العدد 276 - الأحد 08 يونيو 2003م الموافق 07 ربيع الثاني 1424هـ

الامتحانات النهائية والعصا السحرية

يشتغل طلبة الجامعات في هذه الأيام بالامتحانات النهائية للفصل الدراسي الثاني، وهي أوقات مهمة من عمر الدراسة الأكاديمية والتحصيل العلمي في حياة الطالب، وتستحوذ قدرا كبيرا من جهده يعادل الالمام بالمقرر الدراسي بكامله، ويثاب على ذلك بالنصيب الأكبر من الدرجات التي تسند إلى الامتحان النهائي.

الامتحان ليس صعبا على الطالب الذي شق طريقه منذ بداية الدراسة وهو يكدح ويجاهد ويسعى من أجل شحذ ذاته وزيادة معرفته وخبراته، وكان متابعا لمدرس المادة ومثابرا ومتابعا ومراقبا لما يجري ويحدث من حوله. وفي المقابل تعتبر (الامتحانات) مهمة صعبة وشاقة على الطلبة المتكاسلين الذين انهزموا طيلة الفصل الدراسي وتراجع مستواهم، وتفاجأوا بصاعقة ورقة الامتحان والكم الكبير من المادة العلمية والجزء المطلوب منهم انجازه ليحرزوا درجة النجاح.

بعض الطلبة يلقي باللوم، إذا لم يحقق أهدافه، على مدرس المادة وأنه سبب تراجع مستواه أو فشله، وبغض النظر عن هذه المزاعم فإن الطالب الجامعي هو المسئول بالدرجة الأولى عن دراسة المادة العلمية المطلوبة وفي حال وقوع أي خلل في علاقة الطالب والأستاذ الجامعي، فلا بأس أن يجلسا ويتحاورا ويبحثا عن سبب المشكلة اذا ما كانت مثلا في طريقة شرح الأستاذ أو مدى استيعاب وتقبل الطلبة لما هو مطروح.

وأتذكر احدى الوقائع التي حدثت أثناء الدراسة الجامعية، ذلك أن مجموعة كبيرة من الطلبة اشتكت عند رئيس قسم احدى الكليات على أحد الأساتذة العرب بدرجة بروفيسور، وصلب كلامهم أنهم لا يفهمون للغة المدرس وتصعب دراسة المادة العلمية معه. وعندما سألهم رئيس القسم: هل جلستم وتحاورتم مع مدرسكم؟ أجابوا: لا. فقال لهم من الأجدر أن تتناقشوا معه قبل أن تفتحوا هذا الموضوع معي.

وهذا الأستاذ أحد المجددين في علوم الاتصال، وتفخر به جامعات الدول العربية جمعاء على مستواه الأكاديمي العالي واطروحاته التي تسابق الفكر الغربي. ولكن يبدو أن كثيرا من طلبتنا (لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب) ويبحثون عن أي شماعة لتعليق أخطائهم عليها.

إن الأستاذ الجامعي الذي يتحلى بالأخلاق الرفيعة ويجاهد دوما في اكتساب العلم لا يسمح لنفسه أبدا أن يظلم طالبا أو يستأثر بحقه سواء بحسن أو سوء تقدير الطالب؛ لأن ذلك يعد اخفاقا في الحركة التعليمية واساءة لشرف المهنة.

من المهم أن يعي الطالب أنه جزء من حركة البناء الداخلي للمجتمع، يشارك فيها ويؤثر ويتأثر بها. ولا يتحقق ذلك إلا بوعيه بالدور الذي يجب عليه أن يقوم به كفرد نشط ومجدد في المجتمع، وعليه أن يتحلى بالخلق الرفيع والسلوك القويم الذي يميزه عن أقرانه.

إن طالب العلم لا يرتضي لنفسه أن يحقق نجاحا مؤقتا عبر الفوز بدرجة اجترها بوسيلة غير شرعية مثل الغش، وإنما يسعى إلى كمال ذاته ونمو معرفته وخبرته بجده واجتهاده، فأمامه المجال العملي الذي لا يعترف بالغش والواسطة.

ويعيب الكثير من أفراد المجتمع على خريجي الجامعة بأنهم غير مؤهلين لدخول سوق العمل، وبحاجة إلى حصص مكثفة عملية لمجاراة واقع العمل. وجزء من هذا القول تتحمله الجامعة والجزء الآخر يتحمله الطالب نفسه في سعيه لصقل مواهبه والانفتاح على العالم الخارجي ومتابعة الجديد في مجاله. والطالب الممتاز يفرض شخصه على أرباب العمل من دون منازع.

الامتحانات النهائية مازالت تجرى في القاعات، وسيحقق النجاح والتفوق الطلبة الذين قطعوا ماراثون الدراسة منذ البداية ولديهم الطاقة لقطع شريط النهاية، وسيفشل الطلبة الذين غلبهم النعاس طيلة الكورس، والموهومون بوجود عصا سحرية تقلب الأوراق البيضاء التي أمامهم إلى أوراق اجابة تحوي الاجابات الصحيحة

العدد 276 - الأحد 08 يونيو 2003م الموافق 07 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً