العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ

تسوية فواتير الكهرباء... والأزمات المالية المرتقبة

في هذه الأيام يشتغل الناس في مجالسهم ومنتدياتهم وجلساتهم الخاصة والعامة بالحديث عن قرار هيئة الكهرباء والماء، الذي مفاده أن الهيئة ستقطع التيار الكهربائي عن بيوت الأشخاص الذين تخلفوا عن دفع فواتير الكهرباء لمدة طويلة وتراكمت عليهم مبالغ كبيرة.

وفعلا بدأت الهيئة بتنفيذه في مناطق كثيرة، وبحسب متابعاتنا نجد أحاديث الناس ومناقشاتهم تدور حول الأسباب التي دعت وزارة الكهرباء لأن تتخذ مثل هذا القرار الذي جعل الناس يتراكضون إلى أماكن دفع الفواتير ليمنعوا كارثة قطع التيار الكهربائي عن بيوتهم، والذي له تداعيات كثيرة ليس لها أول ولا آخر.

وفي مختلف المجالس كانت تطرح تساؤلات كثيرة من ضمنها: هل فعلا تخلّف الناس عن دفع الفواتير وتراكم المبالغ عليهم هو السبب الحقيقي وراء القرار؟ وإذا كان كذلك فلماذا لم يتخذ هذا القرار بعد أشهر من تخلف الناس عن دفع الفواتير؟ ولماذا سكتت الوزارة أكثر من سنتين عن هذا الأمر حتى تراكمت على الناس مبالغ كبيرة تصل إلى أكثر من 1000 دينار عند البعض؟ هل ما يحدث له علاقة بالأزمة المالية العالمية التي هزت اقتصادات العالم بأسره؟ أم أن ما يحدث له علاقة بعلاوة غلاء المعيشة التي لم يحصل عليها البعض من الناس حتى الآن؟

وذلك البعض ليس رقما بسيطا، فكانت أحاديثهم يشوبها التوتر والقلق من إجراءات هيئة الكهرباء والماء التي ستدخل الكثيرين من الناس في أزمات مالية كبيرة، الأمر الذي يثير دهشة الناس من أن هذا القرار جاء بعد أقل من شهرين من سماع الناس شائعات انتشرت بسرعة كانتشار النار في الهشيم في أوساطهم، عن أن هناك توصيات بعدم قطع تيار الكهرباء عن المتخلفين عن دفع الفواتير، فهل وصلت تلك الشاعات إلى أسماع الهيئة ونتيجة ذلك أصدرت ذلك القرار لتكذيبها عمليا؟ أم أن الهيئة أقدمت على اتخاذ هذا القرار الصارم لأنها مقبلة على تطوير شبكات الكهرباء في مختلف المناطق وهذا ما شاهدناه على الواقع في البعض من الأماكن.

نعلم أن هذا المشروع يحتاج إلى تنفيذه ملايين الدنانير، هل تنوي أن تغذي تطوير الشبكة الكهربائية من المبالغ التي ستجمعها من هذه العملية؟ ولماذا هذا التشدد الذي قد يحرج الكثير من الأسر؟

تحدث أحد الناس، وقال عن نفسه، أنه ذهب إلى موقع دفع الفواتير ليبرم معهم اتفاقا لتسوية هذا الأمر بينه وبين هيئة الكهرباء والماء في هذا الشأن، وطرح عليهم كما يقول 100 دينار كدفعة أولى على أن يقوم بتقسيط المبلغ المتبقي الذي يقرب من 900 دينار إلى أقساط قيمة الواحد منها 50 دينارا، فتفاجأ برفض الموظف لهذه التسوية بحجة أن الهيئة قررت ألا تزيد مدة تسديد المبلغ عن سنة.

نعتقد أن هيئية الكهرباء والماء تعلم علم اليقين وضع الناس المالي الذي لا يتحمل أعباء جديدة تزيد عن الحد المعقول، بهذا القرار تجعل الأسر بين أمرين، أما قطع التيار الكهربائي أو القبول بالتسوية التي تفرضها الهيئة وتعيشها على بساط الفقر كما يعبرون عنه، والأمران أحلاهما مر على ذوي الدخل المحدود.

ما الذي يمنع الهيئة قبول التسويات التي تعهد الناس بالالتزام بها، والتي لا تؤدي إلى حدوث مشكلات مالية لأكثر الأسر؟ فهناك مِن الأسر مَن لا تتمكن إلا أن تدفع 30 دينارا على سبيل المثال، وهناك منهم الكثيرون يعتبرون ذلك المبلغ كبيرا، ويخافون أن يؤدي إلى نكسات مالية لهم لا تحمد عقباها، وخصوصا في المناسبات الموسمية، كالأعياد ومتطلبات فصل الشتاء واحتياجات المدارس وغيرها من المناسبات الاجتماعية.

نحن لا نقول إن الهيئة ليس من حقها تحصيل الأموال المتأخرة، كل ما نريد قوله لمن بيدهم اتخاذ القرار في هذا الشأن: رفقا بعباد الله فإنهم لا يقدرون على ما تريدونه منهم. اجعلوهم يختارون لأنفسهم تسوية حساباتهم بالصورة التي لا تسبب لهم مشكلات لا حصر لها. وحتى لا تحل مشكلة واحدة وتخلق مشكلات كثيرة لابد من النظر إلى هذه المسألة باتجاهاتها المختلفة؛ الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، حتى لا توقع الناس في مصائد شيطانية كثيرة.

سلمان سالم

العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً