العدد 2585 - السبت 03 أكتوبر 2009م الموافق 14 شوال 1430هـ

زمن المتواطئين!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل صحيح ما نشرته صحيفة «السفير» أمس من عنوان على صفحتها الأولى: تواطؤ أميركي عربي فلسطيني يطيح بتقرير غولدستون؟

الخبر رافق خبر صفقة تبادل 19 أسيرة عربية مسلمة من بنات فلسطين، مقابل شريط يظهر الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، المهاجر أصلا من بلده الأم فرنسا. وبجانبه عنوانٌ صغيرٌ عن «تحرير أصغر أسير في العالم»، وهو ما يرشّحنا كأمةٍ عربيةٍ للدخول في موسوعة «جينيس»، لنفخر على الأمم الأخرى بأن منا أصغر أسير، بعد أن كان شاعرنا يفخر بقوله: إذا بلغ الفطامَ لنا وليدٌ... تخر له الجبابرُ ساجدينا!

بجوار الخبر صورةٌ مؤثرةٌ للأسيرة فاطمة الزق وهي تمسح دموع طفلها (الأسير) يوسف، الذي وُلد في المعتقل قبل 20 شهرا، وشاهد الشمس لأول مرة الجمعة الماضي. وهي صورةٌ تختزل كلّ العجز والذلّ والمهانة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية اليوم.

في فلسطين، يستمر حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى لإضعاف أساساته، تمهيدا لهدمه وسط صمت الجميع، رغم صرخات الاستغاثة من المقدسيين، التي لم تجد لها استجابة غير مظاهرات احتجاج متفرقة، في الرباط وإسلام أباد وطهران واسطنبول، أما بقية العواصم العربية ففي سباتٍ عميق.

الأخطر من ذلك هو انتقالنا كعرب من السكوت على الهضيمة إلى المشاركة في حصار الفلسطينيين وتجويعهم، في جهدٍ حربيّ مشكورٍ تقدّره «إسرائيل» عاليا، حتى وصل انحدارنا السياسي إلى التواطؤ مع الأميركيين والإسرائيليين لإسقاط «تقرير غولدستون لتقصي الحقائق في غزة»، دون خجلٍ أو مروءةٍ أو حياء.

في حرب غزة، قتلت الصواريخ والطائرات الإسرائيلية 1400 فلسطيني، نصفهم من الأطفال والنساء، وسقط منها 10 جنود محتلين وثلاثة مستوطنين (واحد مقابل مئة). ومع ذلك جاء غولدستون ليساوي بين الضحية والجلاد، وهو ما لم ترضه «إسرائيل»، فأرادت أن يشهد بأنها ضحيةٌ وإلاّ فإنه منحازٌ للفلسطينيين!

الأغرب أن تأتي «سُلَيطة رام الله» التي لم تشبع من أوهام السلام بعد، لتقبل بتأجيل مناقشة التقرير ستة أشهر، في خدمةٍ مجانيةٍ للقتلة ومجرمي الحرب. فهل رأيتم أمة على وجه الأرض غيرنا، تتستر على جرائم أعدائها، وتبرّئ ساحة محتلّي أرضها، وآسري نسائها، وقتلة أطفالها؟

على مدى ثلاثة أسابيع، شاهد العالم مذبحة غزة على شاشات التلفزة، ورأى كيف كان الإسرائيليون يمطرون مدارس ومنازل الفلسطينيين بالفوسفور الأبيض. وبعد المذبحة استمر حصارهم ومنعهم من الطعام والدواء، ليقتاتوا على ما يتم تهريبه عبر الأنفاق التي زاد قصفها بالطائرات مؤخرا، بتنسيق أمني كامل مع الجيران!

ردود الفعل لم تصدر عن الجامعة العربية للأسف، وإنّما من منظمة العفو الدولية، التي أدانت تأجيل التصويت على التقرير، وطالبت الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون بإحالته فورا إلى مجلس الأمن. أما فلسطينيا فقد أدانت 14 منظمة حقوقية مستقلة حكومة فيّاض لقبولها القرار، باعتباره إهانة للشهداء وتنازلا عن حقوق الضحايا. وقال خالد مشعل: إن الشعب الفلسطيني لن يغفر لمن فرّطوا بدمائه في غزة في سبيل مصالحهم الآنية، وإن من العار أن يدعو فلسطينيٌ لتأجيل النظر في تحقيق حرب غزة. واتهمت «حماس» عباس بمحاولة إنقاذ قادة «إسرائيل» من المثول أمام المحكمة الدولية كمجرمي حرب.

لا نريد الدخول في خلافات الأشقاء الفلسطينيين، ولكن من الحقّ أن نسأل: هل هذه السلطة مؤتمنة على مصير شعبٍ تحت الاحتلال؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2585 - السبت 03 أكتوبر 2009م الموافق 14 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • نور الدنيا | 2:41 م

      صرخات استغاثة ولا من مجيب 4 - ام محمود

      قالت مَيْمُونَةَ مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: "أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيه، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ." قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ؟ قَالَ: "فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيه.ِ فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه ".

    • نور الدنيا | 2:35 م

      صرخات استغاثة ولا من مجيب 3

      الاعتداء على حرمة المصلين داخله، واستباحة دماءهم في عدة مذابح داخل ساحاته الآمنة
      إحراقه ، ومحاولة تفجيره، وتخريبه غير ذات مرة
      الاستيلاء على أجزاء منه، مثل: باب المغاربة، وحائط البراق الذي حوله إلى حائط مبكى يدنسه اليهود، بينما يمنع المسلمون من الاقتراب منه
      إتاحة دخوله لليهود شق الحفريات والأنفاق تحت أساساته، ما أدى إلى تصدع أجزاء منه
      منع محاولات ترميمه، وإعادة بناء ما تصدع منه,
      زعم بأن الأقصى في موضع الهيكل توطئة لهدمه، وإقامة هذا الهيكل المزعوم

    • نور الدنيا | 2:31 م

      صرخات استغاثة ولا من مجيب 2

      مناظر رهيبة وأحد الأطباء المصريين الذين شاركوا في معالجة الجرحى قال إن بعض الحالات غريبة منها رؤيته لجروح تشع نورا في الظلام وان الكثيرون بترت أيديهم وأرجلهم بسبب استخدام الأسلحة الممنوعة
      بعد انتهاء الحرب ذهب الأمين العام بان كي مون وبكى بحرقة أمام الكاميرات ولم يصدق بعينيه حجم الدمار الهائل
      والآن نفس السيناريو يتكرر فالمقدسيين يصرخون ويهتفون بأعلى أصواتهم أن المسجد الأقصى في خطر وان الآلة الصهيونية دمرت جميع الأساسات لكشف هيكل النبي سليمان واستخراج الكنوز وجرائمهم واضحة للعيان منها

    • نور الدنيا | 2:30 م

      صرخات استغاثة ولا من مجيب 1

      قبل شن الحرب على غزة سمعنا نداءات الأهالي في الإذاعة لمدة أشهر ومعاناتهم من الحصار الظالم وقطع التيار الكهربائي وتصويرهم في المنازل وهم لا يملكون أي طعام سوى أكواب الشاي على الطاولة وبكاء الأطفال الجوعى , رسائل استغاثة كثيرة سمعناها وأطباء يصرخون بان الدواء نفذ من المستشفيات والوضع صعب وخطير جداً إلى أن جاءت الطائرات الصهيونية ودمرت المدينة بأكملها على رؤوس الناس في أبشع حرب لهذا القرن ورأينا النساء والأطفال يركضون وقد أصابهم الفوسفور والدماء تجري من أعينهم وأنوفهم وأفواههم في

    • زائر 5 | 8:53 ص

      يا أمة خجلت منها أفعالها الأمم

      فعلاً نستحق بفخر أن يقال لنا اننا مسخرة الأمم ، فنحن لا زلنا نفخر بماضينا ومستغرقين في وحل حاضرنا دونما ادنى محاولة لتغيير حالنا المزري. اللهم عجل فرجنا بظهور الحجة المهدي عليه السلام لنكحل أعيننا بطلعته البهية ونرى كيف يبسط عدل الله على الأرض ... اللهم آمين.

اقرأ ايضاً