العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ

ردعٌ أم غصن زيتون؟ استبدال المسدس برؤوس نووية!

عندما توجه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات للمرة الأولى إلى الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1974، قال للهيئة العالمية إنه جاء حاملا غصن زيتون وبندقية المناضل في سبيل الحرية.

وقال قائد جبهة التحرير الفلسطينية يومها «لا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي» وكانت الولايات المتحدة و»إسرائيل» مازالتا تعتبران الجبهة حينها منظمة إرهابية. أما اليوم، فقد زادت الخلافات، واستبدل المسدس برؤوس نووية.

وعلى رغم الغارة الجوية الإسرائيلية في 6 سبتمبر/ أيلول الماضي على ما قيل إنه منشأة نووية في الصحراء السورية، يبدو أن دمشق تمد غصن زيتون إلى «إسرائيل»، في حين يشتبه في أنها تخطط لامتلاك أسلحة نووية.

في مطلق الأحوال، لا يبدو أن إدارة بوش مقتنعة بأن سورية جادة في دوافعها وتتهم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بالاستمرار في دعم الإرهاب وفي التدخل الكبير بالشئون الداخلية اللبنانية.

كما تخشى واشنطن من أن دمشق تخبئ وراء أغصان الزيتون الممدودة نواياها الحقيقية ومن بينها جهودها الفاشلة في تطوير ترسانة نووية.

ونفى السفير السوري لدى الولايات المتحدة عماد مصطفى الاتهامات كافة التي ساقتها واشنطن لدمشق وآخرها كان تطلع سورية للمساعدة التقنية الكورية الشمالية كي تصبح أول بلد عربي مسلح نوويا.

يشار إلى إن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين حاول في منتصف السبعينيات تجهيز العراق بترسانة نووية لكن حلمه تبدد عندما دمرت الطائرات الإسرائيلية المفاعل النووي «أوزيراك» (مفاعل تموز) في العام 1981.

وكان المبعوث السوري إلى واشنطن قال إن بلده تعي جيدا ما يحصل لبلد يحاول امتلاك تكنولوجيا نووية. وشدد على أن سورية لا تنوي امتلاك هذه التكنولوجيا حتى لأهداف سلمية. وأوضح مصطفى «نحن نؤمن بحل سلمي للنزاع في الشرق الأوسط».

لكن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش مازالت متصلبة في رفضها التعامل مع سورية.

يشار إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ترى أن سورية كانت تبني مفاعلا يبرد بالغاز ويعمل على الكربون الأسود، وكاد يصبح حقيقة في نهاية الربع الثالث من العام 2007. ويرجح أن المفاعل كان لينتج البلوتونيوم المناسب للأسلحة.

ويقول الخبراء الاستخباراتيون الأميركيون إن المنشأة التي ضربتها «إسرائيل» عن قرب تشبه المنشآت الكورية الشمالية.

وأضاف الخبراء أن بُعد المكان الذي اختاره السوريون يقود إلى الاعتقاد بأنهم كانوا يسعون جاهدين للحفاظ على سريته.

وقال مصطفى إن الموقع الذي استهدف لم يكن مجهزا جيدا كي يستخدم لتصنيع البلوتونيوم وذلك لنقص الماء والكهرباء.

لكن لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فيلم فيديو يشير إلى وجود أنبوب ماء بين الموقع وخزان مياه.

يشار إلى أن الموقع موجود أيضا على بعد كيلومترات قليلة من نهر الفرات.

وتؤكد الوكالة أن عددا من كبار المسئولين عن البرنامج النووي الكوري الشمالي زاروا عدة مرات سورية في العام 2007 وان الخبراء الكوريين الشماليين ساعدوا في إلحاق ضرر في التقييم بعد الضربة الإسرائيلية.

وتسأل الولايات المتحدة لماذا عمدت سورية بسرعة فائقة إلى تجريف الموقع والتخلص من أية تجهيزات ومؤشرات قد تعتبر «تجهيزا جرميا».

واتهم السفير السوري في المقابل إدارة بوش بأنها ترغب في تصوير الشرق الأوسط على أنه منطقة شديدة الخطورة من أجل تبرير اتباع سياسة القبضة القوية في المنطقة وإضفاء الشرعية على سياساتها الداخلية. وقال «بكل صراحة لا يمكن الالتزام مع هذه الإدارة».

لكن السفير السوري الذي كان قاسيا مع إدارة بوش بدا أكثر لينا مع «إسرائيل» إذ أعلن استعداد بلاده لإجراء محادثات سلام مع عدوها الذي حاربته لسنوات طويلة. وبرأي مصطفى، فإن سورية تؤمن بوجود «احتمالات جدية للسلام في المنطقة».

والحقيقة هي أن السوريين أبدوا انفتاحا باتجاه واشنطن والقدس وأبدوا استعدادا لبدء مفاوضات السلام لكن إدارة بوش رفضت بانتظام وبشكل قاطع الالتزام في مفاوضات مع نظام الأسد.

وقال مصطفى إن السلام قد يتحول إلى حقيقة عندما تعي «إسرائيل» أنه لا يمكنها أن تستمر في الاعتماد على تفوقها العسكري من أجل «فرض الاحتلال على سورية والفلسطينيين واللبنانيين».

وبدا مصطفى واثقا من يوم تصل «إسرائيل» فيه إلى «نقطة الذروة» وهو «آت لا محالة، وسيعرف الإسرائيليون يومها بأنهم لا يستطيعون العيش بعيدا عن القانون الدولي».

وقال مصطفى إن في سورية تحركا متزايدا يدعو إلى السلام مع «إسرائيل». ونرجو أن يأتي هذا اليوم قبل أن تدخل الأسلحة النووية إلى النزاع في الشرق الأوسط.

العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً