العدد 2550 - السبت 29 أغسطس 2009م الموافق 08 رمضان 1430هـ

سياسة المناكفة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعل من الأمراض التي نشهدها في جوانب من الخطاب السياسي في البحرين هي ظاهرة «المناكفة»، إذ تسمع وتقرأ بيانات وشعارات وتصريحات الهدف منها مناكفة الآخر والتهكم عليه، أو إطلاق السخرية اللاذعة، أو إهانة الرمزيات الاجتماعية أو الدينية أو السياسية، بحيث يمكن أن نقول إن لدينا الآن «صناعة متكاملة» للمناكفة، وهذه الصناعة يشترك فيها عدد غير قليل من مختلف الأطراف.

لا يقتصر الأمر فقط على إصدار بيانات متتالية لا معنى لها، وإنما يتعدى الأمر أكثر من ذلك. ولو أخذنا بعض الأمثلة على ذلك، سنرى كيف أن مثل هذا الوضع لا يعتبر سليما. فمثلا، نقرأ لأحد النواب المناكفين في كل شيء لفئة من المجتمع اتهامه لجمعية سياسية بأنها تناصر المتمردين في اليمن (هكذا بصورة مجانية ومن دون أي شعور بالإحساس أو بما ستؤول إليه مثل هذه التصريحات)، وهذا النائب لا يتوقف عن إصدار البيانات اليومية التي تستهدف المناكفة فقط. على الطرف الآخر، نقرأ بيانات بأسماء كثيرة لجهات معارضة، وفي كثير من الأحيان الأسماء جميعها تمثل جهة أو جهتين، والهدف منها مناكفة الحكم في كل شيء بحيث يتحول هدف العمل السياسي إلى إحراج السلطة في أي شيء. المشكلة في سياسة المناكفة أنها حركة غير هادفة، بل إنها عدمية... ففي سؤال وجه الى أحد المناكفين: «ماذا لو استجاب الحكم للطلب الذي ترفعه حاليا؟»، وكان جوابه «سأبحث عن مطلب آخر وسأرفعه».

المناكفون ينتشرون في البيئة السياسية التي تعاني من المجاعة في الفكر وفي التعاطي السليم مع المشكلات التي تمر بها الأمة. فنرى مثلا أن السلطة لا تعير أي اهتمام لمجموعة من المواطنين التزموا القانون واحترموا أنفسهم واعتصموا 535 يوما لإيصال صوتهم بشأن وعود إسكانية مكتوبة وتم النكث بها، ولكن السلطة تجاهلتهم تماما... وعندما تتجاهل السلطة من يلتزم بالقانون فإنها تشجع المناكفين على دخول الساحة، لأنهم وحدهم الذين يستطيعون إيذاء السلطة عبر وسائلهم الخاصة.

السلطة تتحمل جانبا كبيرا من المشكلة، لأنها تقوم بتربية ورعاية وتمويل وحماية (وربما توجيه وقيادة) عدد غير قليل من المناكفين الذين يقفون معها ضد فئات من المجتمع وضد المعارضة، وبالتالي فإن لكل فعل رد فعل، والنتيجة هي إفساح المجال للأطراف المعارضة لكي ترد الصاع صاعين.

كثير من المثقفين ومن المدركين لتعقيدات الأمور يحاولون الدخول على الخط من أجل حلحلة القضايا قبل أن تتطور أكثر، ولكن أبواب الحكم «موصدة» أمامهم، وليس لهم سبيل سوى الانزواء والابتعاد عن الساحة، ومن ثم يترك الأمر ما بين مناكفي المعارضة ومناكفي السلطة. والنتيجة هي أن السلطة (أو من بيده القرار) يفقد قدرته على التأثير السياسي الحضاري، ويلجأ بعدها الى استخدام قوة المال (لشراء الأشخاص والجماعات)، وقوة القمع لتسيير شئونه... ولكن كل ذلك يكون على حساب فقدان السمعة الحسنة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2550 - السبت 29 أغسطس 2009م الموافق 08 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 5:34 م

      الي متي ستراعي الحكومة الي صوت الناس

      في الحقيقة لم نقرء في التاريخ ان نظام سياسي يريد ان يتخلص من شعبة مثل ماتريدة الحكومة اليوم لشعب البحرين لان للاسف لاحياة لمن تنادي الحومة اغلقت مسامعها لدرجة كل شئ في البحرين اصبح غريب حياة الناس غريبة عجيبة بدأت الناس تستخف وتجن من هذة الممارسات واصبحت الناس تكلم نفسها وتنتظر الفرج واليوم سمعنا عن سقوط شاب وشابة اثر ازمة قلبية توفوا هل تعتقد ان زيادة الموت الفجأة او الازمات القلبية بدون سبب لا والف لا ولكن هناك اسباب جوهرية وهو هموم في نفوس الشعب بسبب الكبت تنفجر النفوس وتموت الي متي يحدث

    • زائر 13 | 1:16 م

      جزاك الله خير

      د منصور كل ما تناولتة في الموضوع صحيح إلي متي سنعيش المناكفات السياسية والطائفية . وفي إعتقادي هذا يرجع إلي الجمعيات السياسية (الدينية) والتي من المؤسف تجير أي موضوع سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي إلي المحور الديني أو الطائفي . بدليل الردود التي قرأتها بعد مقالك وهذا يقودنا إلي فكر الفرد والعوامل المحيطة والمؤثر عليه في الوقت الراهن أرجو منك أن تتناول فكر الفرد في الوقت الحالي . وشكرا علي هذا الطرح

    • زائر 12 | 12:02 م

      شكرا

      الشكر موصول للدكتور منصور الجمري الذي يمثل صوت الحق والحقيقة ، وجزاك الله عنا كل خير.

    • بحراني أصلي | 10:20 ص

      الاصرار على الظلم

      هذا من فضل الحرية والشفافية التي حصل عليها هذا المواطن الضعيف المغلوب على امره فلمسئولون يتلاعبون بعقول الناس ويتمادون يوم بعد يوم في شتى خدمات المجتمع والغريب في الامر ان السلطة تعلم بذالك وهو عكس التوجيهات التي يوصى بها . وشكرا يادكتور

    • زائر 11 | 10:03 ص

      ما هو الحل؟

      دكتور منصور انت أول من علم الناس المناكفة فهل نسيت مناكفتك للسلطة عندما رفعت شعار لو يجري بحر من دم عيسى قمبر لن يعدم و بذلك اغلقت باب التفاوض حول هذه القضية. كما انك ناكفت السلطة حول المعتقلين و حول المطالب السياسية و حول البرلمان. الان يبدو التحول واضح في خطابك و ذلك زمان قد مضى ما هو بنظرك الحل للخروج من ازماتنا و ما هو الحل لايقاف المناكفات الحكومية و المعارضة من اجل مصلحة البحرين؟

    • زائر 10 | 8:10 ص

      المنكفون

      الوطن أصبح هزيل والسبب هو عدم الارتقاء الى مستوى الأنسانية فكلنا مقصرون ونعالج الأمور بعصبية زائدة تقودنا الى التشرذم والفرقة لماذا لانر في هذا الوطن الا الحثالة التي تتكلم بأسم المواطن على مفترق مشاربهم فأين الرجال الذين يسعون لتحكيم العقل والمنطق في كل الضروف أم لكل زمان دولة ورجال.

    • زائر 9 | 6:15 ص

      أتفق معك...محرقية

      بغم متابعة الأحداث إلا اننا نفهم بعض ما يدور في الساحة السياسية ...ولكن عندما نقف عند مقالاتك يا دكتور تجعلنا نستوعب وندرك كل الألاعيب السياسية بل بكل حكمة تطرح المشكلة والحل المناسب الذي يعجز عن توصيله كثير من السياسين الكبار المحسوبين على البلاد...لذا فأنا دائما اتفق معك..

    • زائر 8 | 4:06 ص

      اللة المستعان،،،

      صباحك الخير دكتور
      المناكفة يــا دكتور ويا اخوان سياسة حكومية وجزء من مؤامرة منهجية تمشي وفق خطة رستمتها جهات متنفذة في الدولة بمرئي ومسمع الكل وهناك من يمشي بها في طريق التنفيذ ولكلً دورة في هذه المؤامرةالقذرة (التقرير) وبما انه تحت مرئي القضاء وغير مسموح النقاش حولة فإذا هو القاضي فمن تقاضي؟؟ فالهدف واضح جدا بالنسبة لهم وهو اقصاء الطرف الاخر من المعادلة ولو على حساب الوطن الذي بات المرض نتخر عضامة تحت شعار بلد الامان وطن الكرام
      والله المستعان،،،

    • زائر 7 | 3:47 ص

      اطروحاتك يادكتور اخذت مداها الكافي

      فهل لك ان تجزي فئة كبيرة من هذا الشعب الفقير الذى صار صوته وجيبه فى خبر كان يادكتور دعك من مما ذكرت فلن تصلح الاناء المخزوم اطلاقا فعليك التطلع لمصلحة الافراد الذين هؤلاء قد نلوا منهم بمافيه الكفاية من توصيلهم الى مراتبهم ومراكزهم فأين انت يادكتور من بؤس الجائع والصائم فى شهر الله وهو عاطل وعائل ومفلس ينتظر فرج علاوة الغلاء التى وان صرفت سدت ضمأ اولاد الفقراء المحتاجين الذين لايرجون منكم لاعطفا ولاشكورا بل انصافا لما قسمتم به اما الهي والاهكم ورحم الله والدك والدنا الجليل برحمته

    • زائر 6 | 3:33 ص

      مقال جيد

      مقال جيد ولو تستمر الصحيفة في النأي بنفسها عن ضرب المختلفين عنها مثلما حدث في الأيام الفائتة من مقالات تساهم تأزيم الأمور وتضخيمها، فإنه الخيار الأفضل لها، لتكون في الوسط دائما. والفاتحة لروح أبيك وأبينا الجمري رحمة الله عليه.

    • زائر 5 | 3:12 ص

      مثل الذآب

      بسمه تعالى
      شكرا اليك استاذي
      امثال هذا النائب يذكرني بالذئب ينتضر اي هفوة من فريسته(سكان البحرين الاصليين) كيف لا وهو
      يلاقي تشجيعا من اربابه والضوء الاخضر من المسؤلين في بلادنا....
      قاتلك الله ياا ابا جهل
      وحشرك الله مع احبائك

    • زائر 4 | 3:07 ص

      نقولها الف مرة

      نقولها الف مرة والتاريخ والاعلام المقرئ والمسموع والمنظور كلها تشهد بماحصل بداية الاصلاح كيف كانت والفرصة التي وجدت لم تستغل من قبل السلطة والا كيف حمل الناس جلالة الملك حتى كاد سيارته ان تصل الى السماء ولكن فجاتا تغير كل شئ وعادت الامور بصراحة الى الاسوء في كثير من الامور رغم وجود كل هذه الحرية النسبية ما اعتقد ان هناك مناكفة اكثر من السلطة والقشة التي قصفت البعير التراجع الكبير من قبلها والادهى من دلك وقوفها في الانتخابات لقوى رجعية معروفة ادت الى هذا الحال

    • زائر 3 | 3:03 ص

      آسف..

      الاخ الكاتب صحيح ما قلته..لكن الا ترى ان يوجد مناكفين في الوطن بأجمله..فهناك من يناكف في السياسه و الرياضه و الاجتماع..فمثلا من يناكف و يطالب بل أفراج عن من قتل او خرب او اعتدى على املاك الدوله و الشعب..
      و يبقى الرد مجرد وجهة نظر..

    • زائر 2 | 12:29 ص

      ما لنا قيمة

      اعتصموا 535 بلا نتيجة لأن ما لهم قيمة في هذا الوطن , الوطن صار محسوب على ناس و ناس .. الله يعين
      .. حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 1 | 10:38 م

      سياسي قارىء للواقع

      بارك الله فيك كفيت ووفيت

اقرأ ايضاً