العدد 263 - الإثنين 26 مايو 2003م الموافق 24 ربيع الاول 1424هـ

في ندوة مجلس الجزاف... مناشدة عاهل البلاد بفتح مسرح الجزيرة

كان مشهد اللقاء عن الوضع الثقافي في البحرين، ومسئولية وزارة الإعلام تجاهه مساء السبت جزافيا بامتياز في مجلس الجزاف، وكان مسرح الجزيرة المغلق والمجمد بجانب مجلس الجزاف مختصر الحال الثقافية، إذ أراد أعضاء مجلس إدارة مسرح الجزيرة أن يجيروا المجلس إلى صالحهم، فتلخصت مطالبهم في مناشدات إلى عاهل البلاد بالتدخل وفتح مسرح الجزيرة، واعتبر النداء لعاهل البلاد هما شعبيا على حد تعبير من أطلق هذه المناشدة، فيما غابت الهموم الثقافية الأخرى، عدا بعض الشذرات من النواب وبعض الحضور هنا وهناك عن الوضع الثقافي العام.

إلا أن أكثر الأمور إثارة للانتباه، في ظل الجو المحرقي الصاخب بالمطالب، ولاسيما مطالب الاستقالة الأثيرة لدى أهل المحرق والاستجواب للوزراء، إذ وقع الدور هذه المرة على وزير الإعلام نبيل الحمر، فكانت المطالبة إلى النواب «بالاستجواب العدل» إلى الوزير الحمر الذي يؤدي إلى المحاسبة على التقصير والإقالة حسب تعبير أحد المتداخلين، وليس الاستجواب الركيك الذي يزيد من تعنت الوزراء في الإجابة على أسئلة النواب، وأكد هذا الرأي النائب فريد غازي، عندما اعتبر جواب وزير الإعلام على سؤال النائب إبراهيم العبدالله بشأن الوضع الثقافي البحريني غير مقنع، وكان غازي تمنى أن يسأل الوزير مرة أخرى عن الوضع الثقافي، إلا أن اللائحة الداخلية - بحسب غازي - لا تجيز للنائب السؤال في موضوع تقدم به نائب آخر.

أما النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون، فقد وجد نفسه أمام هذا الجو المشحون بالأسئلة والإثارات يطلق صيحته بالقول: لا أجد نفسي هنا نائبا من النواب، محكوما باللوائح المقيدة، والممنوعات والمحذورات الدائمة، وإنما أنا هنا بينكم، أعيش همومكم نفسها، وأتنفس مثلكم هواء حرية التعبير.

وبدأ مرهون مداخلته بالقول إن المشهد الثقافي في البحرين يختلف عن المشهد السياسي الذي يثير الجدل والاختلاف الدائم، فعناصر الاتفاق في المشهد الثقافي أكثر من عناصر الاختلاف إلا أنه عاد وذكر أن المشهد الثقافي الحالي ليس فيه ما يستحق الذكر، وإنما هو - بحسب مرهون - ثقافة سطحية تعتمد الاستغفال للثقافة الوطنية التي تمتلك مقومات الثقافة، وهي قريبة من قلوب الناس، وتتمثل في ثقافة التضحية والنضالات.

ولفت مرهون إلى وجود عناصر وشخوص ثقافية هي موضع فخر واعتزاز، لكننا لا نجد لها ذكر في الإعلام الرسمي، ولا في المدونات التاريخية إلى هذا البلد، مبينا أن البحرين شهدت منذ قرنين من الزمان حضورا متميزا لعلماء الدين والفلاسفة، إذ كان يجتمع أكثر من 900 فقيه وعالم دين في الحفلات العامة، ومنهم الشيخ يوسف البحراني، والشيخ ميثم البحراني الذي كان فيلسوفا، وخاض في الكثير من العلوم الفلسفية، وقدم آراء عصرية مقارنة بعلوم عصره.

وفي هذا السياق، أثنى مرهون على كلام المستشار الثقافي لعاهل البلاد محمد جابر الأنصاري الذي دعا إلى تكريم شخصية الشيخ ميثم البحراني بصفته فيلسوفا ومفكرا كنا نجهل عنه الكثير، موضحا أن الطابع الديني لم يكن هو الطابع الغالب فقط على هؤلاء العلماء، وإنما كان غالبية هؤلاء العلماء مرتبطين بعصرهم، ويقاومون الاحتلال البرتغالي للبحرين آنذاك، ومنهم الشيخ الفقيه الفلاح حسن الدمستاني، الذي كان يمتلك ثقافة أدبية عصرية وراقية.

من جهة أخرى، طالب مرهون بأن يعتبر شهداء الوطن الذين سطروا النضالات بدمائهم وشعرهم أمثال الشاعر الشهيد سعيد العويناتي، والشهيد القصاص أحمد الإسكافي ومحمد بونفور وغيرهم جزءا من المشهد الثقافي في البحرين، منبها إلى أن إنتاجهم الأدبي لم يتم تناوله إلى الآن، فهم يمثلون تطلعات شعبية وحركة نضالية ممتدة حتى وقتنا الحاضر، ويجب علينا أن نعيد صوغ المشهد الثقافي بما يضعهم في المقدمة.

كما دعا مرهون إلى ضرورة الاستفادة والاستغلال إلى الثقافة الحسينية في بعدها القيمي والفني لا الطقوسي، وإعادة الاعتبار لحركة الإنتاج الأدبي المبدع، مؤكدا أن شعبنا قادر على خلق المبدعين إذا ما قدروا، وقادر أيضا على توليد أفكار عصرية وحداثية.

من جانبه، أشار النائب فريد غازي إلى أن المشهد الثقافي في البحرين، لا نجد من يوليه الاهتمام الحقيقي من قبل الدولة، فآخر ما تهتم به الحكومة هو المشهد الثقافي، والدليل على ذلك - بحسب غازي - هو الشق المتعلق بالمشهد الثقافي في برنامج الحكومة، ورد وزير الإعلام نبيل الحمر على سؤال النائب إبراهيم العبدالله الذي اعتبره غير مقنع أبدا. وقال غازي: إن شعب البحرين يمتلك قدرات ثقافية متنامية، ولا نجد صدقية من القائمين على الثقافة في وزارة الإعلام في تقديرهم وإنصافهم إلى هؤلاء المبدعين، منبها إلى أن المشهد الثقافي ليس شعرا ولا مسرحا ولا حركة إعلامية، وإنما هو حراك اجتماعي جاء مع بروز النوادي الثقافية في العشرينات، إلا أن هذه الحركة الثقافية اختفت ونضبت هذه الأيام.

وتساءل غازي: هل نضبت ساحتنا الثقافية من المثقفين؟ وأجاب: نعم، نضبت، لأننا كل همنا في الأمور المعيشية، فالمجالس والديوانيات التي تتناول الشأن السياسي العام صورة من الحراك الثقافي والسياسي بحسب غازي، ولكن: أين المسارح والمراكز الثقافية كما تساءل؟ فالمهتمون بالمسرح كانت لديهم فكرة مسرح وطني منذ عقد السبعينات، وبدأت تنتقل من عقد إلى عقد، حتى 1996 حينما وعدت وزارة الإعلام بإنشاء هذا المسرح على أيام وزير الإعلام السابق فاروق المؤيد، إلا أن هذه الفكرة انتقلت إلى أجندة وزارة الإعلام السابقة على هذه الوزارة، ثم إلى الوزارة الحالية ولم تنفذ بعد.

وأضاف فمخطط المسرح على طاولة الوزير، ولم يتم تحريكه، وكل ما نسمعه أن هناك مخططا لمسرح سيقام على أرض منطقة المتحف، وذلك غير كاف، لأنه سيضيق عمل الفرق المسرحية التي تريد استثماره، ويحصره في الأنشطة الرسمية داعيا إلى ضرورة احتضان هذا المسرح إلى الفنون كافة بما فيها المعارض التشكيلية والثقافية سواء من الدولة أو الأهالي، لأن أرض الصالة الثقافية التي خصصت لهذه الأعمال آلت إلى المؤسسة العامة للشباب والرياضة.

وشدد غازي على عدم وجود رعاية حقيقية وأكاديمية للثقافة، إذ أكد أن الجميع بدل الرعاية للمشهد الثقافي أصبح يتكلم بأسلوب طائفي، وكان جيلنا لا يعرف معنى الطائفية، فلم يكن يعرف الواحد منا أن زميله في الدراسة من المذهب الآخر، أما اليوم، أصبح التلاميذ الصغار في المدارس يقولون لنا بابا هذا سني، وهذا شيعي. ودعا غازي المسئولين في وزارة الإعلام إلى احتضان الكوادر المثقفة والمبدعة من دون تمييز بين مذاهبهم، مبينا أن من اعتلوا أرقى المناصب في وزارة الإعلام هم بعيدون كل البعد عن المشهد الثقافي، في حين أبعد مبدعون لأنهم مثقفون، ويمتلكون رؤية ثقافية مختلفة عن توجه وزارة الإعلام

العدد 263 - الإثنين 26 مايو 2003م الموافق 24 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً