العدد 2088 - السبت 24 مايو 2008م الموافق 18 جمادى الأولى 1429هـ

واشنطن وراء أزمة الغذاء

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حذر تقرير اقتصادي صدر مؤخرا عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة إلى الأمم المتحدة (فاو) دول العالم من ارتفاع نفقات الواردات الغذائية، التي قدرها التقرير بما يزيد عن ترليون دولار خلال العام الجاري (2008). وقد تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بزيادة تكاليف الواردات الغذائية، إذ يتوقع أن تكون أعلى بنسبة 27 في المئة منها في العام 2007. وأخطر ما جاء به التقرير هو أن الدول الأضعف اقتصاديا هي التي ستتحمل العبء الأكبر، إذ سترتفع التكاليف فيها بنسبة 40 في المئة، بينما تقل هذه النسبة في الدول المتطورة. ويمضي التقرير في رسم معالم الصورة القاتمة للحال الغذائية العالمية السائدة فيقول: «كان التركيز على الأرز في الأسابيع الأخيرة، ولكن أسعار المواد الغذائية كافة قد ارتفعت، من الألبان إلى القمح ومن الصويا إلى السكَّر، وأصبح هذا الوضع القاعدة عوضا عن الإستثناء في الأسواق». ويرجع التقرير ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية بشكل أساسي إلى انخفاض مستوى الصادرات من تلك السلع بسبب تغيير نمط الإنتاج بحيث فقدت بعض السلع الأولوية في الدول المصدرة لها.

أحد الأسباب الرئيسية المباشرة وراء هذه الأزمة الغذائية، هو إنتاج الوقود الحيوي. هذا ما حذرت منه الأمم المتحدة ووصل الأمر إلى أن يطالب كبير مستشاري الأمم المتحدة للأغذية أوليفيه دي شوتر بسرعة تجميد الاستثمار في انتاج الوقود الحيوي قائلا: «إن الاندفاع الأعمي فيه عمل «غير مسئول». وأضاف شوتر في مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية «أن الأهداف الطموحة لإنتاج الوقود الحيوي التي حددتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي غير مسئولة». ويشبه مسئولو الأمم المتحدة ارتفاع أسعار الغذاء بـ «تسونامي الصامت» الذي يهدد حياة 100 مليون من سكان العالم الأشد فقرا. وأورد شوتر بعض الأرقام التي تؤيد ما ذهب إليه، إذ يقول: «يلزم 100 مليون هكتار لإنتاج 5 في المئة من الوقود العام 2015، وذلك أمر لا يمكن احتماله».

وأشار شوتر بأصابع الإتهام نحو واشنطن محذرا من أن «هدف الولايات المتحدة المتمثل في انتاج 36 مليار غالون (136 مليار ليتر) من الوقود الحيوي مع حلول العام 2022.

مقابل هذه التحذيرات الصارخة من الأمم المتحدة، نجد الإدارة الأميركية، تحاول التقليل من شأن دور إنتاج الوقود الحيوي في دفع أسعار الغذاء إلى الصعود بشكل لافت. جاء ذلك على لسان رئيس المستشارين الاقتصاديين في إدارة الرئيس بوش، إدوارد لازير، الذي قال مخاطبا لجنة في مجلس النواب الأميركي: «إن إنتاج الوقود الحيوي لعب دورا هامشيا في تضخم أسعار الغذاء».

وعلى طريقة رعاة البقر الأميركان ألقى لازير باللوم في تلك الزيادة على «الدول النامية وخصوصا الصين والهند» التي، حسب لازير، رفعت من إستهلاكها من تلك المواد، ثم التفت إلى «ارتفاع أسعار النفط والطاقة» من دون أن يوفر «الجفاف في بعض الدول المنتجة للغذاء». واعتبر كل ذلك وليس إنتاج الوقود الحيوي «هي أسباب حقيقية دفعت أسعار الغذاء إلى الصعود». الشيء الوحيد الذي لايستطيع لازير أن ينكره هو أن الولايات المتحدة تعد من أكبر منتجي الوقود العضوي.

وليست الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها هي المؤسسات الوحيدة التي تحذر من مغبة أزمة غذاء عالمية، وأن أحد أسبابها هو الإندفاع الشديد وراء إنتاج الوقود الحيوي، فقد حذر ثلاثة من كبار خبراء الغذاء في كونسورتوم للأبحاث الدولية، في معرض مطالبهم بتعليق استخدام الوقود العضوي، إلى حاجة دول العالم إلى إعادة النظر في برامج تحوير استخدام بعض أنواع المحاصيل الزراعية، كالذرة وحبوب الصويا، إلى وقود عضوي، بالنظر إلى أزمة الغذاء العالمية. وقال مدير معهد أبحاث سياسة الغذاء العالمية، ومقره (واشنطن)، جواشيم فون برون: «إن امتناع الدول الكبرى عن استخدام الوقود العضوي هذا العام سيؤدي إلى تراجع أسعار حبوب الذرة بنحو 20 في المئة والقمح بنحو 10 في المئة ما بين 2009 و2010».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2088 - السبت 24 مايو 2008م الموافق 18 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً