العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ

الصورة الإحصائية للحركة الإسلامية (1)

يمكننا النظر إلى الحركة الإسلامية من خلال ما تتبناه من أفكار رئيسية، ومدى شيوع هذه الأفكار في المجتمع، وكذلك مدى شيوع الأفكار التي لا تنتمي للحركة الإسلامية في المجتمع.

وتلك الصورة يمكن أن ترسم لنا مسار تطور التفاعل الحادث بين الحركة الإسلامية والمجتمع، وبالتالي مسار التفاعل بين الحركة الإسلامية والأمة، من خلال وضع تصور عن مجتمع محدد، وليكن المجتمع المصري، على أساس أنه يمكن أن يكون نموذجا تقريبيا لما يحدث في المجتمعات الأخرى.

وحتى نتمكن من رسم صورة تقريبية سنركز على فكرة مركزية محددة، ونرسم لها درجات وجودها على مقياس متدرج، أي مسطرة؛ حتى نتمكن من رسم تصور إحصائي لمدى تواجد كل درجة من الدرجات عبر فترة زمنية؛ لنحدد صورة التحولات الحادثة في تلك الفترة.

ونفترض أن أهم قضية مركزية في مشروع الحركة الإسلامية تتعلق بدور الأحكام الدينية في المجال العام ومدى الالتزام بها، ونفترض إمكانية قياس مدى الالتزام بالأحكام الدينية على مقياس من خمس درجات، يبدأ بأقصى درجات الالتزام، وينتهي بعدم الالتزام.

وحتى نميّز بين هذه الدرجات بصورة بسيطة سنحدد درجة الالتزام بمجال الثوابت والمتغيرات؛ إذ إن كل نظام في الحياة له ثوابته أي المبادئ الأساسية التي يقوم عليها، وله متغيراته وهي القضايا الفرعية التي تتغير من فترة إلى أخرى، ويفترض في كل نظام أن المتغيرات تتبع الثوابت، ويبقى السؤال حول مصدر الثوابت والمتغيرات، ومدى ما يستمد من الدين، باعتباره حكما دينيا، ومدى ما يترك للاجتهاد البشري.

وسنعرف الفئات الخمس كالآتي:

الفئة الأولى: وهي التي تستمد كل الثوابت والمتغيرات من أحاكم الدين، وتعتبر ما تصل له حكما دينيا نهائيا.

الفئة الثانية: وهي التي تستمد كل الثوابت وبعض المتغيرات من الدين، وتترك مساحة للاجتهاد في بعض المتغيرات.

الفئة الثالثة: وهي التي تستمد كل الثوابت من الدين، وتترك كل المتغيرات للاجتهاد.

الفئة الرابعة: وهي التي تستمد بعض الثوابت من الدين، وتترك بعض الثوابت وكل المتغيرات للاجتهاد.

الفئة الخامسة: وهي التي لا تستمد أيا من الثوابت أو المتغيرات من الدين.

بالطبع تحتاج هذه الفئات لتحديد ماهية الثوابت والمتغيرات، ولكن هذه قضية أخرى؛ فالغرض من تلك الفئات هو رسم صورة إحصائية لتواجد الحركة الإسلامية بمختلف تياراتها، وأيضا يلاحظ أن هذا المقياس تم بناؤه على أساس أن المجتمع في غالبه متدين، ودور الدين حاضر فيه، لذا لم يتم تفصيل درجات البعد عن الدين بقدر ما تم تفصيل درجات الالتزام بأحكام الدين في الحياة العامة؛ لهذا نجد أن دور الدين حاضر بدرجة أو أخرى في الفئات الأربع، ولا يغيب إلا في الفئة الخامسة فقط.

ومن خلال نظرية التوزيع الطبيعي الإحصائي يفترض أن يتم توزيع المجتمع على درجات أي مقياس علمي على شكل منحنى يتصاعد ثم يهبط، فيصبح معظم الناس في المتوسط، وبعضهم على الطرف الأيمن، وبعضهم على الطرف الأيسر، فإذا كانت فئات المقياس المقترح دقيقة علميا فسيكون نسب توزيع المجتمع على الفئات السابقة هي: 2.5 في المئة في الفئة الأولى، 15في المئة في الفئة الثانية، 65 في المئة في الفئة الثالثة، 15 في المئة في الفئة الرابعة، وأخيرا 2.5 في المئة في الفئة الخامسة.

وعليه يكون هذا التوزيع هو الحالة الطبيعية التي تتحقق في المجتمع، عندما يتحقق فيه قدر معقول من الاستقرار لتوجهاته العامة.

وبما أن الدين يمثل القضية المركزية في مجتمعاتنا، لذا نتصور أن الاستقرار الثقافي والحضاري يتحقق عندما تستقر قضية دور الدين في الحياة طبقا للتوزيع الإحصاء السابق.

العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً