في النهاية، ليست أنوثتها عيبا أو نقيصة لكي تخفيها.

قد نحتاج إلى وصفة سحرية لإبطال تلك "اللعنة الجندرية" التي تلاحق المرأة أينما ذهبت وحيثما حلت، لتصل أخيرا إلى أعمدتها الصحافية وتسلط الضوء في المقام الأول على صورتها، ضاربة جوهر الفكرة فيها عرض الحائط، وتلازمها باعتبارها مخلوقا جميلا مُلاحقا من قِبل العيون والقلوب، في الوقت الذي لن يكلف أي قارئ نفسه عناء إرسال رسالة إلكترونية إلى كاتب رجل وضع صورته بتسريحة شعر على الموضة مثلا في مقال بغض النظر عن فحواه!

ولعل "صحافية المرأة " متيقنة كل اليقين بأن المرأة البحرينية قد خطت أشواطا طويلة لم يجف عرقها حتى الآن، بلا كلل أو ملل، لتصل إلى ما وصلت إليه الآن، لدرجة أن وصف عصرها بـ "عصر تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا" في ظل قرن عنون باسمها، فكان لها حق الانتخاب والترشح لتظفر بأحد عشر مقعدا في مجلس الشورى، ومقعد نيابي تربعت عليه مصوبة من خلاله سهما مثلثا عبر سؤال كشف اللثام في الفصل التشريعي الأول عن مياه الصرف الصحي في خليج توبلي، الذي كشفت من خلاله فضيحة لايزال يتردد صداها حتى اليوم عبر ملفات معقدة، على حين وجهت سؤالا آخر أحرجت به وزير العدل عن "لجنة المساعدات الإنسانية"... وباسترجاع كل ذلك ما كان من "صحافية المرأة " سوى ارتشاف ما تبقى من قهوتها بكل برود، والضغط على "زر الحذف" على ذلك البريد الإلكتروني عل وعسى تزول تلك اللعنة يوما ما.

العدد 2010 - الجمعة 07 مارس 2008م الموافق 28 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً