العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ

أصل تسمية «بني جمرة»

ساد الاعتقاد في البحرين أن القرى التي لها تسميات قريبة من قبائل قديمة هي في الأساس فرعا من تلك القبيلة استقرت في هذه المنطقة و أسست قرية عرفت بعد ذلك باسمها. فعلى سبيل المثال قرية دار كليب الذي ربطها البعض بقبيلة كليب. و قد تطرق الدكتور فضل العماري لقبيلة كليب و أكد أنه لا توجد علاقة بين كليب التي في البحرين بقبيلة كليب فلا يوجد دليل تاريخي يؤكد ذلك. و بالمثل قريبة بني جمرة التي ربطت بجمرات العرب. وقد عزز هذه الفرضية الدكتور مهدي التاجر في أطروحته عن لهجة البحارنة. إلا أنه يوجد عدة ملاحظات تجعل من هذه الفرضية غير محتملة من ذلك:

1 - جمرات العرب غير متفق عليها أي القبائل هي كما يقول جواد علي في كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام:»و إذا تأملت كلام العلماء في جمرات العرب، تجده يصادم بعضه بعضا حتى إن الواحد منهم يذكر عددا، ثم يذكر عددا غيره في موضع آخر من كتابه»، حتى قال: «وعندي إن للعواطف القبلية دخل في هذا الاضطراب، فمن النسابين من تعصب لقبيلة».

2 - لا يوجد أي دليل تاريخي على أن أي من «جمرات العرب» هاجرت للبحرين و استقرت بها.

3 - لم تعرف جزيرة البحرين تعصب قبلي، بل أضرت القبائل للاندماج مع المجموعات الأخرى متنازلة عن التعصب القبلي. و ما يفهم من تعريف القبيلة التي تسمى جمرة كما أورده جواد علي أن التسمية نتجت من العصبية القبلية و رفض القبيلة الاندماج مع غيرها من القبائل.

إذا من أين أتت تسمية بني جمرة؟. ذكرت في كتابي «تاريخ مسجد الخميس» عن تطور نظام البيوتات في القرن الثاني عشر، و كيف ظهرت جماعة تعرف باسم «بني معالي» أسست مسجد الخميس الذي أصبح بمثابة مركز تعليمي و قيادة دينية يتم توارثه، و قد تحولت في ما بعد سلالة «بني معالي» لسلالة حكام حكمت البحرين. إن مثل هذا النظام أنتشر في تلك الحقبة و خاصة أوساط الشيعة. فتأتي جماعة من عائلة واحدة تأسس مسجد بمثابة مركز يعرف باسمها. ربما يرى البعض في تسمية «بني جمرة» أنها اقرب للقبلية، و لكن برجوع للنظام الذي ساد في القرن الثاني عشر، فإنها تسمية قريبة من تسمية جماعة دينية أسست مسجد أو مركز ديني في القرية، حتى عرفت القرية باسمهم.

و عادة ما يبنى المركز على قبر أو مجاور لغرفة قبر تكون في إحدى أركان المسجد ملاصقة لجدار القبلة. هذه مجرد فرضية و لكن لا يوجد ما يعارض صحتها.

ما أشتهرت به بني جمرة

أشتهرت بني جمرة في الماضي بمهنتين، صناعة النسيج و صناعة البرستج. و قد أستمرت شهرة القرية بصناعة النسيج.

صناعة النسيج

صناعة النسيج ليست طارئة على البحرين فلها تاريخ عريق.

تاريخ النسيج

صناعة النسيج في البحرين قديمة جدا، و لا نعلم بالتحديد متى بدات، فهناك نصوص قديمة وردت في حضارة بين النهرين تشير لإستيراد المنسوجات من دلمون (Haerinck 2002)، إلا أننا لا نستطيع تأكيد هذه المعلومةبصورة قطعية. أما المؤكد أن صناعة النسيج كانت معروفة في البحرين منذ الفترة الأخمينية أي القرنين السادس و الخامس قبل الميلاد.

النسيج في الفترة الأخمينية

تم العثور في قبور يرجع تاريخها للفترة الأخمينية، و غالبا ما تكون قبور نساء، على أدوات مصنوعة من العظام و والعاج، و ما يهمنا هنا الأدوات المصنوعة من العاج التي تمث مخارز و مغازل و فلكات المغازل، و ربما تم إستيراد هذه المواد من شبه القارة الهندية، و قد استخدمت هذه المغازل في غزل الصوف و ربما القطن أيضا (Lombard 1999). و قد اثبتت دراسات النباتات الأثرية التي أجريت في قلعة البحرين أن شجيرات القطن كانت موجودة في البحرين منذ الفترة الأخمينية.

النسيج في الفترة الهلنستية

يقول الفيلسوف ثيوفراستس (372 ق.م - 287 ق.م) عن جزيرة تايلوس في كتابه تاريخ النباتات Historia Piantarum:

«ويقولون إٍن شجرا « يحمل الصوف» (نبات القطن) ينمو بكثرة في هذه الجزيرة أيضا، وله ورق يشبه ورق الكرمة، لكنه صغير وليس له ثمر، إٍلا أن الوعاء (الجوزة) الحاوي «الصوف»، يحاكي حجمه حجم تفاح الربيع، ومغلق، ومتى نضج، ويخرج منه الصوف الذي يحيكون منه أقمشة لهم، بعضها رخيص، وبعض ها ثمنه مرتفع جدا».

و يأكد هذه المقولة بليني Pliny أو بلينس الأكبر Plinus (23 م - 79 م) في الكتاب السادس من مصنفّه التاريخ الطبيعي Natural History (الذي كتب سنة 77 ميلادية) في سياق وصفه لجزيرة تايلوس حيث يقول:

«وتنمو على هضبة عليا في الجزيرة ذاتها، أشجار تحمل الصوف‘ لكن بطريقة مختلفة عن أشجار الصين، لأن أوراق هذه الأشجار ليس عليها ثمر، ويمكن أو يظّن أنها أوراق كرمة لولا أنها أصغر منها، لكنها تحمل قرعا؟ بحجم السفرجلة. يتفتّح متى نضج، ويكشف عن كرات زغب، يصنع منها قماش غالٍ للثياب».

و بذلك يأكد لنا ان صناعة النسيج كانت رائجة في جزر البحرين.

النسيج في الفترات الإسلامية

هناك إشارات أن صناعة النسيج أستمرت و تطورت في البحرين و ماحولها، يقول لمبارد أن البحرين و جنوب الجزيرة ظلت تنتج المنسوجات القطنية بعد الإسلام و تصدرها لمصر و اثيوبيا. و لم يقتصر النسيج على القطن فقط بل و حتى المنسوجات الصوفية، يقول ابن منظور في لسان العرب أن أجود الصوف صوف النقد، و هي غنم صغار الأرجل تكون في البحرين.

إنحسار صناعة النسيج في قرية بني جمرة

لم تكن بني جمرة القرية الوحيدة في البحرين التي يزاول أهلوها هذه الصناعة فقد كانت هناك أبوصيبع والمرخ والدراز. و قد وصل إنتشار صناعة النسيج إلى أوجه إبان الحرب العالمية الثانية حيث توقفت سيول البضائع الأجنبية عن التدفق على البلاد فزدادت عدد مصانع النسيج حتى بلغت في قرية بني جمرة وحدها أكثر من ثلاثمئة مصنع، كما صُدّر منه الكثير إلى دبي والقطيف وإمارات الخليج الأخرى. و بعد أنتهاء الحرب عاد الركود لهذه الصناعة و خاصة بعد توقف إستيراد الغزل و أضطر الكثير لغلق مصانعهم. و في بداية الخمسينيات لم يتبقى من المصانع في بني جمرة لا يزيد على الخمسين مصنعا. و في الوقت الراهن لم يعد أي صدى لهذه الصنعة، بقيت كمظهر تراثي يعرض كبقايا من تراثنا العبيق. (مرفق صور أشهر النساجين في القرية)

ونذكر أشهر العوائل التي كانت تمتهن النسيج

الأستاذ حسن الغسرة في محاولة لتوثيق الأسر التي عملت و مازالت تعمل في النسيج خرج لنا بهذه القائمة عن من عرف عنهم عملهم بالنسيج و من ضمنهم من هم لا زالوا معاصرين.

عائلة جواد ، منصور بن جواد صالح، سلمان بن جواد صالح، علي بن جواد صالح، محمد صالح بن جواد صالح، جواد بن سلمان صالح، جعفر بن محمد صالح، عائلة إسماعيل ، محمد شكر فردان علي، عائلة الخير، جعفر محمد عبد علي خير، عائلة حسين حسن ، حسين حسن حسين، محمد حسين حسن، عطية سلمان حسن، سلمان حسن حسين، عائلة زيد، محمد بن علي زيد، حسن بن علي زيد، سلمان بن علي زيد، يوسف بن علي زيد، عيسى بن حسن زيد، إبراهيم بن مكي زيد، جاسم بن سلمان زيد، عبدالله بن سلمان زيد، عائلة زيد (تختلف عن السابقة) ، زيد بن علي بن مرهون، عائلة السرح ، إبراهيم بن عبدالله إبراهيم، عائلة الكيس ، أحمد بن علي عيسى، حسين بن علي عيسى، عائلة الصابغ ، إبراهيم بن يوسف،و عائلة العرب ، الشيخ عبدالله بن أحمد العرب، ملا علي بن أحمد العرب، عائلة علي محمد، علي بن محمد بن عبد الله، حسن بن علي محمد، عبد الله بن حسن، جاسم بن حسن، إبراهيم بن حسن، عمران بن عبد الله، محمد بن عبد الله، عبد الحسين بن عبد الله، عائلة الغسرة ، محمد بن عبد الله علي، منصور بن محمد بن عبد الله، مهدي بن محمد بن عبد الله، سلمان بن محمد بن عبد الله، عبد الشهيد بن إبراهيم علي، جاسم بن إبراهيم بن علي، علي بن إبراهيم علي، علي بن منصور بن محمد، عائلة الغانمي ، حسين بن يوسف إدريس، عائلة فردان، أحمد بن سلمان بن عبد الله، عباس بن سلمان بن عبد الله، عائلة فتيل ، سلمان بن حسن، سعود عبد العزيز سعود، عائلة المحفوظ ، حسن بن كاظم محفوظ، عبد العظيم بن حسن، عائلة محمد حسين الجمري ، حسين بن محمد عبد الرسول، جاسم بن سلمان عبد الرسول، إبراهيم بن سلمان عبد الرسول، منصور بن محمد عبد الرسول، حسين بن علي عبد الرسول، ملا إبراهيم بن علي عبد الرسول، عبد الرضا جعفر محمد، جعفر عبد الرضا جعفر محمد، عائلة مرزوق ، منصور بن يوسف، حسن بن يوسف، يعقوب بن يوسف، مرهون بن حبيب، محمد بن حبيب، عائلة نجم ، علي بن عبد الله علي، عائلة النجار ، إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، عائلة هارون ، كاظم علي هارون، محمد أحمد هارون، عائلة يحيى ، حسن بن محمد يحيى، يحيى بن محمد يحيى، أحمد بن محمد يحيى، علي بن أحمد يحيى، سلمان بن أحمد يحيى، يعقوب سبت، عبد الحسين بن يعقوب سبيت، حبيب بن حسن محمد.

صناعة البرستج

هذه الصناعة أشتهر بها بعض رجالات بني جمرة قديما ثم انقرضت هذه الصنعة لاحقا. و قد و صلتنا شهادة عن طريق بيبي في كتابه «البحث عن دلمون» أثناء سرده لقصة بناء المعسكر في قلعة البحرين، إلا أنه لم تصلنا القصة كاملة بأسماء جميع المشاركين و إنما جزء من القصة نلخصها هنا (مرفق صور لبناء البرستج عام 1956م):

عندما أراد فريق البعثة الدنماركية المسؤول عن التنقيب في قلعة البحرين (البرتغال) عام 1956 م أن يبني معسكرا للإقامة في القلعة، بدأ «بيبي» بالسؤال عن أفضل صناع للمساكن التقليدية القديمة (البرستج)، فجاءه الجواب أن أفضل الصناع في تلك الفترة هم من «قرية بني جمرة» و التي أشتهر بعض من سكانها بهذه الصنعة. و قد كان ضمن فريق العمل في القلعة أحد سكان بني جمرة و هو :» جعفر محمد عبد الله البياع» و قد كان جعفر البياع (و منه لقبه البياع) صاحب البقالة في القلعة أي البايع المحلي، و قد كان كما يروى أنه صاحب خبرة في هندسة البرستجيات. و قد أسندت لجعفر البياع مهمة أختيار أعضاء الفريق و رئاسته.

و هكذا أسندت لجعفر البياع مهمة أختيار أعضاء الفريق و رئاسته. و

العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 12:48 م

      ابني جمره

      بي جمره في اليمن من القبايل المحترمه وهم قضاه من قديم الزمن واسره كبير في مناطق كثير في اليمن وكذالك في الاردن والبحرين والسودان والعراق

    • زائر 4 | 4:45 ص

      علياء

      اللهم صل على محمد وال محمد ،شكرا على الموضوع

اقرأ ايضاً