العدد 2313 - الأحد 04 يناير 2009م الموافق 07 محرم 1430هـ

ماذا وراء بيان «الأصالة»؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عند الساعة العاشرة و45 دقيقة، من صباح السبت، السادس من المحرم الحرام، تلقّت الصحيفة نسخة إلكترونية من بيانٍ غريبٍ باسم جمعية «الأصالة»، يشدّد على أهمية الالتزام بالدستور والقانون أثناء احتفالات وفعاليات ذكرى كربلاء!

الذي يعرفه الجميع أن هذه الفعاليات الجارية منذ قرون، لم تصطدم يوما بالدستور أو تخالف القانون، وكانت محلّ احترام الحكّام والدول، التي حرصت تقليديا على تسهيل إقامة هذه المراسم الدينية، في أجمل مظاهر التعاون بين الدولة وأبناء الشعب.

كبار رجال «الأصالة» يعلمون ذلك، ولشكّي في البيان، اتصلت بكبير دبلوماسيي الكتلة السلفية الشيخ عادل المعاودة، ويبدو من نبرة هاتفه أنه بالخارج. والخوف أن تكون «الأصالة» مندفعة أو مدفوعة للمشاركة في رقصة «الفالس» في هذه المرحلة. فالقول بـ «ضرورة قطع الطريق على بعض التجاوزات التي تؤدي لإثارة المشاعر وشحن النفوس ونشر الكراهية بين أبناء البلد الواحد»، يستوجب من «الأصالة» الالتفات لمن يكفّر نصف شعب البحرين ويصفهم بـ «بني صهيون» في خطب الجمعة، لتكون أكثر إنصافا وعدلا، والتزاما بنهج السلف الصلح (رض) الذين لم يكونوا يكفّرون جيرانهم من المسلمين.

نحن متفقون مع «الأصالة» في ضرورة «احترام معتقدات ومقدسات ورموز المسلمين وما تقتضيه الوحدة الوطنية والعيش المشترك من متطلبات»، فكلنا أخوةٌ وأبناء وطن واحد. وإذا كان من غير الواقعي المطالبة باتفاق الطوائف والمذاهب على رأي واحد، فيجب التسليم بوجود اختلافات بسبب اختلاف القراءة لأحداث التاريخ. ولا يجوز لي أن أفرض قرائتي على الآخرين، كما لا يحق لهم مصادرة قرائتي للتاريخ، وما لم يتحقق من سيادة مذهب واحد في أي حقبة تاريخية على أيدي الحكام الكبار بالسيف والنار، فإنه لن يتحقق لجمعيةٍ صغيرةٍ أن تحقّقه بإصدار البيانات، أو التهديد بالقضاء ومحاكمة الأفكار، فنحن لا نعيش في القرون الوسطى.

الأصالة ترى -ونحن معها- أن 1300 سنة تفصلنا عن واقعة كربلاء، وبالتالي لا مسوّغ من تصوير الصراع بالمجتمع على أنه امتداد للصراع الذي كان بين الحسين وخصومه، وهو ما انتقدناه قبل ثلاثة أعوام حين نشرت بعض اللافتات وفهم منها البعض إسقاطا تاريخيا استفزازيا، وتبين أنها كانت عفوية وغير مقصودة إطلاقا. وهو الخطأ الذي تقع فيه «الأصالة» اليوم حين تتخيّل «شحن الشباب بحمولة حماسية ودينية تجاه المنتمين للطائفة السنية وتحميلهم مسئولية ما جرى تصريحا أو تلميحا»! فهذا ما لم يقله خطيبٌ ولا رادودٌ ولا شاعرٌ ولا كاتبٌ شيعيٌ ولا مرجعٌ ديني، فهذه من أغرب الخيالات والاستنتاجات.

نعم... إن من واجب الجميع، سنة وشيعة، احترام حقوق الجيرة والمواطنة، ومراعاة الآخرين وتجنّب العبارات والشعارات المثيرة للشقاق، وهو مطلبٌ أصبح أكثر إلحاحا اليوم بعد أن أصبحت الصدور ضيقة، بعد الزلازل والهزات السياسية التي ضربت العراق ولبنان وأفغانستان، وحاليا غزة التي زادت شق الصفّ بين مؤيد للمقاومة ومدافع عن الأنظمة، لحساباتٍ غير مذهبيةٍ أصلا كما يتوهمون! ونحن هنا... إلى جانب أمراضنا ومشاكلنا الداخلية، ندفع فواتير أمراض الآخرين!

وعلى المرء أن يقارن هذا البيان الغريب، بصورة وزير العدل والشئون الإسلامية السابق الذي جاء متكئا على عكازه للمشاركة في فعاليات عاشوراء، وافتتح حملة الإمام الحسين للتبرع بالدم. وصدق الشاعر المنقري حين قال:

وكلُّ كَرِيم يَتَّقي الذَّمَّ بالقِرَى..... ولِلخَيْرِ بين الصالحين طريقُ

لَعَمْرُك ما ضاقَتْ بِلاَدٌ بأَهْلِهَا..... ولكنَّ أَخلاقَ الرِّجالِ تَضيقُ

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2313 - الأحد 04 يناير 2009م الموافق 07 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً