أكد رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري أن البحرين لا تحتمل هيكليا صحفا جديدة لأن الإنفاق الإعلاني في المنطقة لا ينمو باطراد، مشيرا إلى ضرورة استقراء ما أطلق عليه «جغرافيا الوضع القائم» قبل البدء في أي مشروع إعلامي. وفي الوقت الذي حذر فيه الجمري من خطر الصحف التي تدخل إلى السوق الصحافية وهي غير مكترثة للخسائر والأرباح لأنها مدعومة من جهات بعينها من أجل غرض سياسي، أشار إلى التوجه نحو تعيين أشخاص في مفاصل حيوية في الدولة بمسميات إدارة العلاقات العامة لكي يملكوا نفوذا واسعا للسيطرة على منافذ هذه الهيئات.
من جانبه قال رئيس هيئة تحرير صحيفة «الوقت» إبراهيم بشمي إن الصحافة أصبحت حاليا مرهونة للإعلان أكثر من ارتهانها للدولة نفسها، مشيرا إلى أن مهمة الصحافة ليست هي إدارة الأزمة، وإنما التعامل معها وتغطيتها.
جاء ذلك في جلسة العمل بشأن تطبيقات الإدارة بالسيناريو في القطاع الإعلامي التي قدمت ضمن أعمال الملتقى الخليجي الثاني لممارسي العلاقات العامة الذي يختتم أعماله اليوم.
وتناولت أوراق العمل التي تم تقديمها في اليوم الأول نماذج لتطبيقات الإدارة بالسيناريو في كل من القطاعات الحكومية، الإعلامية، والأكاديمية. فيما جلسات اليوم تطبيقات الإدارة بالسيناريو في كل من قطاعات تنظيم الفعاليات الكبرى، القطاع الصناعي، وقطاع المراسم والبروتوكول.
وتحدث رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري من جانبه عن تطبيقات الإدارة بالسيناريو في القطاع الإعلامي، مشيرا إلى أنها ليست من الأمور المستخدمة كثيرا واقعيا في القطاع الإعلامي، فإدارة الأعمال وتخطيط المستقبل تستخدم غالبا في القطاع المصرفي إذ يقوم عمله عبر استقراء الواقع. كما تستخدم في القطاع النفطي أيضا عبر السيناريوهات التي وضعها وزير شئون النفط والغاز عبدالحسين ميرزا لخطة عمل الوزارة وخياراتها في قضايا بعينها تخص النفط والغاز.
وأضاف «إن وضع استراتيجية للمؤسسة يتطلب وضع تصور شامل للمستقبل، ويهم في ذلك التعرف على الحقائق الموجودة اليوم وذلك بعد وضع الحقائق جميعها على الطاولة وإعطائها بعد مستقبلي».
وفي مجال العمل الإعلامي أوضح الجمري أن من الضرورة بمكان استقراء ما أطلق عليه «جغرافيا الوضع القائم»، والتي تبين ما إذا كان بالإمكان التوسع في المستقبل وكيف يمكن ذلك، وهل ستخلق المدن الاستثمارية الجديدة مجالا خصبا للصناعة الإعلامية في المستقبل.
وشدد الجمري كذلك على ضرورة استقراء الوضع العسكري من حيث وجود استعدادات أو تهديدات من نوع ما في منطقة بعينها، إذ إن ذلك برأيه سيكون مؤشرا مؤثرا على مستقبل هذه الصناعة بشكل أو بآخر. وضرب في هذا الصدد المثل بما حصل في موانئ دبي التي كانت على وشك طرح كمية ضخمة من الإعلانات، غير أنه بمجرد الشك بوجود حرب تغير كل شيء. وأكد الجمري ضرورة استقرار الوضع السياسي من أجل ازدهار الصناعة الإعلامية، والتيقن من الأجواء السياسية ما إذا كانت منفتحة ومتصالحة أم لا.
وحذر الجمري من خطر الصحف التي تدخل إلى السوق الصحافية وهي غير مكترثة للخسائر والأرباح لأنها مدعومة من جهات بعينها من أجل غرض سياسي،لأنها تؤثر على السوق الصحافية والمنافسة فيه.
كما تطرق في حديثه إلى عدم وجود استراتيجية إبداعية في المجال الاقتصادي، إذ يعتمد هذا المجال غالبا على أسلوب تقليد ما هو قائم بالفعل من مشروعات. وأضاف «المجال الصحافي مليء بالمعوقات، فكثير من الصحافيين يلجأون في النهاية للتفرغ لكتابة أعمدة أو الاكتفاء بنظام العمل الجزئي نتيجة لعدم وجود مردود مادي جيد من المهنة، مع وجود بعض الاستثناءات المخلصة للمهنة والتي تتميز بالحرفية العالية وتحمل المسئولية والبعد عن الأحقاد... النقص هنا يأتي من خلال عدم وجود عمليات تدريب كافية للكوادر الجديدة».
وتعليقا على مراكز العلاقات العامة قال الجمري: «ما يجري حاليا هو تعيين أشخاص في مفاصل حيوية في الدولة لكي يملكوا نفوذا واسعا للسيطرة على منافذ هذه الهيئات كمديرين للعلاقات العامة حتى لو لم تكن لهم خبرة في هذا المجال، فتعيينهم يتم على أساس خلق مناصب لاختراق النفوذ».
وأكد الجمري أن البحرين لا يمكن أن تحتمل «هيكليا» صحفا جديدة، إلا إذا كانت ذات هدف سياسي. مشيرا إلى أن الإنفاق الإعلاني في المنطقة لا ينمو نموا مضطردا، فقد وصل ذروته في العام 2004، ثم تراجع باضطراد ليعود في العام 2008 إلى ما كان عليه في 2004 تقريبا. مشيرا إلى أن مركز البحرين من الإنفاق الإعلاني عربيا تراجع من المركز الرابع في العام 2004 إلى المركز التاسع في العام 2008، وهو المؤشر الذي اعتبره مهما للغاية في تحديد مستقبل وسائل الإعلام في هذه المنطقة. واختتم بقوله: «البحرين تمتلك مستقبلا كبيرا على مجال العلاقات العامة الذي يمكن أن يخلق ألف فرصة عمل مجزية في المستقبل، بشرط وجود كوادر مهنية مدربة وفاعلة».
رئيس هيئة تحرير صحيفة «الوقت» إبراهيم بشمي قال من جانبه في مداخلته إن مهمة الصحافة ليس أن تدير الأزمة، ولكن أن تتعاطى وتتفاعل معها وتغطيها بالشكل الصحيح. وتطرق بشمي أيضا إلى قانون الصحافة والنشر الذي لم يتم إقراره بعد، مشيرا إلى أن القانون ألغى عقوبة الحبس الواردة في الفصل المتعلق بقضايا النشر، لكنه يحيل هذه القضايا في النهاية لقانون العقوبات أو قانون الإرهاب، والتي تصل العقوبات فيها إلى 10 سنوات حبس أو السجن المؤبد.
وفي رده على أحد أسئلة الحضور عن تحكم المعلنين في محتوى وسائل الإعلام قال بشمي: «لا يمكن إلا لثلاث مؤسسات أن تشكل مؤسسة إعلامية غير معتمدة على الإعلانات، إما أن تكون الحكومة، أو حزب معين يهمه تسويق أفكاره وليس الإعلانات، أو تكون هناك جهة تملك وقفا خيريا لصالح تأسيس هذه المؤسسة الإعلامية... المعلن حقيقة تعتمد عليها كل المؤسسات الإعلامية التي تقوم على أسس اقتصادية صحيحة. ما يحصل حاليا هو أن وكالات الإعلان أقوى من الصحف، إذ أصبحت الصحافة مرهونة للإعلان أكثر من ارتهانها للدولة نفسها».
وتحدث رئيس تحرير صحيفة «أخبار الخليج» من جانبه عن الإشكالية التي تتعرض لها الصحافة غالبا في صراعها مع المعلنين ومحاولتهم السيطرة وتوجيه محتوى الصحيفة. مشيرا إلى أن الصحافة لا يمكن أن تقوم بدورها في تغيير المجتمع إذا لم تكن هي بنفسها قابلة للتغير ومتابعة المستجدات التكنولوجية منها والسياسية.
من جانبه بين الرئيس السابق لديوان الخدمة المدنية أحمد البحر إن العلاقات العامة لكي تؤدي دورها بحرفية فلابد أن تكون لها رسالة وأهداف وخطة عمل لتحقيق تلك الأهداف والتي تبنى عادة على الاستراتيجية العامة للمؤسسة وأهدافها. وأشار إلى أن العلاقات العامة هي المرآة التي تعكس المنظمة ونشاطها وحرفية العالمين فيها، إذ يمكن أن تعمل على تعزيز ثقة المتعامل مع المؤسسة ويمكن أن تقوم بحسن نية بخلق التشويش وعدم اليقين والشك لدى المتعامل لذلك يجب أن يكون الكادر العامل في هذه الوحدة الإدارية برأيه محترفا ويعمل بثقة ووضوح، مع الأخذ في الاعتبار التركيز على اتباع نهج المبادرة وليس على ردة الفعل والتعامل مع وسائل الإعلام بمبدأ الإيجابية دائما وحسن النية.
وفي ورقة عمل قدمها بشأن تطبيقات الإدارة بالسيناريو من المنظور الأكاديمي بين أستاذ الإعلام في جامعة العلوم والتكنولوجيا في دولة الكويت مسعود الكندري قال إن السيناريو هو وصف لمجموعة من الأحداث التي يمكن أن تقع بشكل منطقي، وأنه ليس تكهنا بالمستقبل ولكنه توقع منطقي للأحداث بناء على معطيات مسبقة. مبينا أن الهدف من بناء السيناريو هو تحفيز التفكير في الأحداث المتوقعة والافتراضات التي تربط بين هذه الأحداث، والفرص والمخاطر الممكنة، والمسارات التي يمر بها الحدث.
من جانبها قالت أستاذ العلاقات العامة والإعلام في جامعة البحرين ليلى الصقر إن مفهوم إدارة الأزمة يعني التطبيق العملي للرؤية الاستراتيجية للعلاقات العامة، وعرفت الأزمة على أنها «فترة حرجة أو حالة غير مستقرة يترتب عليها حدوث نتيجة مؤثرة، وتنطوي في الأغلب على أحداث سريعة وتهديد للقيم أو للأهداف التي يؤمن بها من يتأثر بالأزمة».
مشيرة إلى أن «الحلم الأكاديمي» في تطبيق العلاقات العامة كخطة استراتيجية محكمة يتجسد جليا في إدارة الأزمات. وأشارت أيضا إلى وجود نقلة جوهرية في العلاقات العامة أكاديميا إلى علم إداري استراتيجي وليس مجرد ترويج ومهارات اتصالية تسير بطريقة عشوائية. موضحة أنه على رغم إهمال هذا المفهوم لدى الكثير من ممارسي العلاقات العامة، فإنه أصبح التفكير الاستراتيجي ليس شعارا رنانا وإنما ضرورة ماسة عند الحديث عن إدارة الأزمات.
فيما تحدث مدير عام الإدارة العامة للدفاع المدني بوزارة الداخلية العميد خالد العبسي عن تطبيقات الإدارة بالسيناريو في شركة نفط البحرين «بابكو» في حادث تسرب واشتعال بئر الغاز رقم ( 380).
العدد 2097 - الإثنين 02 يونيو 2008م الموافق 27 جمادى الأولى 1429هـ