العدد 2105 - الثلثاء 10 يونيو 2008م الموافق 05 جمادى الآخرة 1429هـ

جنيف وصناعة الإحباط

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

الجدال الذي رافق عرض الأوراق المقدمة من الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية في اجتماع مجلس حقوق الإنسان العالمي، وخصوصا تلك التي تعلقت بانتقاد الآلية الجديدة التي تعتبر مجمل الأوراق المقدمة من قبل هذه المنظمات والهيئات مجرد وثائق مرفقة دون أن يكون لها ذكر في التوصيات النهائية.

الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة الذي استحوذ على حصة الأسد في المداخلات تطرق إلى العديد من الموضوعات، البعض منها حدد نقاطا مركزية تستحق الاهتمام والمتابعة وهي بالتأكيد خروقات وملاحظات مهمة لابد من أن تحظى بالاهتمام والمتابعة، والبعض الآخر من ملاحظاته كانت تتصف بالمبالغة التي لم يكن الخواجة محتاجا لتضمينها في مداخلاته أمام المجلس.

أصاب الخواجة في بعض ما ذهبت له مداخلاته وأخفق في بعض، لكن الذي يبقى محوريا في مجمل ما تحدث به هو أن ملف «التمييز» سيبقى الملف الأهم والذي كان يجب أن يحظى بالأولوية في المناقشات الدائرة حول ملف حقوق الإنسان داخل البحرين.

المعارضة التي قدمت المزيد من التنازلات على الصعيدين الدستوري والقانوني لا تستطيع أن تزيد من تنازلاتها عبر إغلاق هذا الملف دون ضمانات قانونية صريحة حول أن هذا الملف الشائك - والذي هو أخطر من الملف الدستوري وأكثر خطورة - سينتهي بالتزام حكومي مفاده أن العديد من الإدارات والمؤسسات والوزارات ستنهي مظاهر التمييز الطائفي فيها. وهو ما يتطلب في المستوى الأول أن تعترف الدولة بوجود التمييز وأنه ليس كما صرح البعض بأنه حالة طبيعية موجودة في جميع التجارب بل تمييز ممنهج يعتمد على الفصل الطائفي الفاقع وهو ما يتعارض مع التوصيات التي خرج بها التقرير النهائي في جنيف.

يتفاوت اليوم مستوى استقبال نتائج ما حدث في جنيف، فهناك من يعتقد أن المعارضة والجمعيات الحقوقية قد نجحت في تدويل قضاياها انطلاقا من جنيف، والبعض الآخر يعتقد أن الحكومة استطاعت تجاوز هذا الاختبار بأقل الخسائر، وأن خيارها في أن يكون الوزير نزار البحارنة تحديدا على رأس وفودها قبالة الخواجة كان خيارا ذكيا وموفقا. وما خلا أن ننشغل منساقين لعقلية الحروب بمن استطاع المرور من جنيف منتصرا وبمن رمى بأوراقه للأرض دون فائدة، يبقى مستوى الإحباط الشعبي تجاه ما جرى الحدث الأكثر أولوية بالملاحظة، فالدولة التي لا تريد أن تعرف بسياساتها التمييزية هنا وهناك لا تدري أن شارعها لا يقرأ ملف التمييز باعتبارها مسلمة تاريخية قبلها الآباء الأوائل وسيقبلها الأبناء بالضرورة بل إنه شارع يدرك أن الوقت غير الوقت، وأن القانون الدولي غير القانون، وأن الدولة غير الدولة، وأن الناس غير الناس، وأن الإجماع الدولي على مكافحة التمييز بين الناس غير الإجماع، وأخيرا، أن ما مرره الآباء لن يقبل به الأبناء.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2105 - الثلثاء 10 يونيو 2008م الموافق 05 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً