العدد 2101 - الجمعة 06 يونيو 2008م الموافق 01 جمادى الآخرة 1429هـ

الدراما التركية هوس جديد على الساحة الفنية

الموسم المقبل غالبية مواليده من البنات سيلقبن بنور، أما الصبيان فاسم مهند سيكون الخيار الأول لقائمة الأسماء المقترحة.

نور ومهند بطلا مسلسل «نور» التركي الذي تعرض حلقاته مرارا وتكرارا على شاشة إحدى المحطات العربية، هو الصرعة الجديدة في عالم المسلسلات المدبلجة.

فبعد أن حزمت «كساندرا» و«ماريا مارسيدس» و«لويس ديفيد» أمتعتهم ورحلوا عن غالب شاشاتنا بحواراتهم المدبلجة إلى اللغة العربية الفصحى، والتي لا تعرف من الفصاحة سوى بعض الكلمات العربية البسيطة التي يبدأ أطفالنا تعلم الحديث من خلال تردادها.

وصل إلى ربوع تلفزيوناتنا وافدون جدد أقرب لثقافتنا بدرجة ما، وحواراتهم هذه المرة تدور بلهجات بلاد الشام. كما أن التجاوزات التي كنا نراها في المسلسلات المكسيكية والفنزويلية مثلا من شح في الملابس، وكثرة التجاوزات الأخلاقية غير المقبولة في مجتمعاتنا، أتت مع الأتراك أقل ظهورا مما كنا نشاهده في مسلسلات سكان أميركا اللاتينية، وإن كان الأمر لا يخلو من تنورة قصيرة تعبر من هنا، أو من بعض المعانقات والقبلات ما بين الممثلين والممثلات هناك.

غير أن النموذج التركي الذي يمكن القول عنه انه بات أحد أبرز العناوين في الساحة الفنية هذه الأيام، توسط ما بين النموذجين، نموذج الدراما العربية ونموذج المسلسل اللاتيني المدبلج، من دون أن يطبع بالكامل بصفات أحدهما، فمواضيعه وإن تنوعت تفاصيلها وارتقت عما كان يقدم على لسان المكسيكيين، فالأتراك تطرقوا في هذه المسلسلات لبعض المواضيع كالبطالة والعلاقات الاجتماعية والفقر... إلا أنه مع ذلك لم يستطع تجاوز أساس ولازمة هذه المسلسلات الطويلة التي قد تمتد أحداثها لمئات الحلقات، فالحب والعشق والعشاق محور أساسي لا يتم من دونه المسلسل.

في مقابل الأتراك فإن منتجي ومخرجي أميركا اللاتينية رسموا عبر مسلسلاتهم صورة لحياة أسر ومجتمعات بلدانهم، بأنهم شعب يكادون لا يعرفون حبا حقيقيا لأحد غير خادماتهن الطيبات والمظلومات لأقصى حد، أو على الأقل فتيات من الطبقة الفقيرة المسحوقة المعذبة، ولا بد للبطلة الجميلة جدا أن تفقد طفلا أو قريبا... شيئا من هذا القبيل بسبب عجرفة وتعنت أم البطل أو زوجة أبيه البرجوازية المتسلطة، وهلم من هذه المآسي التي تكاد لا تبدأ حتى تنتهي.

ولعل التلفزيونات التي تبث المسلسلات التركية ستوفق في عرضها لهذا اللون الجديد بعدد كبير من المتابعين، وخصوصا أن الفئات التي كانت تستهدفها بالدراما المكسيكية مثلا ملت تكرار القصص والأحداث، التي تكاد تتطابق أكثر من كونها تتشابه في بعض الأمور.

فهم بعرضهم للمسلسل التركي يحققون عدة أمور منها أنهم يعرض على الشاشة مسلسلا طويل الحلقات، يحتوي على مقومات الإثارة والتشويق التي كان يتابعها المشاهد في السابق لدى «كوادا لوبي» و «ماريا» و «أنطونيتا»... وإن كانت الأمور هذه المرة تغيرت قليلا فالمشاهد الممتهنة للأخلاق أقل في المسلسلات الجديدة، وحبكة الأحداث تقترب في بعض الأحيان من واقعنا. وبالنتيجة النموذج التركي «موضة جديدة» على الساحة يمكن إتخام المشاهدين بها حتى إشعار آخر.

ولعل من الطريف أن نرى المسلسلات التركية اليوم دبلجت للهجة السورية عوضا عن العربية الفصحى، فإذا عدنا بالزمن لعدة سنوات خلت لتذكرنا الأزمة الدبلوماسية التي نشبت ما بين سورية وتركيا بسبب مسلسل «أخوة التراب»، الذي تدور أحداثه عن الوجود العثماني في المناطق العربية وخصوصا في سورية، ويتطرق المسلسل في سرده للأحداث إلى وحشية الأتراك في التعامل مع السوريين من مجندين ومدنيين. إلا أن هذه الأزمة الدرامية ما هي إلا ذكريات ماضٍ، فالأتراك اليوم في بيوتنا ويعرفهم غالبية مشاهدي التلفزيون صغارا وشبانا وكهولا.

وإن كان عرض مسلسل «كاسندرا » قبل ما يقارب العشر سنوات للمرة الأولى على شاشة إحدى المحطات الرسمية في دولة عربية، قد حول ساعة بث المسلسل لفترة تنشط فيها السرقات، بحكم أن المشاهد الذي لم يعتد أن يشاهد مسلسلا متحررا إلى هذه الدرجة من قبل، تابع بشكل غريب وبشغف كبير الأحداث تاركا مشاغله لعبث اللصوص والعابثين. فيا ترى إلى أين سنصل مع مسلسلات الأتراك؟!

العدد 2101 - الجمعة 06 يونيو 2008م الموافق 01 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً