قدموا إلى البحرين، تجوّلوا فيها، تأثروا بها وحين تركوها لم يودعوا أهلها الوداع الأخير بل قدّموا هداياهم التي تنفي تقليد الوداع، هم سبعة فنانين من بلدان مختلفة، رسموا البحرين كما رأوها، وهم الذين لا يرسمون ما يرون وإنما يجسّدون انطباعاتهم عن كلّ ما يرونه. قدّم السبعة للبحرين هديتهم التي تؤكّد أنهم باقون فيها، وإن رحلوا عنها.
مختلف هذه الأعمال الانطباعية يحتضنها متحف البحرين في معرض يحمل عنوان «المنامة: انطباعات» والذي افتتح يوم الإثنين الماضي ويستمر حتى التاسع من أبريل المقبل في إطار فعاليات مهرجان ربيع الثقافة.
جسّدت المجموعة المعروضة في متحف البحرين الوطني تقاليد البحرين التي لاتزال عنصرا يثري ثقافته من خلال مجموعة من الرؤى الانطباعية هي على التوالي: الانطباع بالشكل الذي استخدمه الفنان بروس هيلاندر وتوخى خلاله أسلوب الفن التلصيقي على صور أيقونية كانت المادة الخام فيها عبارة عن صور اقتطعها من دوريات أعاد تركيبها وتكوينها ومن ثم عرضها في أشكال جديدة، ثم الإنطباع بالحيز وهو الاسلوب الذي ميز المجموعة الفنية التي عرضها الفنان هنت سلونم وهي عبارة عن رسوم لطيور وفراشات وأرانب وقرود،لا تحوي أية إحالة على الواقع كما انها لا تحمل أي أسلوب قصصي ولكنها تتميز بألوانها المتضاربة.
الرؤية الانطباعية الثالثة مثلها جون توريانو من خلال أسلوب الإنطباع الحسي الذي اعتمد فيه الفنان أساسا على القيمة الضوئية التي وظفها من خلال مجموعة من النقاط الملونة التي تعكس الضوء بحسب وضعها بالنسبة إلى التناظر.
أما أسلوب الانطباع بالسطح وهو الأسلوب الذي يعتمدعلى خامات مهملة علة غرار صواني الأكل والأجسام المعدنية التي يقطعها الفنان الانطباعي ويعيد تركيبها ولصقها إلى خلفية خشبية داعمة بواسطة مسامير فولاذية تظهر على السطح وكأنها أزرار مبعثرة وهو ما يشكل نوعا من الفن النقطي، و يجسّم هذا التقنية من الفن الانطباعي الفنان توني بيرلانت.
ومن خلال انطباع اللغة قدم الفنان أليكس دي فلوفيا مجموعة من الملاحظات الثقافية وظفها وفق منهج عشوائي وتركيبات متلائمة ورموز متكررة، تداخلت مع بعضها بعضا؛ لتكوّن لوحات خاصة تدخل ضمن مجال أسلوب الانطباع اللغوي.
من جانبه وظف الفنان إتالو سكانجا أسلوب انطباع الهوية وهوالاسلوب الذي يعتمد على مزج المواد بالأجسام المختلفة وإعادة تركيبها بالاعتماد على أساليب عديدة من ذلك أسلوب الفن التعبيري أو الفن التركيبي، مقللا بذلك من قيمة التقنية الفنية المنفردة ومثمنا تقنية المزج بين اللساليب الفنية التي تنتج تكوينا فنيا ولغة مرئية.
وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أنّ الانطباعية مذهب أدبي فني، ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا، وهو يعتبر الإحساس، والانطباع الشخصي الأساس في التعبير الفني والأدبي، لا المفهوم العقلاني للأمور. ويرجع ذلك إلى أن أي عمل فني بحث لابد أن يمر بنفس الفنان أوّلا، وعملية المرور هذه هي التي توحي بالانطباع أو التأثير الذي يدفع الفنان إلى التعبير عنه.
وقدأطلق توصيف الانطباعية في البداية على مدرسة في التصوير تعتبر أنه على الرسام أنْ يعبّر في تجرد وبساطة عن الانطباع الذي ارتسم فيه حسيّا، بصرف النظر عن كلّ المعايير العلمية
العدد 2015 - الأربعاء 12 مارس 2008م الموافق 04 ربيع الاول 1429هـ