العدد 2585 - السبت 03 أكتوبر 2009م الموافق 14 شوال 1430هـ

فازت ريو دي جانيرو دون أية مؤامرة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خرجت مدينة شيكاغو الأميركية في الجولة الأولى من مسابقة التصويت على اختيار المدينة التي ستحتضن أولبمياد 2016، إذ لم تستطع أن تنال أكثر من 18 صوتا فقط من 94 صوتا. تلتها في الخروج من المنافسة مدينة طوكيو اليابانية التي حصلت على أقل من 95 صوتا في الجولة الثانية، كي تستمر المنافسة بين مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، ومدريد الإسبانية، وتتقدم الأولى بفارق كبير وصل إلى 66 صوتا مقابل 32 صوتا لمدريد.

وللعلم بالشيء فقط، فقد كانت معظم التوقعات التي سبقت إعلان النتائج، تشير إلى أن ريو دي جانيرو هي الأوفر حظا، وخاصة أنها بهذا الفوز ستكون أول مدينة في أميركا الجنوبية تستضيف الحدث الرياضي العالمي. كما أنها أيضا تقدمت مرتين في السابق لاستضافة الأولمبياد دون أن تلاقى النجاح، المرة الأولى في العام 2004 الذي فازت به العاصمة اليونانية أثينا، والثانية أولمبياد 2012 الذي فازت به العاصمة البريطانية لندن.

ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن الفوز هنا لم يعد محصورا بالمكافأة المعنوية، بل تحول، شأنه شأن القطاعات الرياضية الأخرى، إلى مردود اقتصادي تناله الدولة المضيفة، وتحظى المدينة التي وقع عليها الاختيار بحصة الأسد منه. إذ تتحول المدينة، ونحن نتحدث اليوم عن ريو دي جانيرو، إلى ورشة عمل منتجة تولد أنشطتها الكثير من أشكال القيم المضافة التي يستفيد منها اقتصاد الدولة المعنية على أكثر من صعيد، بدءأ من وكالات الإعلان، مرورا بشركات صناعة المعدات والأجهزة الرياضية، انتهاء بالمؤسسات الإعلامية، دون إغفال شركات تشييد الهياكل التحتية الضرورية للاتصالات. وعودة إلى أرقام أوليبمياد بكين 2008، ومليارات الدولارات التي أنفقتها الصين أو أدخلتها تعطي صورة كاملة عن الانعكاس الاقتصادي والمالي على الدولة ومعها المدينة التي تحتضن الأولمبياد.

من تابع ردود فعل الدول الأربع التي دخلت حلبة الصراع، محاولا أن يجد بين تصريحات المسئولين فيها، وخاصة الدول الثلاث التي خسرت، أي شكل من أشكال الاتهامات المشابهة لتلك التي صدرت من المسئولين العرب، وعلى وجه الخصوص المصريون منهم، في أعقاب نتائج التنافس على مركز مدير اليونيسكو، وفشل «الفارس» العربي فاروق حسني أمام المرشحة البلغارية إيرينا غيورغييفا بوكوفا، سوف يعود بخفي حنين. هذا على الرغم من درجة التسييس العالية التي صاحبت مسابقة اختيار المدينة. فلم يعد هناك من يتوهم إبتعاد نتائج منافسات الأولمبياد عن حلبة العلاقات السياسية الدولية.

وأكبر دليل على الحضور السياسي في تلك المسابقة، هو حرص الرئيس الأميركي باراك أوباما على التواجد في مدينة كوبنهاغن الدنماركية، حيث كان يجرى فرز الأصوات. ولم يكن أوباما هو الوحيد من الرؤساء والملوك ممن جاؤوا للغرض ذاته، فقد كان الملك الإسباني خوان كارلوس والرئيس البرازيلي لويس إناسيو لولا دي سيلفا، ومعهم رياضيون من مستوى لاعب الكرة بيليه، والتنس الأرضي ندال، وآخرون.

تنافس الجميع وبعد إعلان النتائج، وفوز ريو دي جانيرو، سارع أوباما، الذي جاء لترويج مسقط رأسه مدينة شيكاغو، إلى القول «لم يكن لدي أي شك في أن مدينتي شيكاغو تحظى بأقوى الملفات الممكنة، وأنه كان يرغب في العودة بأنباء أفضل من كوبنهاغن بعد أن حضر خصيصا لدعم حظوظ شيكاغو باستضافة الألعاب الأولمبية، لكننا كاصدقاء للبرازيليين نرحب بهذه الإشارة الفائقة للعادة للتطور». أما الرئيس البرازيلي فقد قال والدموع تترقرق في عينيه «إذا مت الآن فورا، فإن حياتي ستساوي ذلك».

وفي الوسع سرد قائمة طويلة من التصريحات والإجراءات التي حاولت من خلالها الدول الأربع الفوز بهذا التكريم، لكن يمكننا أن نكتفي بتصريح المتحدث عن البيت الأبيض روبرت غيبس قبل ساعات من بدء رحلة أوباما إلى كوبنهاغن، وفي سياق التحشيد لفوز شيكاغو، حيث قال «سيلقي خطابا (أوباما) يناشد فيه اللجنة الأولمبية الدولية نيابة عن أميركا كلها ومن أجل تقديم أميركا للعالم كله العام 2016». أما ديفد أكسلرود، وهو أحد أبرز مستشاري أوباما، فقد أفصح صراحة عن العوامل السياسية، (وليس التآمرية) التي رافقت عمليات الاختيار فقال بوضوح إن «ظهور أوباما أمام اللجنة الأولمبية الدولية في كوبنهاغن لم يكن كافيا للتغلب على العامل السياسي داخل هذه الغرفة وعوامل أخرى يثق في أنها كانت ضد عرض شيكاغو». هذا على الصعيد الأميركي، أما من الجانب الياباني، فقد جاء تصريح رئيس وزراء اليابان، الذي وصف مجيئه إلى كوبنهاغن على أنه شكل من أشكال الدعم لطوكيو، ثم أضاف مخاطبا اللجنة الأولمبية «بأنه جاء وقرينته، ميوكي، للتأكيد بأن بلاده تريد إنجاح تنظيم ألعاب 2016 نجاحا لم يسبق له نظير». ونقلت وكالات الأنباء إرجاع سكان طوكيو سبب خسارة مدينتهم إلى «الإعداد الجيد لملفات المدن المنافسة، إضافة إلى افتقار ملفهم للابتكار والقدرة على إقناع أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية بأحقيتهم».

باختصار لم يوفر قادة الدول الأربع جهدا من أجل ضمان نجاح مدينته لم يبذلوه، لكن لم يكن هناك أكثر من مدينة واحدة من حقها الفوز، وكانت تلك المدينة ريودي جانيرو. تم ذلك دون أن تكون هناك مؤامرات في الخفاء، بقدر ما كانت هناك خطط ترسم وبرامج تنفذ

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2585 - السبت 03 أكتوبر 2009م الموافق 14 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً