العدد 2605 - الجمعة 23 أكتوبر 2009م الموافق 05 ذي القعدة 1430هـ

رسالة من تحت الماء

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

نشرت الصحف ووسائل الإعلام العالمية صور انعقاد لجلسة غير مألوفة لحكومة جزر المالديف تحت قعر الماء في المحيط الهندي وقد كان متمثلا في الاجتماع المذكور الجهاز التنفيذي للهرم السياسي من رئيس الدولة ونائبه ومعظم الوزراء.

فكرة الاجتماع غير التقليدية نابعة من أفكار الرئيس المالديفي محمد نشيد لجذب الانتباه العالمي للمصير المنظور لهذه الجزر الرائعة وقد نجحت هذه الفكرة نجاحا باهرا في تثقيف وتوعية شعوب العالم بتهديدات موضوع تغير المناخ فـ»الصورة تعادل ألف كلمة» كما يصرح المثل الصيني. في خلال مدة لا تتعدى النصف ساعة، قام الوزراء بتوقيع وثيقة استنجاد للعالم المتحضر طالبين فيها خفض البصمة الكربونية لدولهم وإلا فإن الخط الأمامي للعالم - أي المالديف - سينغمر تحت سطح البحر. الهدف من هذا الاستنجاد هو إلقاء الضوء على محنة الجزر الصغرى في العالم - وخاصة اتحاد دول الجزر الصغيرة (AOSIS) - في مؤتمر المناخ في كوبنهاغن في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

جمهورية المالديف عبارة عن أرخبيل ذي جمال خلاب ومكون من 1192 جزيرة مرجانية استوائية ممتدة على مساحة تتعدى 90 ألف كيلومتر وتقع في جنوب غرب الهند وهي مشهورة بأنها جنة ومقصد للسياح والزائرين، أما الناتج المحلي الإجمالي لهذه الجزر فيعتمد بنحو 30 في المئة على قطاع السياحة وتتحصل خزينتها على 60 في المئة من نقدها الأجنبي عن طريق هذا المصدر. الشعب المالديفي يدين بالإسلام وعدد سكانها لا يتعدى 300 ألف نسمة، وتتركز مستوطناتها البشرية في 185 جزيرة.

تتميز جزر المالديف بانخفاض مستوى سطح اليابسة فمتوسط سطح اليابسة لا يتعدى 1.5 متر أما أعلى نقطة فلا تتعدى 2.3 متر، وبسبب هذه الحقائق الجغرافية فقد دقت قضية الاحتباس الحراري أجراس الخطر ولذلك صرح الرئيس المالديفي لوسائل الإعلام «اننا لم نسبب الأذى لأحد، ولم نكن من المسببين لهذه القضية البيئية، ونحن دولة فقيرة لا نقوى حتى على حضور مؤتمرات البيئة».

النماذج الرياضية المعقدة بواسطة علماء المناخ تتوقع غرق هذا الأرخبيل بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الناشئة عن زيادة تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون في الهواء الجوي. واستعدادا لسيناريو غرق هذه الجزر خلال قرن من الزمان فقد تم إنشاء صندوق لجمع الأموال لشراء أراضي في الدول المجاورة استباقا لحدوث هذه الكارثة القومية!

مؤتمر المناخ في كوبنهاغن على الأبواب وستكون محاور موائد الحوار حول طاولات المفاوضات والمناقشات الماراثونية بين الأطراف الرئيسية فرصة لدول وممالك الجزر الصغيرة للتعبير عن مخاوفها وهواجسها عن ظاهرة غير طبيعية لم تكن مساهمتها تتعدى نسبة مئوية ضئيلة من المجموع الكلي.

بالنسبة إلى مملكة البحرين، فنحن لا نريد أن نؤسس صندوقا استثماريا لشراء الأراضي في الدول المجاورة بل من المفترض أن ندمج مع الأطراف الضاغطة في هذا المؤتمر في محاولة لإبراز الأخطار والحصول على الحد الأعلى من المكتسبات وخاصة في مجال تبادل الخبرات والأموال من الدول الملوثة لحماية سواحل المملكة. بعد انتهاء هذا المؤتمر، لابد أن يتم ترسيخ المفاهيم التي تحافظ على البيئة والطاقة من خلال زيادة التوعية في المجال التعليمي سواء في المدرسة أو الجامعة وإدخال هذه التخصصات المرغوبة في لب المناهج الدراسية وبذلك تعطى الأولوية من قبل القيادة التنفيذية في المؤسسات المختلفة لتنفيذ رؤى الاستدامة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2605 - الجمعة 23 أكتوبر 2009م الموافق 05 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:05 م

      الخطر قادم

      بالطبع الضحية ستكون هي الجزر و لا غيرها في المقام الأول و تجب توعية الناس بهذا الشأن.

اقرأ ايضاً