النفط أو البترول (كلمة مشتقة من الأصل اللاتيني، أول من اكتشفه هو مناجلية فاروق في الجزائر في بوحجار بيترا والذي يعني صخر، «أوليوم» والتي تعني زيت)، ويطلق عليه أيضا الزيت الخام، كما أن له اسما دارجا «الذهب الأسود»، وهو عبارة عن سائل كثيف، قابل للاشتعال، بني غامق أو بني مخضر، يوجد في الطبقة العليا من القشرة الأرضية. وأحيانا يسمى نافثا، من اللغة الفارسية («نافت» أو «نافاتا» والتي تعني قابليته للسريان). وهو يتكون من خليط معقد من الهيدروكربورات، وخاصة من سلسلة الألكانات (وهي مركبات هيدروكربونية أليفاتية مشبعة، وتعد هذه المركبات أقل المركبات الهيدروكربونية نشاطا في الظروف العادية، ولذلك سميت قديما البارافينات أي قليلة الميل للتفاعل)، ولكنه يختلف في مظهره وتركيبه ونقاوته بشدة من مكان إلى آخر. وهو مصدر من مصادر الطاقة الأولية المهم للغاية (إحصاءات الطاقة في العالم). والبترول هو المادة الخام لعديد من المنتجات الكيماوية، بما فيها الأسمدة، مبيدات الحشرات، اللدائن.
وتم حفر أول بئر للنفط في بوحجار - الجزائر - في القرن الرابع الميلادي أو قبل ذلك. وكان يتم إحراق الزيت لتبخير الماء المالح لإنتاج الملح. وبحلول القرن العاشر، تم استخدام أنابيب الخيزران لتوصيل الأنابيب لمنابع المياه المالحة.
في القرن الثامن الميلادي، كان يتم رصف الطرق الجديدة في بغداد باستخدام القار، الذي كان يتم إحضاره من من ترشحات البترول في هذه المنطقة. وفي القرن التاسع الميلادي، بدأت حقول النفط في باكو (أذربيجان) بإنتاجه بطريقة اقتصادية لأول مرة. وكان يتم حفر هذه الحقول للحصول على النفط، وتم وصف ذلك بمعرفة الجغرافي ماسودي في القرن العاشر الميلادي، وأيضا ماركو بولو في القرن الثالث عشر الميلادي، الذي وصف النفط الخارج من هذه الآبار بقوله إنها مثل حمولة مئات السفن.
ويبدأ التاريخ الحديث للنفط في العام 1853، باكتشاف عملية تقطيره. فقد تم تقطير البترول والحصول منه على الكيروسين بمعرفة إجناسى لوكاسفيز، وهو عالم بولندي. وكان أول منجم زيت صخري يتم إنشاؤه في بوربكا، بالقرب من كروسنو جنوب بولندا، وفي العام التالي لذلك تم بناء أول معمل تكرير (في الحقيقة تقطير) في يولازوفايز، وكان أيضا عن طريق لوكاسفيز. وانتشرت هذه الاكتشافات سريعا في العالم، وقام ميرزوف ببناء أول معمل تقطير في روسيا في حقل الزيت الطبيعي في باكو العام 1861.
وبدأت صناعة النفط الأميركية باكتشاف إيدوين دريك للزيت في العام 1859، بالقرب م تيتوسفيل - بنسلفانيا. وكان نمو هذه الصناعة بطيئا نوعا ما في القرن الثامن عشر الميلادي، وكانت محكومة بالمتطلبات المحدودة للكيروسين ومصابيح الزيت. وأصبحت مسألة اهتمام قومية في بدايات القرن العشرين، عند بداية استخدام محركات الاحتراق الداخلية، ما أدى لزيادة طلب الصناعة بصفة عامة على النفط. وقد استنفدت الاكتشافات الأولى في أميركا في بنسفانيا وأونتاريو، ما أدى إلى «أزمة زيت» في تكساس، أوكلاهوما، كاليفورنيا.
وبالإضافة إلى ما تم ذكره، فإنه بحلول العام 1910 تم اكتشاف حقول نفط كبيرة في كندا، جزر الهند الشرقية، إيرانو فينزويلا، المكسيك، وتم تطويرها للاستخدام صناعيا.
وعلى رغم ذلك وحتى العام 1955 كان الفحم أشهر أنواع الوقود في العالم، وبدأ النفط أخذ مكانته بعد ذلك. وبعد أزمة طاقة 1973 وأزمة طاقة 1979 ركزت وسائل الإعلام على تغطية مستويات إمدادات النفط. وأدى ذلك لإلقاء الضوء على أن النفط مادة محدودة ويمكن أن تنفد، على الأقل كمصدر طاقة اقتصادي قابل للحياة.
وفي الوقت الحالي، فإن أكثر التوقعات الشائعة مفزعة، وفي حالة عدم تحقق هذه التوقعات في وقتها، تتم تنحية هذه التوقعات تماما كطريقة لبث الاطمئنان، ومثال ذلك تنحية التوقعات المفزعة لمخزون النفط والتي تمت في السبعينيات من القرن العشرين. ويظل مستقبل النفط كوقود محل جدل. وأفادت الأخبار بالولايات المتحدة (2004) أنه يوجد ما يعادل استخدام 40 سنة من النفط في باطن الأرض. وقد يجادل البعض بأن كمية النفط الموجودة محدودة. ويوجد جدل آخر بأن التقنيات الحديثة ستستمر في إنتاج الهيدروكربونات الرخيصة وأن الأرض تحتوي على مقدار ضخم من النفط غير التقليدي، مخزون على هيئة رمل قطراني، حقول بيتيومين، زيت طفلي وهذا سيسمح باستمرار استخدام النفط لفترة كبيرة من الزمن.
وحاليا فإن 90 في المئة تقريبا من احتياجات السيارات للوقود يتم الوفاء بها عن طريق البترول. ويشكل البترول تقريبا 40 في المئة من الاستهلاك الكلي للطاقة في الولايات المتحدة، ولكنه يشكل تقريبا 2 في المئة فقط في توليد الكهرباء.
وقيمة البترول تكمن في إمكانية نقله، كمية الطاقة الكبيرة الموجودة فيه، والتي تكون مصدرا لمعظم المركبات، وكمادة أساسية في العديد من الصناعات الكيمياوية، ما يجعله من أهم البضائع في العالم. وكان الوصول لحقول النفط سببا في كثير من التشابكات العسكرية، بما فيها الحرب العالمية الثانية وحرب العراق وإيران. وتقريبا 80 في المئة من مخزون العالم من النفط يتواجد في الشرق الأوسط، وتقريبا 62.5 في المئة منه في خمس دول: السعودية، الإمارات، العراق، الكويت، إيران. بينما تمتلك أميركا تقريبا 3 في المئة.
مستقبل النفط
نظرية قمة هوبرت، تعرف أيضا باسم «قمة البترول»، وهي محل خلاف فيما يخص الإنتاج والاستهلاك طويل المدى للزيت وأنواع الوقود الحفرية الأخرى. وتفترض أن مخزون النفط غير متجدد، وتتوقع أن إنتاج النفط المستقبلي في العالم يجب حتما أن يصل إلى قمة ثم ينحدر بعدها لاستمرار استنفاد مخزون الزيت. وهناك كثير من الجدل بشأن ما إذا كان الإنتاج أو بيانات الاكتشاف السابقة يمكن أن تستخدم في توقع القمة المستقبلية.
ويمكن اعتبار الموضوع ذا قيمة. فقد لاحظ إم. كينج هوبرت أن الاكتشافات في الولايات المتحدة وصلت إلى قمة في الثلاثينيات من القرن العشرين، وعلى هذا توقع وصول الإنتاج إلى قمته في السبعينيات من القرن العشري. واتضح أن توقعاته صحيحة، وبعد وصول الولايات المتحدة لقمة الإنتاج في العام 1971 - بدأت في فقدان السعة الإنتاجية - ولم تستطع منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وقتها الحفاظ على الأسعار، ما أدى لأزمة الزيت العام 1973. ومنذ هذا الوقت وصلت مناطق عديدة لقممها الإنتاجية، مثلا بحر الشمال في التسعينيات من القرن العشرين. وقد اكدت الصين أن 2 من أكبر مناطق الإنتاج لديها بدأت في الانحدار.
ولأسباب عديدة - أهمها عدم الشفافية في الإبلاغ عن المخزون الحقيقي في العالم - من الصعب توقع كمية مخزونات الزيت في أي منطقة بالعالم.
إن النفط ثروة قابلة للتجديد، فهو في تشكل مستمر في الأحواض الرسوبية، إلا أن وتيرة الاستهلاك الحالي التي تقدر بـ3.5 مليارات طن سنويا وهي أكبر بألف مرة من وتيرة التجديد والنفط والذي نستهلكه الآن تشكل في عصور غابرة (ما قبل 500 مليون سنة)، واذا استمر هذا الاستهلاك في الارتفاع فإن أقصى حد لانتهاء هذه الثروة هي سنة 2060، بحسب بعض التوقعات.
تقييم أسعار النفط
المرجع في سعر النفط غالبا ما يرجع إلى السعر الوقتي إما لسعر (دبليو. تي. أي - الخام الخفيف) في بورصة نيويورك (New York Mercantile Exchange NYMEX)، أو سعر البرنت في بورصة البترول العالمية (International Petroleum Exchange IPE) لتسليمات سولوم فو.
ويعتمد سعر برميل الزيت على درجته (والتي تحدد بعوامل مثل الثقل النوعي أو API، ومحتواه من الكبريت) وموقعه. والغالبية العظمى من الزيت لا يتم الاتجار بها في البورصة، ولكن عن طريق التعامل المباشر بين السماسرة (Over-the-counter trading)، وغالبا ما يتم هذا قياسا على نقطة مرجعية للزيت الخام تم تقييمها عن طريق وكالة التسعير (بلاتس). فمثلا توجد في أوروبا درجة معينة من الزيت، ولتكن فولمار، يمكن أن تباع بسعر «برنت + 0.25 دولار للبرميل). وتزعم (IPE) أن 65 في المئة من التعاملات في سوق الزيت تتم من دون الرجوع لتقييمها لخام البرنت. كما أن هناك تقييمات أخرى مهمة، منها دبي، تابيس، وسلة الأوبك. وتستخدم إدارة معلومات الطاقة بالولايات المتحدة السعر المتوسط لكل أنواع الزيت الوارد إلى الولايات المتحدة «كسعر الزيت العالمي».
وهناك زعم بأن «أوبك» تقوم بتسعير الزيت، والسعر الحقيقي للبرميل تقريبا نحو 2.0 دولار أميركي، وهو ما يعادل قيمة استخراجه في الشرق الأوسط. وهذه التقديرات لسعر البرميل تتجاهل سعر التنقيب وسعر تطوير مستودعات النفط.
وتعتمد الطلبات على الزيت بشدة على الظروف الاقتصادية في العالم، وهذا أيضا عامل أساسي في تحديد أسعار الزيت. وأرجع بعض رجال الاقتصاد قلة معدل النمو العالمي إلى زيادة أسعار النفط، وهذا يعني أن العلاقة بين سعر الزيت والنمو العالمي ليست ثابتة بطريقة محددة، على رغم أن ارتفاع سعر الزيت غالبا ما يعرف على أنه كظاهرة متأخرة تحدث في آخر الدورة.
وتم الوصول إلى نقطة أسعار منخفضة في يناير/ كانون الثاني العام 1999، بعد زيادة الإنتاج في العراق مقترنا بالأزمة الاقتصادية التي حدثت في آسيا، ما أدى لانخفاض الطلب على الزيت. ثم زادت الأسعار بعد ذلك بطريقة كبيرة، حتى أنها تضاعفت بحلول سبتمبر/ أيلول العام 2000، ثم بدأت في الهبوط بحلول أواخر العام 2001، ثم زيادة بمعدل ثابت حتى وصل سعر البرميل من 40 دولارا أميركيا إلى 50 دولارا أميركيا بحلول سبتمبر العام 2004. وفي أكتوبر/ تشرين الأول العام 2004، تعدى سعر تسليمات الخام الخفيف في نوفمبر/ تشرين الثاني تقديرات بورصة نيويورك ووصل إلى 53 دولارا أميركيا للبرميل، ولتسليمات ديسمبر/ كانون الأول وصل إلى 55 دولارا أميركيا، ثم بدأ سباق الأسعار وصولا إلى أكثر من 135 دولارا.
خدمة ويكيبيديا المعلوماتية
العدد 2095 - السبت 31 مايو 2008م الموافق 25 جمادى الأولى 1429هـ