العدد 2024 - الجمعة 21 مارس 2008م الموافق 13 ربيع الاول 1429هـ

تسويق الممنوع

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

لا شك في أن الأزمة التي أثيرت بشأن قائمة من عناوين الكتب التي رفضت إدارة المطبوعات والنشر الإفراج عنها طويلا، ثم أطلق وزير الإعلام جهاد بوكمال سراحها لتجد لها مستقرّا بين رفوف معرض البحرين الدولي الثالث عشر للكتاب، تحوّلت إلى نعمة على مؤلفي هذه الكتب، بعد أن كانت نقمة. فتلك العناوين التي أثارت جدلا طويلا، حفّزت القارئ البحريني للبحث عنها بين آلاف مؤلفة من عناوين الكتب الأخرى على طريقة «كل ممنوع مرغوب». ولو كان صاحب القرار في منع صدور هذه الكتب سابقا يفكر على المدى البعيد، لعلم بأنه قام من حيث يدري أو لا يدري بتسويق تلك الكتب التي اعتبرها «غير صالحة للانتشار».

لعل أول كتاب في هذه القائمة هو كتاب الأكاديمي نادر كاظم عن «استعمالات الذاكرة في مجتمع تعددي مبتلى بالتاريخ»، والذي سبق أن تحفّظت عليه إدارة المطبوعات في وزارة الإعلام مما أثار أزمة طويلة عريضة بينها وبين عدد من المثقفين ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين، وصل فيه الأمر إلى توقيع بيان مشترك للإفراج عن الكتب الموقوفة لدى إدارة المطبوعات في الوزارة.

رواية «عمر بن الخطاب شهيدا» للروائي البحريني عبدالله خليفة أطلق سراحها هي الأخرى لتظهر في المعرض في يومه الثاني، في وقت لم يكن يتوقع لها الظهور بعد أن سُدت أمامها الأبواب. وبقدر ما دار حول هذه الرواية من جدل، بقدر ما يتوقع أن تتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعا في معرض هذا العام، الذي شهد حتى اليوم إقبالا كبيرا من الزوار من البحرين وجيرانها.

ما قام به وزير الإعلام من إطلاق سراح هذه العناوين الممنوعة، يصبّ في خانة الخطوات الكثيرة التي قام بها أخيرا لتحريك المياه الراكدة بشأن موضوعات ترتبط ارتباطا مباشرا بمهمات وزارته المتعددة، ليس من حيث التطوير «التقني» و «البشري» فحسب، وإنما على أساس من حرية التعبير والنشر والذي يجب أن تبنى عليه أي وزارة تعنى بشكل أو بآخر بالثقافة أو بالإعلام أو ما يرتبط بهما.

وعلى رغم تأكيدات الوزير المستمرة من عدم وجود رقابة «مسبقة» على ما يقدم من عناوين في معرض الكتاب الدولي، وعلى رغم ما نلمسه من صحة ذلك فيما يعرض من كتب إلى حد بعيد، لايزال البعض يتحدث عن قائمة من الكتب «الممنوعة» التي يُحضر أن تعرض في معارض الكتاب في البحرين بحجّة أنها تثير نزعات طائفية أو مذهبية. إن رفض الرقابة المسبقة على المطبوعات أيّا كانت مطلب ليس جديدا، وقد تجاوزته كثير من المجتمعات، فالأصل في تداول المطبوعات هو السماح وليس المنع، وأما الرقابة المسبقة التي تمنع تداول كتاب ما بأيّ حجّة، فهو أمر لا يعكس روح الجو المتطور من حرية التعبير التي نعيشها في البحرين. أما تهمة «إثارة الطائفية» التي تلتصق ببعض العناوين فهي تهمة نسبية يفسرها كل فرد حسبما يشاء ولا قاعدة قياسية لها بالمطلق. ولا يمكن استخدام تهمة العصر «الطائفية» لتكون مدخلا للمنع بدلا من أن تكون بابا للفهم وتلاقح الأفكار، وإلا عدنا للبداية، وقمنا بتسويق تلك العناوين التي منعناها؛ لأن الجمهور سيحصل عليها بشكل أو بآخر.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2024 - الجمعة 21 مارس 2008م الموافق 13 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً