العدد 2309 - الأربعاء 31 ديسمبر 2008م الموافق 03 محرم 1430هـ

هل وصلت الرسالة؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لكل رسالةٍ «إعلامية» جمهورٌ مستهدف، فهل وصلت رسالة وزارة الداخلية؟

لا أريد مناقشة النيابة العامة في مخالفتها للمادة 245، ولا الدخول في مجادلات حول تحقيق ما قامت به للمصلحة العامة، بدليل ما حدث في مجلس النواب الثلثاء الماضي، ولكني أريد مناقشتها من زاويةٍ إعلاميةٍ بحتة.

ما حدث يثبت للمرة الألف أننا بحرينان، ولم نعد بحرينا واحدا للأسف الشديد، ومع برلمانٍ تحكمّت في مخرجاته الدوائر العامة، سيظلّ يتكرّر ما حدث وبالتفصيل الممل... والغرفة المنتخبة التي تمنّيناها طريقا لحلحلة القضايا النازفة، ولّدت شعورا متزايدا أن الكتلة المعارضة أصبحت «سبية حرب»، أمام «كتل الموالاة»، التي ستضحك قليلا وتبكي كثيرا، ولذلك كلفته الغالية التي سيدفعها الجميع.

لنعد إلى رسالة الداخلية المتلفزة، ونتحدّث بصراحة، دون دفاعٍ عن أية أخطاءٍ أو تجاوزاتٍ، أو عنفٍ وعنفٍ مضاد، ونسأل: هل وصلت الرسالة؟

حين بثت الرسالة، كنتُ في جمعٍ من عشرين شخصا، أعمارهم بين 18 و60 عاما، لم يكن بينهم من صدّق ما يرى، واعتبره من مسرحيات الأجهزة. وبالمقابل، ربما طفحت في تجمعات أخرى، عبارات الغضب والسباب واللعنات. فنحن مجتمعٌ منقسمٌ على نفسه، لألف عاملٍ وعامل، محلي وخارجي... حتى قضايانا «القومية» أصبحت توزّعنا بين محوري الممانعة والاعتدال!

في هذا المجتمع المشَطّر، هل وصلت رسالة الداخلية؟ أم أنها ستزيد من الانقسام والفرز الطائفي الذي نعانيه؟ فأنت تخاطب مجتمعا ما زالت جروح ماضيه الأمني لم تندمل بعد، وذهبت أدراج الرياح كل محاولات الحقوقيين والناشطين السياسيين لتضميدها، باعتماد مرحلةٍ انتقاليةٍ للمصالحة وجبر الضرر وتعويض ضحايا سنوات الجمر والرصاص. إلى جانب تفاقم أزمة السكن وتكتل «الموالاة» نفسها ضد سنّ قانونٍ لتجريم التمييز، وبدء مفاعيل التجنيس السياسي على الأرض مبكّرا.

الداخلية اجتهدت لتمهيد الساحة لتقديم «الأدلة المتلفزة»، بعد أن طلبت من المحامين والصحافة السكوت، بل وشارك بعضها في حملة إدانة المتهمين قبل أن يقول القضاء كلمته. والكل يعلم، بما فيهم المدافعون الشرسون عن الحكومة، أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وهو المبدأ الذي استباحته النيابة العامة بزعم أن نشر صور «المتهمين» والتشهير بهم يحقّق المصلحة العامة، على خلاف قضية سابقة لم يتم فيها هذا الخرق الفاضح للقانون، ما يعمّق الإحساس العام الواسع بالظلم والتمييز بين الناس.

لنتكلّم بصراحةٍ وشفافية، المشكلة في الأساس انعدام الثقة، التي يزيدها تآكلا تكرار الممارسات والأخطاء نفسها من الطرفين. ومن يعرف تاريخ الحراك السياسي في العقود الثلاثة الأخيرة، يدرك تماما أن «الأدلة» المتلفزة لا تزيد المجتمع إلا انقساما، وأن الافتتاحيات الموجّهة بالروموت لا تزيد كاتبيها إلا حقارة عند العموم. وأن المانشيتات الحمراء التي تعلن الويل والثبور كلّما ألقي القبض على مجموعةٍ من ضحايا فترات الاضطراب السياسي... لا تخدم سمعة البلد السياسية ولا جاذبيته الاستثمارية ولا الصورة العامة لديمقراطيته الناشئة.

إننا مجتمع منقسمٌ على نفسه، هذه حقيقةٌ تجرّح الحلق، ومع ذلك تغيب عن البعض، فيذهب بعيدا في تقديم أدلته المتلفزة، فهناك بحرينٌ تصدّق كل ما يُقال دون حاجةٍ إلى موسيقى تصويرية تذكّر بألفرد هيتشكوك، وهناك بحرينٌ أخرى لا تصدّق شيئا حتى لو شاهدت ألف فيلم رعب. فهل وصلت الرسالة؟ لعن الله السياسة... كادت تنسينامطلع العام الجديد، فكل عام وأنتم بخير

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2309 - الأربعاء 31 ديسمبر 2008م الموافق 03 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً