العدد 300 - الأربعاء 02 يوليو 2003م الموافق 02 جمادى الأولى 1424هـ

رئيس لجنة التخطيط بـ«الوفاق»: اهتموا بالتعليم فإلى متى سنظل نمسح الأحذية؟

متحدثا عن المسيرة التعليمية وسلبياتها

اقتنص رئيس لجنة التخطيط والدراسات في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عبد علي محمد حسن فرصة إلقائه محاضرة عن المسيرة التعليمية في البحرين بمجلس الشيخ عبد الأمير الجمري ليكشف عن سلبيات المسيرة التعليمية مثبتا ما دعاه بأرقام ونسب عرضها للجمهور وليتساءل بعد ذلك بحرقة «حتى متى سنظل نمسح الأحذية؟».

ابتدأ حسن حديثه بالتأكيد على وجود إيجابيات كثيرة في المسيرة التعليمية البحرينية وأنه لن يركز على الإيجابيات بل سيكشف عن السلبيات التي تعتري هذه المسيرة، وقال «هموم التعليم كثيرة جدا ومع الأسف انها غير مدركة من قبل المجتمع ولا يشخصها إلا الذين هم في معمعتها أما الاخرون فهم غير مدركين لأخطارها وسأحاول أن أضع إصبعي في الجرح وطبعا مع إقراري بوجود الإيجابيات، وأتساءل أولا ملف التعليم أي مرتبة يجب أن يحتلها بالنسبة لنا جميعا بكل فئاتنا؟ إن الملف التعليمي الذي يحتل في الولايات المتحدة الأميركية والدول المتقدمة المرتبة الأولى ربما يحتل لدينا المرتبة العاشرة فالناس لا تهتم بأمر التعليم ولكن لو حصلت قضية أخرى كالبرلمان أو المقاطعة ستجد آلافا تهتم وهذا دليل أن ملف التعليم لا يحظى لدينا بالأولوية المطلوبة، يجب أن تكون لدينا قناعة بأن التعليم هو الملف الأول فهو الأساس للجانب الاقتصادي الذي لا يقوم من دون تعليم جيد وكذلك الصحة والارتقاء بالملف أو حتى الملف السياسي فإذا أردنا خلق أناس فاعلين في السياسة ويتحدثون فيها بدراية فهذا أساسه التعليم وأيضا الحياة الاجتماعية والدينية لا يكون إلا عن طريق التعلم، وأنا أتذكر في العام 1957م عندما كانت الحرب الباردة على أشدها بين أميركا والإتحاد السوفييتي السابق والذي تمكن من إطلاق قمر صناعي لتثور ثائرة الإميركان الذين لم يضعوا مسئولية تأخرهم إلا على التعليم فقاموا بالإهتمام بهذا الملف ولم يهدأوا إلا بعد ان أنزلوا أول رجل على سطح القمر، وايضا أثناء السبعينات بعد أن واجه الأميركان منافسة اقتصادية من ألمانيا واليابان اللتين كانتا تشتريان الشركات الأميركية الخاسرة لتتحول فيما بعد تحت إدارة الألمان واليابانيين إلى شركات رابحة هنا ايضا وضع الأميركان المسئولية على الملف التعليمي».

المدخلات التعليمية

وتابع «إذا استطعنا استثمار الأبناء والبنات فلن نهزم ابدا، وإذا آمنا بهذه المقدمة البديهية نستطيع التوغل أكثر فقبل ان نتحدث عن التعديلات الدستورية وقبل أي شيء يجب أن نتأكد أننا كأطراف فاعلة مهتمون بالملف التعليمي ونولي اهتمامنا به ولا نقبل بأي تقصير فيه لأنه سيوجد لدينا تأخرا في السياسة والإقتصاد والدين وهنا أبدأ بشرح بعض سلبيات التعليم فمن المعروف أن التعليم له مدخلات من أبرزها التلاميذ أنفسهم والذين يدخلون الآن سوق العمل متأخرين عكس السابق إذ كان الفتى يدخل لسوق العمل في سن مبكرة وسبب هذا التأخير يعود إلى إستغراق العملية التعليمية لسنين كثيرة ولهذا يجب ان نتقن هذه العملية ومن مدخلات التعليم أيضا المعلمين وأولياء الأمور والمديرين ومؤسسات المجتمع المدني وسأبدأ بالحديث عن مدخل التلاميذ فالدراسات التي بين يدي تقول إن أكثر من خمسين في المئة من التلاميذ الذين يدخلون للمدارس حديثا هم من عوائل يقل دخلها عن 300 دينار شهريا كما أن معظم عوائلهم لا تملك بيوتا خاصة بها فهم مرتبطون بقروض أو سكان أو إيجار أو يسكنون مع العائلة الكبيرة في بيت واحد، وأيضا معظم أولياء أمور هؤلاء التلاميذ ليسوا حاصلين على المؤهل الثانوي خصوصا الأمهات وأكثر من نصف هؤلاء التلاميذ هم من مناطق قروية وهذا شيء جيد ونجد أن 80 في المئة منهم ينتمون لأسر يزيد عدد أفرادها على خمسة أفراد بينما 20 في المئة منهم يزيد عدد أفراد أسرتهم عن عشرة أشخاص، وثلث هؤلاء التلاميذ الملتحقين بالمدارس الابتدائية يرسبون لسنة أو أكثر من دون أن يكون لسنوات الرسوب أي مردود إيجابي عليهم واكثرهم لا يتّصفون بالجد والمثابرة كما يقول معلموهم ومديرو مدارسهم كما أن غالبيتهم لا تتوافر لهم غرف خاصة بهم و25 في المئة منهم لا يتلقون أية مساعدة دراسية من قبل الوالدين أو من آخرين، نحن خلقنا هذا الفقر لنعيش فيه فإذا قلت لأحدهم إذهب وادرس يقول لك لا بل اريد ان (اسفط) السمك في السوق فهل نريد من هؤلاء التلاميذ أن يحرزوا قصب السبق فالى متى سنظل نمسح الأحذية؟».

«مدخل آخر وهو المعلم وليعذروني إذا ما انتقدتهم فلهم كل الاحترام لكننا نجد أن هناك معلمين حاصلين على شهادات جامعية ومؤهلات تربوية لكن لا أثر لها في تحصيل التلاميذ بل نجد أن عطاؤهم يساوي وبعض الأحيان يقل عن عطاء المعلمين غير المؤهلين، ونجد أن هناك ضعفا عاما لدى المعلمين في المادة التي يقومون بتدريسها، ونلحظ وجود اتجاهات لدى بعضهم توحي بعدم الرغبة في ممارسة مهنة التعليم لوجود إحباط عام عندهم نتيجة لقلة فرص الترقي كما توجد لديهم نمطية في الأداء والقليل منهم من يبدع فدفاتر التحضير الخاصة بهم تجدها لا تتغير لسنوات كثيرة كما أن قلة فرص التدريب والنمو وتهرب بعض المعلمين من الدورات التدريبية هي عائق آخر يضاف إليه عدم تناسب الدخل المادي للمعلمين مع طموحاتهم مما يضطرهم للبحث عن عمل آخر، ومن مداخل العملية التعليمية فئة المديرين فمؤهلاتهم الجامعية والتربوية لم يثبت لها أي اثر في زيادة تحصيل التلاميذ ورغبة الكثير منهم في ترك هذه المهنة عندما تتاح لهم اقرب فرصة ولو كانت بالراتب نفسه كما نجد لديهم تسابقا للحصول على التقاعد المبكر وتدني ثقتهم في جدية التلاميذ وشكواهم من عدم تعاون أولياء الأمور والذين هم مدخل آخر إذ نجد غالبيتهم دون التعليم الجامعي خصوصا لدى الأمهات ويعاني اكثرهم من مسئوليات عائلية كبيرة إضافة للهموم الثقيلة، بينما نلحظ ان مؤسسات المجتمع المدني والتي هي أحد مداخل العملية التعليمية ملتفتة إلى قضايا أخرى غير قضية التعليم وغياب إستراتيجية موجهة لديها تجاه التعليم كما ان المؤسسات المختصة بالعملية التعليمية غير موجودة، والآن اتساءل ما الذي أنتجته هذه المدخلات؟ لقد انتجت ضعفا عاما في متوسطات التحصيل في جميع المواد الدراسية وخصوصا في المرحلة ألإبتدائية إذ لم ينجح منهم في امتحان خاص لقياس الكفاءات في الرياضيات اعددناه لثلاثة آلاف تلميذ سوى سبعة تلاميذ ونجد تضخما في الدرجات لديهم وأيضا أنتجت هذه المدخلات تسربا في التعليم وتكرارا للرسوب وإحباطا عاما وإحساسا سلبيا لدى التلاميذ تجاه المدرسة والمعلمين يصل في بعض الأحيان إلى تخريب المدرسة أو ضرب المعلم وفقد الدور المؤثر في الحياة عندنا».

ما هو الحل؟

وعن الحل للمشكلة قال حسن «يجب أولا أن نسلّم بأن التعلم هو ضمان المستقبل ومفتاحه ولا شيء قبله وأن هذا الملف هو الأولوية الكبرى وتوجيه الجهد المؤسسي نحو عمليات التعليم وإنشاء الصناديق الداعمة للمتعلمين وتنويع مصادر التعلم وتخصصاته واعتبار مهنة التعليم مهنة مقدّسة وخلق الطموح الكبير في نفوس الشباب والشابات وتوعية الأباء والأمهات، فالكل مسئول رجال الدين والسياسيين».

وأشار حسن «إلى انه يسعى بصفته رئيسا للجنة التخطيط والدراسات في جمعية الوفاق إلى جعل الملف التعليمي هو الملف الأول»

العدد 300 - الأربعاء 02 يوليو 2003م الموافق 02 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً