العدد 300 - الأربعاء 02 يوليو 2003م الموافق 02 جمادى الأولى 1424هـ

المعطي: المعارضة دون بديل بلا فائدة والمقاطعون احترقوا وكذلك المشاركون

عارضا تجربة المعارضة المغربية بين زمني المقاطعة والمشاركة

استعرض بروفسور الاقتصاد السياسي بجامعة الدار البيضاء والعضو السابق في البرلمان المغربي سهيل المعطي والذي يزور البلاد حاليا تجربة المعارضة المغربية ودخول بعضها إلى اللعبة السياسية من خلال البرلمان وبقاء بعضها مقاطعا للتجربة البرلمانية قائلا: لقد احترق المشاركون سياسيا بشكل جزئي واحترق المقاطعون سياسيا بشكل جزئي أيضا» موضحا أن المعارضة «تورطت بخطابها السابق والذي كانت تسوده بعض المزايدات أمام جماهيرها وذلك حينما أصبحت في موقع القرار». جاء ذلك خلال ندوة عقدتها جمعية المنبر الوطني التقدمي الديمقراطي.

استهل المعطي ندوته بالقول: سأعرض التجربة المغربية بمحاسنها ومساوئها وسأتكلم عن تجربة المعارضة التي استمرت لمدة 40 سنة وهي تعارض ومعاينة سلوكها وهي معارضة وسلوكها وهي في الحكم ولننظر بعين ناقدة للتجربة ونتعلم منها الدروس، فمنذ العام 1960م والمعارضة المغربية ترفض الدستور حتى العام 1990م إذ صادقت المعارضة على الدستور على رغم اعتراضاتها عليه، ومن الناحية السياسية لم يكن لـ 99 في المائة التي صادقت على الدستور اثر إذ وقعت الهزات الاجتماعية ومحاولات الانقلاب ولكن بعد بداية التسعينات بدأ ملك المغرب يفكر بشكل آخر ومحاولة لتقريب المعارضة، قام بعرض منصب رئاسة الحكومة على أمين عام حزب الاستقلال المعارض والذي وافق شرط تنحية رئيس الوزراء المغربي من منصبه لكن الملك رفض وعرض تنحية وزراء آخرين، وهكذا ظل الأمر من العام 1993م إلى العام 1996م وأيضا وقعت عدة حوادث في بعض المناطق بعدها طلب الملك من بعض أحزاب المعارضة تقديم مذكرة أو مسودة دستور وحينها اجتمعت الأحزاب لتقوم بصياغة المذكرة وبالفعل تمت صياغتها وتركزت ملاحظات المعارضة في المذكرة على مهام الوزير الأول والبند 19 في الدستور المغربي والذي يعطي صلاحيات استثنائية للملك، واستلم الملك مذكرة المعارضة لكنه لم يعط رأيا رسميا فيها بل أعلن للشعب انه سيعرض الدستور للاستفتاء العام، وهنا تناقشت المعارضة فيما بينها وخرجت بتصور مفاده أن المشكلة ليست في الدستور بحد ذاته بل في التزوير الذي كان يمارس من قبل الدولة أثناء الانتخابات وفي هذه الفاصلة قالت بعض الأحزاب إنها ستقاطع وأخرى قالت بالمشاركة ووافقنا في العام 1996م على الدستور والذي كانت فيه ثغرة كبيرة وذلك لأن البرلمان مكون من غرفتين الأولى منتخبة بالكامل من قبل الشعب وتضم 325 عضوا أما الغرفة الثانية فتضم 265 عضوا يتم انتخابهم بشكل غير مباشر من قبل المجالس البلدية ونقابات الفلاحة والنقابات المهنية والصناعية وتكون مدته تسع سنوات يتغير ثلثه كل ثلاث سنوات، وعندما ابتدأت التجربة النيابية اتضح لنا اننا نتوافر على برلمانين

وليس برلمانا واحدا وأن الغرفة الثانية تتوافر على صلاحية سحب الثقة من الحكومة بينما هي لا تملك صلاحية إعطاء الثقة لها، لكننا أصررنا على المشاركة وطبعا الملك وضع الغرفة الثانية لكي تكون هناك موازنة في مسألة القرار وليتمكن بذلك من مراقبة تشريع القوانين، لكننا قلنا إن ذلك لن يثنينا عن المشاركة وهكذا حصل انفراج سياسي مع بداية التصويت وقلنا ربما تكون المشاركة من مصلحة البلد».

وأضاف «لقد جربنا المعارضة لمدة 40 عاما لكن المعارضة بدون بديل ومن دون حل لا فائدة منها لأنها تصبح بعيدة عن المواطن وعندما تتحدث المعارضة عن الدستور وإشكالاته فلا يفهم المواطنون ذلك لأنه لا يمكن لنا أن نتجاهل حاجات الناس ونحدثهم عن توازن السلطات وفصلها ،فالمواطن لديه مشكلات في السكن وبشأن مستقبل ابنائه،عموما نحن في العام 1996م وافقنا على الدستور ولم يقاطع الانتخابات سوى حزب كبير ومعه بعض الأحزاب اليسارية المتطرفة وبعد الإنفراج السياسي تكونت لجنة المصالحة وشاركنا في الانتخابات في العام 1997م ولم نقبل بالمشاركة في الحكومة قبل بدء الإنتخابات لأننا كنا نريد الحصول على أغلبية برلمانية أولا، لكن المفاجأة التي حدثت في الإنتخابات إذ أحسسنا بوجود تزوير في النتائج لكننا لم نتمكن من إثبات ذلك وجاءت الخريطة البرلمانية بفوز حزب الإتحاد الاشتراكي برئاسة عبد الرحمن اليوسفي بالأغلبية وأصبح رئيسه هو رئيس الحكومة وقمنا بتكوين الحكومة وأتضح خلال الممارسة أن هناك مشكلة في البرلمان مفادها هي الازدواجية فالغرفتان تراقبان الحكومة وتقومان بالتشريع وصار الوزراء منشغلين بشكل كبير بالاجتماعات مع لجان الغرفتين وحدثت مشكلة وهي ان الوزراء لا يتفرغون كثيرا للخدمة العامة، بينما الشارع العام كان ينتظر من التجربة كل شيء وكان الناس متحمسين لتغيير كل شيء لتبدأ المسيرات بالخروج للمطالبة بالأعمال وصرنا نعيش حرية فوق ما هو مقبول وظلت الحكومة عاجزة عما كانت تنادي به عندما كانت معارضة ،أيضا أثر على الوضع تسوية تمت بين النقابات والحكومة كلفت الميزانية كثيرا ،وهكذا إلى أن جاء العام 2002م وقمنا بتغيير أسلوب الاقتراع إذ اعتمدنا أسلوب اللوائح فكل حزب يقوم بتقديم لائحة.

ويتم احتساب الأصوات حسب النسبة فمثلا لو كانت هناك دائرة يقطنها مليون شخص ويكون لها خمسة مقاعد مثلا في البرلمان في حين يقدم كل حزب لائحة بعدد معين مرشحيه وتكون لكل مئة ألف صوت يكبها تعني أن مرشحا فاز من اللائحة وهكذا فإذا ظلت بعض الأصوات التي تقل عن مئة ألف مثلا 40 أو 50 ألف فيؤخذ بأكبر عدد باقي من بين اللوائح ليصعد عضو آخر حاز العدد الأكبر من بقية المنافسين، وكانت المفاجأة أن حزبا إسلاميا حصل على 42 مقعدا برلمانيا، كما أن رئيس الحكومة لم يكن من الحزب الذي حاز الأغلبية خلال الإنتخابات بل كان شخصا تكنوقراطيا لاينتمي لأحد الأحزاب، ونحن الآن بصدد الإعداد للانتخابات البلدية، والآن لو طرحنا على المواطنين سؤالا عن فائدة الوجود في المعارضة لمدة 40 عاما أو الدخول في التجربة البرلمانية وهل كانت المعارضة نظرية. بصراحة الإجابة على هذا السؤال معقدة جدا، وأقول لو عاد التاريخ لما أعدنا مواقفنا بالصورة التي كانت.

وفي سؤال لـ «الوسط» عن المقاطعين والمشاركين ومن الذي احترق سياسيا منهم قال سهيل المعطي «أعتقد أن المسألة نسبية فنحن المشاركين احترقنا نسبيا وكذلك المقاطعين فالمعادلة ليست ثابتة ففي المغرب لدينا الحالة الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على الحالة السياسية ولو سألنا المقاطعين الآن عن موقفهم فربما قال بعضهم بأنه يشارك وربما تجدون بعضا من المشاركين يقول بأنه سيقاطع»

العدد 300 - الأربعاء 02 يوليو 2003م الموافق 02 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً