العدد 2547 - الأربعاء 26 أغسطس 2009م الموافق 05 رمضان 1430هـ

الزمن في اللغة العربية

يضم هذا الكتاب بحثا نظريا يقوم على تحليل مفهوم النظام الزمني في اللغة العربية، وتنويع أطره، لمعالجة مختلف مظاهره المتعلقة بتركيبه ودلالته وكيفية التداول به، وذلك للوقوف على العوائق التي تقف في وجه المقاربة التقليدية للنظام الزمني العربي، والتي لا تقوى على كشف الخصائص العامة لهذا النظام.

تحاول الدراسة أن تطرح بالوصف والتحليل والبحث مواضيع عدة تطال مثلا كيفية بناء اللغة العربية لنسقها الزمني، والعناصر المكونة للنظام الزمني العربي، وكيفية تفاعلها ومستوى هذا التفاعل، وأهم الآليات التي تؤدي لتخصيصه، وكيفية اشتقاق الإحالة الزمنية في تراكيب وبنى اللغة العربية، وكيفية حساب سمات الزمن وبحسب أي نظام حسابي موجه، كما أنها تحاول الإجابة على أسئلة من نوع: هل هناك قيود ومبادئ مشتركة بين اللغات في تركيب الزمن؟ وكيف تتباين الأنساق الزمنية للغات؟ ومتى يلتبس الزمن في تراكيب اللغة العربية، وهل تشتغل الإحالة الزمنية في الخطاب بشكل مماثل لاشتغالها في الجمل؟ وغيرها.

نظّم الباحث المحتوى العام لهذا العمل في بابين موزعين على خمسة فصول. الباب الأول ويبحث في المقاربات التقليدية للإحالة الزمنية، وهي: مقاربة النحاة العرب القدامى، ومقاربة الاتجاه الوصفي، ومقاربة المستشرقين، ولقد حرص «على استخلاص الفرضيات الكبرى التي حكمت النظام الزمني العربي وإبراز المشاكل النظرية والتجريبية التي تعترض هذا الصنف من المقاربات...»، ومن ثم يطرح المقاربات اللسانية الحديثة من خلال المنظور المنطقي، والدلالي والتركيبي والتداولي. أما الباب الثاني فيتوخى الإجابة عن الأسئلة التي تم طرحها، في دراسة شمولية لبنية كل من الزمن، والجهة والوجهة في اللغة العربية، وإجراء لعملية تصنيفها، ووضع استراتيجية بناء السلاسل الزمنية، كما يتضمن دراسة لمختلف العلاقات الزمنية في الخطاب.

يقول الباحث: إن البعدين الذاتي والموضوعي شكلا بالنسبة إليه دافعا وحافزا لهذه الدراسة، فـ»الارتباط بموضوع الزمن تحرّكه هواجس فلسفية ووجودية دفعتنا باستمرار إلى التأمل في لغزه في مستويات متعددة»، أما «الأدوار التي تلعبها دراسة الزمن في اللغة العربية في الانفتاح على قضايا متعددة في اللسانيات العربية، فهي باب للدخول في المتاهات الجميلة والباذخة لخريطة المعارف اللسانية والحاسوبية والمعرفية والمعاصرة».


60 دقيقة معهم

جمعت الكاتبة الصحافية والإعلامية النشيطة في هذا الكتاب، ثلاثين حوارا مع شخصيات إعلامية بارزة، لعبت أدوارها وأتقنتها، وكان لها تأثيرها ليس في لبنان وحسب إنما على مستوى الوطن العربي. إعلاميات وإعلاميين شكّلوا ومازالوا يشكّلون «سلطة بنجوميتهم، بحضورهم الفاعل على الساحة الإعلامية، بآرائهم، بقدرتهم على نقل الأفكار إلى ضيوفهم واستنباط الأجوبة والمواقف: مذيعين، ومراسلين، وصناع مشهد تلفزيوني...» حاورتهم الكاتبة وانتقت حواراتهم «من بين كمّ من الحوارات» التي أجرتها خلال تجربتها الاحترافية في مهنة زاولتها في وسائل الإعلام المختلفة، وتعتبرها «عشق وشغف قبل أن تكون عملا ومصدر عيش»، وذلك لتبرز خصوصية وأسلوب كل من ضيوفها، وتنقل للقارئ متعة فن الحوار واكتشاف الآخر، كما قيمة المعرفة والفائدة، ولتؤكد على مفهومها للحوار الصحافي وأدبياته وقوانينه كمثل اعتماد الجرأة بأدب وأخلاق، وأمانة النقل والندّية والاحترام والتحضير المسبق وغيرها. من بين هذه الشخصيات الإعلامية العديدة التي سيضطلع القارئ على حصيلة تجاربها، ومعرفتها وآرائها، من خلال ردودها على أسئلة المحاورة: ريكاردو كرم الذي «يمتلك فن الحوار الراقي والهادئ ومفاتيحه بعيدا عن الصخب والاستعراض»، والذي قال عن نفسه «لست نجما ولا أعيش حياة النجوم، بل في منتهى البساطة بين أصدقائي ومعارفي...»، وماغي فرح الواحدة «في كل المطارح ـ صادقة وعذبة... تستقبلك بحذر وتودعك على الباب»، والتي علمتها الحياة «أن العالم ليس مدينة أفلاطون»، ومارسيل غانم الذي أوضح «أنا عفوي بطبيعتي، وضحكتي ليست مفتعلة»، وسلطان سليمان الذي يعي أن صورته على الشاشة لا تبرز مرونته ولطافته فيقول «ربما شكلي يظلمني بعض الشيء، ثمة قسوة في ملامحي، لكنه مجرد إطار خارجي لداخل أكثر مرونة»، وسيمون أسمر الذي بالرغم من موهبته ومكانته «ظلّ قابضا على تواضعه طوال تلك الأعوام»، والذي «شرّع أبوابه لكل أنواع الحروب، حروب المهنة، حروب الفن، والبيزنيس.»، وجيزيل خوري التي ضاعف الموت من إيمانها بالحياة، والتي لم يغب عنها سمير قصير، فهو موجود معها «في كل ثانية بشكل أو بآخر»، وماتيلدا فرج الله «المشاكسة»، والتي تعتبر أن «هناك دائما من ينجح على حساب آخرين». بطريقة محببة، وبذكاء ومحبة وشغف بالمهنة وبحب المعرفة والاكتشاف، تنقل الكاتبة للقارئ في هذا الكتاب، وعن طريق حوارات سلسة ومسئولة، محصولا ونتاجا واسعا وغنيا لتجارب عملية ولخبرات شخصيات مميزة اختارت الإعلام مهنة وطريقا لاكتشاف الحياة.


إصلاح الأمم المتحدة في ضوء المسيرة المتعثرة للتنظيم الدولي

«من الطبيعي أن يختلف أداء المنظمة في كل مرحلة من مراحل تطور النظام الدولي»، فالوضع الدولي والتحالفات التي فرضتها ضرورات الحرب العالمية الثانية والتي أدت إلى نشأة هذه المنظمة الدولية، تغيرت وتغير معها أداء هذه المنظمة التي اضطرت إلى التأقلم في كل مرة مع التحولات الدولية، وكان لها القدرة على تطوير أساليبها والتكيّف مع الأوضاع الجديدة التي يفرضها إرساء نظام عالمي جديد، «دون أن تضطر لإدخال تعديلات جوهرية على ميثاقها». لكن وفي ظل النظام الدولي الراهن، حيث أصبح للعالم قطب وحيد تمثله السياسة الأميركية المتطرفة والتي تخفي «طموحات بالهيمنة المنفردة على العالم، وهو ما يتناقض في جوهره مع فلسفة الأمن الجماعي التي يقوم عليها الميثاق»، مما يجعل أداء منظمة الأمم المتحدة أكثر صعوبة، وقد لا تتمكن من لعبه «إلا بعد إجراء إصلاحات جذرية قد تتطلب مراجعة شاملة للميثاق نفسه».

يُعنى هذا الكتاب بطرح جميع جوانب هذا الموضوع الهام، ويقدّم كاتبه المحلل السياسي أمين عام منتدى الفكر العربي، دراسة موضوعية هادفة «كي يلّم القارئ بطبيعة التحديات الراهنة في النظام الدولي، وطبيعة الإصلاحات المطلوبة لمواجهتها، وعليه أن يدركها في سياقها التاريخي، أي في ضوء المعضلات العامة التي واجهت وما تزال تواجه تنظيم المجتمع الدولي».

وللإحاطة بهذا الموضوع الدقيق والشامل، يبدأ الكاتب دراسته بفصل تمهيدي حول مسيرة التنظيم الدولي قبل الأمم المتحدة، ويتضمن إنجازات القرن التاسع عشر في هذا المجال، وتجربة «عصبة الأمم». ويقسّم محتواها إلى أبواب ثلاثة، طارحا في الباب الأول الظروف العالمية التي أدت إلى النشأة الديناميكية للمنظمة، والتحالفات الدولية التي أقيمت حينها وتلك التي أدت إلى التوافق على ميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى التحولات التي طرأت على الأمم المتحدة في زمن الحرب الباردة. في الباب الثاني، يطّلع القارئ على أوضاع المنظمة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والنمط الجديد التي اضطرت إلى انتهاجه في إدارة الأزمات بعد احتلال الكويت، كما على المأزق الفعلي التي وجدت نفسها تتخبط فيه، إذ أيُّ أمن جماعي يمكنه الاستتباب في نظام دولي ذي قطب واحد؟ وأي حقوق للإنسان يمكن تحقيقها، في زمن باتت هذه الحقوق ذريعة للتدخل في حرمات الدول الأخرى، بهدف الهيمنة المطلقة. يقدّم المحلل في الباب الثالث، رؤية سياسية، تشّخص العلل وتقترح العلاجات الممكنة، وتضع أسسا لإصلاح الأمم المتحدة تفرّق بين الواقع والطموح، ومتطلبات التنظيم الدولي في زمن العولمة، وترسم آفاقا له بعد انهيار مشروع الهيمنة المنفردة.

يخلص هذا الكتاب المليء بالمعلومات القيّمة والتحاليل المنطقية والأسلوب الواضح السلس، إلى «أن النظام الدولي بدأ يدخل مرحلة جديدة أكثر قابلية للدفع بقضية إصلاح التنظيم الدولي عموما، والأمم المتحدة على وجه الخصوص».

العدد 2547 - الأربعاء 26 أغسطس 2009م الموافق 05 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً