العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ

المصور الفوتوغرافي محمد بو حسن: يفتحون لك قلوبهم فتصورهم

في برنامج «مسامرات ثقافية» الذي يبث على «الوسط أون لاين» اليوم

تمنح عينيك للصورة فتذهب بك بعيدا، وكأنك تريد أن تمسك بالأشياء، وكأن ثمة قصة تتشكل بين يديك من خلال مشهد بسيط، هذا ما يمنحك إياه الفنان والمصور الفوتوغرافي محمد بو حسن عبر مجموعة من الإصدارات تعاهدها الواحد بعد الآخر جامعا بين جمالية الإبداع والجودة والحرفية، يأنس بالأشياء فيصورها هكذا بكل بساطة تعينه طبيعة الموضوع ويترصد الإحساس في كل شيء فيلتقط الصورة، يعايش الناس فيلخص صوره بمقولة يفتحون لك قلوبهم فتصورهم.

الفنان الفوتوغرافي محمد بو حسن هلا حدثتنا عن حكايتك مع الصورة، وما أهم المراحل التي اجتزتها لتتعاطى مع الصورة كما أنت الآن؟

- لا شك أن بداية كل هاوٍ وفنان هي الهواية وحب التجريب، ومن ثم محاولة الوصول إلى مستوى الإلمام ومن بعده الإتقان والوصول إلى مستوى القدرة على التعبير، وقد نشأت وسط عائلة فنية تقريبا فالإخوان كل منهم له علاقة بالفن من قريب أو بعيد سواء المسرح والشعر وغيره مما كان له الدور الكبير في زجي في مجال الفن من مثل محمد بوحسن وأخي إبراهيم الذين يدعمون ويشجعون، طبعا البداية بسيطة ومتواضعة في عملية التصوير والتجريب، الصورة بالنسبة لي هي مزيج من كل ذلك. ولا أزال أتعلم كل يوم شيئا جديدا، ليس مهما إن كان ذلك الشيء صغيرا أم كبيرا، المهم هو أن لا تصل إلى مرحلة من الجمود على ما وصلت إليه.

هل لك أن تحدّثنا عن حكاية « الوراقون» الفكرة التأسيس الطموح الواقع الصعوبات؟

- البداية كانت مع الفوتوغرافية الفنانة ميساء محمد جابر الأنصاري التقينا كوّنا شركة متخصصة في تركيزها على التراث وفعلا كانت بدايتنا في كتاب «أيادي بحرينية» من خلال هذا الكتاب كانت انطلاقتنا في «الوراقون» وتركيزنا كان على التراث وكان همنا أن نرصد مواضيع تراثية جديدة لم يتطرق لها أحد، فقد ركزنا على المواضيع ذات العلاقة بتراثنا البحريني وتراث المنطقة بشكل عام، فكرة «الوراقون» جاءت وليدة للحاجة، نحن نحتاج أن نمسك بتراثنا و مفردات ثقافتنا قبل أن تتلاشى إلى الأبد، إن خصوصيتنا الثقافية تكاد تضيع في موجة عظيمة من العولمة المتوحشة ولذا فإن دورنا الذي نطمح إليه في (الوراقون) هو الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من تراث وثقافة البحرين والمنطقة بشكل عام للأجيال التي ستأتي من بعدنا.

وهناك صعوبات كثيرة تواجه كل من يعمل على إنجاز هذا الهدف، أولها رفع مستوى الوعي بأهمية هذا الهدف في المجتمع ذاته فنحن نعمل كجزء من كل. وهناك صعوبات مهنية ولوجستية التي تواجهك، ففي النهاية أنت تعمل في سوق وهذا السوق له تذبذبات، ومتطلبات و قوانين أنت مطالب بمراعاتها جميعا. وأخيرا الإبداع عملية تفكير و بناء معرفي، وهذه من أصعب ما يواجه المبدع أيا كان مجاله.

ما أهم الإنجازات التي حققتها «الوراقون» عبر مسيرتها منذ التأسيس حتى هذه اللحظة؟

- نحن مازلنا في البداية وهذه البداية هي التي تعطينا دافعا أن نعمل ونفكر وننتج أشياء مميزة وكان إنجازنا يتمثل في كتاب (أيادي بحرينية) بحيازته على المركز الأول في معرض الكتاب وحين جلسنا مع صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أعطانا الدعم المعنوي في أن ننطلق في هذا المشروع إلى يومنا الحاضر وهذا دعم كبير، ولدينا كتاب (مساجد خليجية) حصلنا فيه على الجائزة الثانية في معرض مطبوعات في الإمارات وهذا كان دافعا لنا.

للشركة حتى الآن 8 إصدارات ما الطريق الذي تبذله الصورة حتى تتصل لعين المتصفح أو القارئ، ما أهم الجهود التي تبذل حتى يرى الإصدار النور، من حيث الفكرة الفنانون المكان الأشياء المصورة الأدوات الجهات الممولون، وجهات النشر؟

- طبيعي أن ما يراه الناس من أعمالنا ما هو إلا نتيجة لجهود تضافرت معا حتى يبرز العمل بالصورة التي تعجبهم. يبدأ العمل بفكرة، وبحث و تنقيب عن المعلومات، ثم يبنى من كل ذلك مقترح لمشروع تتم دراسته من ناحية جدوى وإمكانية التنفيذ، وبعد ذلك يقوم الكتاب والفنانون بالعمل على موضوع الكتاب من ناحية استكشاف الأمكنة للتصوير والبحث الميداني لاستخلاص المادة المكتوبة والمادة البصرية، فيما يعمل جهاز التسويق على إيجاد الممولين لتبني هذا المشروع. قد نضطر أحيانا للسفر بين مناطق بعيدة لتصوير الموضوع كما حدث في كتابنا (سفن عربية) مثلا، فقد صورنا موضوعه في معظم دول الخليج، ثم سافرنا إلى المغرب لتصوير الموضوع نفسه. كل مشروع له طبيعته، غير أننا لا ندخر أي جهد في سبيل إصدار مميز و فريد، والعامل الأساسي في عملنا هي الصورة حيث تأخذ الصورة بطريقة مختلفة وغير متكررة والتركيز على التفاصيل مهم جدا والإضاءة والزاوية وتكوين الصورة نفسها هذا ما يعطيك تميزا فتلاحظ أن أكثر الصور مرتاحة جدا في الصفحات مع نص بسيط تحت الصورة.

العين التي ترى الصورة هي عين مختلفة من الممكن أن تذهب لمكان معين لكن تحتاج إلى أن تأخذ الصورة أكثر من مرة بأكثر من زاوية وتعيش الحالة وتعيش الموضوع نفسه حتى تستخرج شيئا منه، بعض الموضوعات مثل السفن العربية جعلنا ننتقل في الخليج والمغرب وصورنا في منطقة (صويرة) التي تبعد عن العاصمة 400 كيلو متر وجلسنا مع أهل (صويرة) وعشنا مع الناس الذين يعملون فليس من السهولة أن تأخذ صورة من غير ارتياح، ولأننا بحرينيون تقبلنا الناس بطريقة راقية والناس تتقبل وتتمنى أن تصورها لأنك بحريني.

كيف تجدون طبيعة تلقي إصداراتكم من حيث الحضور كيف تتعامل الناس مع إصداراتكم الصورية ما التشجيع الذي حصلتم عليه من قبل من المؤسسات المعارض من الفنانين المصورين أو حتى من عامة الناس ما طبيعة وأنماط التلقي بالنسبة لكم؟

- إصدارتنا تجد صدى طيبا لدى كثير من المتلقين على مختلف المستويات ومن الأفراد والشركات على حد سواء وتقدمها كهدايا لزبائنها، إنها تلقى قبولا عاما من الجميع من الفنانين والمثقفين، و من رجال الأعمال، و من الحرفيين أنفسهم لأسباب عديدة أهمها ذلك الإحساس الذي تبعثه بأهمية التراث والثقافة في حياتنا، وأعتقد أن ذلك هو ما يجعل الجميع يقدرها بغض النظر عن أي اعتبار آخر، أما الأسباب الأخرى فقد تختلف باختلاف الأشخاص، ونحرص على الجودة وكل كتاب من أبناء (الوراقون) هو ولد مدلل من ناحية الألوان والتجليد وغيره، وكتاب (أيادي بحرينية) يباع بأقل من عشرة دنانير في السوق، وهناك نسبة للمكتبة على حساب صاحب الكتاب وإذا أردت الجودة في التقنية والطباعة فلابد أن تدفع أكثر.

من يتبصر في الصور وطبيعة اللقطات يجدها قد التقطت بخصوصية تامة وطبيعة حرفية خاصة، وكأن ثمة شروط إبداعية أساسية تحتكم لها اللقطة وهذا يجعلنا نتساءل ما الطبيعة الإبداعية أو الحرفية التي تحتكمون لها في إنجازاتكم؟

- أهم من اللقطة الموضوع والشكل وأن تعيش هذه الحالة مع من تصوره وتكوّن معه علاقة رحبة ففي (منطقة صور) في عُمان جلسنا مع أناس ولم نصورهم إلا بعد التّعرف عليهم من قرب إذ يفتحون لك قلوبهم فتصورهم من غير تردد وتنفتح لك كل الأبواب. ولعل ما يساعدك على الصورة التقنية والوقت وغيره فنحن نعمل في (الوراقون) كفريق والكل يكمل الآخر ومن غير التصميم والنص والجهود الأخرى لن ترى الصورة كما تراها الآن.

أما بالنسبة لي فتعنيني طبيعة الموضوع، والتقاط الإحساس في الصورة، إذ يجب أن تروي الصورة قصة ذلك المجد، وقصة الناس الذين صنعوه، إن درجات الظل والضوء والتفاصيل المدهشة تحمل معنى و تقول شيئا، وهذا ما يهمني، ولذا لا أكتفي بتصوير خمس أو حتى عشر صور، أحاول أن أنظر للتفصيل الواحد من جوانب وزوايا متعددة، وعندما أذهب للمكان أحاول أن أكون من أهله، لأشعر بما يشعرون به، فذلك يساعدني على نقل القصة للمتلقي بحرارة وصدق، وهذا هو ما يحقق الهدف من التصوير ومن إصدار الكتاب، أن تجعل الناس تشعر بما شعرت به أنت عندما كنت هناك.

يحضر النص في الصورة بشكل إبداعي أو توثيقي أيضا في الكتب بشكل حرفي جدا وموجز ومختزل ما طبيعة تعاملكم مع النص المصاحب للصورة ما شروطكم لاختيار النص وطريقة عرضه وتركيزه على المعلومة نفسها؟

- النص المصاحب للصورة هو نص من صاحب الصورة النص حقيقي وهو جزء من الواقع جزء من الصورة لا خارجها، وبالنسبة للنصوص الموثقة للسفن أو البواب أو الأسواق التي صورناها وصدرت في شكل كتب فنحن نعمل كفريق ولدينا متخصصون في البحث والترجمة واختيار النصوص المناسبة من الأشخاص الذين نصورهم أنفسهم.

للضوء والظلال دور كبير في صناعة صورة ذات بعد وعمق يثير فتنة واحتفاء ومحبة للأشياء والاستحواذ على الصورة وتملكها واقتنائها هل تتعمد صناعة الظلال أم تذهب إليها حيث تجدها لتقتنصها؟

-حينما تأخذ الصورة فأنت تفكر وهي تدل على ذهابك، وهي كما أشرت تكوين علاقة مع صاحب الصورة من المستحيل أن تصور شخصا وهو غير راض عنك، بعض الأوقات تقتنص صورة من غير رضا، والمغربيون يقولون قبل الصورة « إنت هدرت معاه» أي هل تحدثت معه حتى أخذت له صورة؟! من الممكن أن تقتنص الصورة ولكنها أحيانا تكون ناقصة، قبل أن تصوّر لا بد أن تكون علاقة مع الأشياء والأشخاص حتى يتعاملوا معك بارتياح فبعض الناس يخاف من الكاميرا، وبالنسبة للأشياء التي تصورها ومسألة الظلال فإن الوقت المناسب يعطيك معيارا للصورة وتركيزك على الموضوع نفسه والتفاصيل الأخرى، الزوايا وفي النهاية الصورة عمل متكامل من حيث إحساسك بالموضوع بالفكرة تعيش المكان نفسه وقد تذهب لمكان فتكتشفه أولا ثم ترجع مرة أخرى إليه لتصوره مرة بعد مرة.

جميل أن الصورة تكتشف المكان وهذا يحيلنا إلى ما للمكان من إثارة كبيرة تستحث العين على التقاطه تسويره امتلاكه ما أهم الأمكنة التي تستدعيك لأخذ صورها دائما، وهل تستطيع الصورة أن تشبع العين وتكبح جماحها عن الشغف بالمكان والولع به؟

- التراث الذي تحس أن سيفتقد في يوم من الأيام لا تشبع منه وتتعمد بأن تصوره إلى ما لا نهاية لأنك تحس أنه إلى ذهاب فثمة باب قديم يجعلك تصوره طوال اليوم لأنك تشعر بأنه سينتهي وأن هذه المهنة ستنتهي وأن هذا الرجل الكبير في السن كذلك فتتبع خطواته فأنت تشبع عيونك وتسألها هل اكتفت أم لا، أنت حينما تذهب إلى سوق قديم يحملك الشعور دائما إلى أن تعود له مرة ثانية لا للتتسوق بل لتلتقط له صورة ثانية وتأخذه من زاوية ثانية، رغبة في التصوير ومحبة للكاميرا التي هي رفيقة دربك.

لعل سهولة الأداة الفنية وتداخلها مع التكنولوجيا الحديثة ساعد استسهال العملية الفنية وكذلك ساعد على ظهور الكثير من الفنانين وحضور إبداعاتهم وخصوصا من خلال المواقع الإلكترونية كيف تنظر لهذه الظاهرة؟

التصوير له أكثر من مدرسة وهو يعتمد على الشخص نفسه وشخصيا ابتعد عن التقنية في الصورة في تبديل ملامح الصورة من ناحية تطويرها بشكل غير واقعي بعض الفنانين يحتاج لأن يغير في الصورة فيمنحها سماء ويبدل فيها ما يشاء من وجهة نظري الشخصية أحس بأنه كلما كانت الصورة واقعية حقيقية من غير إضافة كلما أعطيتها مصداقية، وكلما ازدادت المؤثرات التقنية كلما استُهلكت الصورة؟

- لعله من المهم أن نخرج من هذا الحوار بتسليط الضوء على عمل مقبل قادم فما إنجازاتكم المقبلة؟

- طفلنا الجديد الذي ستصدره «الوراقون» اسمه القهوة العربية أحد أبنائنا المقبلين وهو في المرحلة النهائية في المطبعة وهو كتاب صوري ممول من أحد البنوك السعودية ويعتبر الكتاب رحلة إلى عالم القهوة العربية وصناعتها وأجواء شربها وقد بدأنا مع المشروع في اليمن وتتبعناها مناطق كثيرة منذ بداية النبتة إلى نموها وثمرها إلى تقشير ثمر البن نفسه حتى نصل لشربه كقهوة عربية خالصة.

العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً