العدد 2294 - الثلثاء 16 ديسمبر 2008م الموافق 17 ذي الحجة 1429هـ

الوطن و «البعد الاحتفالي في الحياة»

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

لا مخلوق في الدنيا يمكن لصوته أن يتلألأ بعيدا عن ضوء الوطن الغامر ولا إضاءة لأي صوت سعيا وراء الاحتفال بالحياة من دون أن يكون الوطن هو في اللب من ذلك الضوء والعمق والرهافة من ذلك الصوت.

لا أحد بمنأى عن تلك المساحة العاطفية والأخلاقية. مساحة ألا تخجل من أن تتحول إلى إقناع «العذاب بأن يكون جميلا» بحسب تعبير الممثلة الفرنسية الشهيرة كاترين دو نوف، لأن الحب عذاب والوطن هو في اللب من ذلك الحب.

ولا مخلوق في الدنيا يختزل الآخرين في حيزه الخاص لأن الوطن في رحابته وسماحته وأبوته أكبر بكثير من ذلك التجرؤ على الاختزال. أكبر من التصنيف على مستوى العرق واللون والدين والمذهب، إذ يتجاوز الوطن كل تلك «الكليشيهات» الجاهزة في مشروعات التقسيم لأن طبيعته إعادة ترتيب الوعي. الوعي بكل تلك القائمة الطارئة على رحابته وسماحته وأبوته. الوعي الذي يتجاوز الاختزال وصولا إلى العيش المشترك ضمن فضاء الوعي -أيضا- بخصوصيات الآخر.

لا يمكن للعلم أن يحقق صدمة من كشفٍ ما لم يتجاوز ضعفه وانهزامه واستسلامه لأية حال انتهازية. ما لم ينحز إلى انتمائه ولم يحد روغي غارودي عن مثل ذلك المعنى «كل كشف صدمة جديدة لعقل ظن أنه بلغ الكمال»، فيما لسنا في صدد كشفٍ لعلائق في الوطن هي في الصميم من الروح والمعنى والإرادة والصميم مما بعدها.

في عمود الأمس تحدثت عن ذاكرتين، ذاكرة الوطن وذاكرة العيد، وأضيف هنا على رغم نهاية المقال الذي تحدث عن «القيمة المستوحاة والمستخلصة» من الذاكرتين بتأسس ذاكرة أخرى انطلاقا من تلك القيمة، أن القيمة المثلى والعليا للوطن تتمثل في جانب من جوانبها في قدرة كل منا على جعل «الحياة طلقة من ذهب» بحسب تعبير الشاعر العراقي الكردي سليم بركات في ظل وطن هو المعنى الحقيقي لدورنا وقفزاتنا الماثلة.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2294 - الثلثاء 16 ديسمبر 2008م الموافق 17 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً