العدد 320 - الثلثاء 22 يوليو 2003م الموافق 23 جمادى الأولى 1424هـ

هجوم الأمم المتحدة على الفقر

تنبأ قرار رسمي صدر عن الأمم المتحدة منذ عدة أسابيع بأن عدد الاشخاص الذين يعيشون على أقل من دولار في اليوم يمكن ان ينخفض الى النصف في خلال عقد واحد.

ويعتبر الهدف الذي يسعى اليه التقرير وهو تخفيض عدد هؤلاء الأشخاص بشكل دراماتيكي من 1,2 بليون شخص يعيشون حاليا في فقر مدقع، أحد ثمانية أهداف طموحة وضعت في بداية هذه الألفية، فمع بزوغ قرن جديد، تعهد قادة اقوى الدول بمساعدة 800 مليون شخص يعانون من الجوع المزمن، وأربعة عشر مليون طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما بسبب وباء نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) ونصف مليون امرأة يموتون أثناء الحمل أو الولادة في كل عام.

وقد نسب هذا التقرير الذي صدر عن برنامج التطوير بالأمم المتحدة فضل التقدم في تحقيق هذه الأهداف الى زعماء الدول النامية الذين طبقوا السياسات الداخلية الرئيسية وليس الى زعماء الدول المتطورة الذين تنافسوا لكي ينظر اليهم العالم على انهم محسنين.

ويفسر مدير برنامج التطوير بالأمم المتحدة مارك مالوك هذا الأمر قائلا «ان التقدم الذي حدث في الصين والهند وأدى الى تقليل الفقر كان كافيا لتحقيق أحد الأهداف الرئيسية لهذه الألفية». ان رئيس وزراء المملكة المتحدة طوني بلير، ورئيس الولايات المتحدة بوش والرئيس الفرنسي جاك شيراك تنافسوا جميعهم ليصبحوا قادة التطوير لكن الأشخاص الذي قدموا أفضل منهم هم رئيس الوزراء الصيني وين جياباو، ورئيس المكسيك فوكس، ورئيس البرازيل لولا.

ويضيف مارك قائلا «ان القصة الحقيقية لتقليل الفقر هي ان الدول الكبرى التي تقوم فيها الطبقة المتوسطة بتحديث الاقتصاد، تتخذ القرار بتوجيه الموارد الرئيسية في البلاد الى المناطق النائية» ولكن تقرير التطوير البشري للعام 2003 أوضح ان 59 بلدا من الدول التي تعيش على حافة صحاري أو من شعوب الاتحاد السوفياتي السابق قد قامت بتخفيض سلم الفقر في العقد الماضي في مواجهتها لمرض الايدز والحروب والديون الأجنبية الكبيرة.

وقد أصر خبراء برنامج التطوير بالأمم المتحدة على ان المعاهدات التي تم عملها في اعلان الالفية الجديدة ستفشل ما لم يتم تقديم مساعدات كافية، وقد قدر التقرير أن تدفقات الأموال يجب ان تضاعف الى ما لا يقل عن 100 بليون دولار.

ويفسر كاتب التقرير الرئيسي ساكيكو فوكودا بار هذا الأمر قائلا «ان اهداف التطوير في الألفية الجديدة لن تستوفى مالم نر اية تغييرات، فهذا ليس أمرا سهلا، وبالنسبة الى معظم أجزاء إفريقيا وأجزاء اخرى من العالم، فان التطوير بحاجة الى أن يتم تسريعه بشكل كبير».

وقد صدر تقرير الأمم المتحدة (موضوع المقال) في دبلن في 10 يوليو/ تموز الجاري وفي موبوتو بعد ذلك بيومين. وقد تم اختيار ايرلندا كمثال لدولة قامت بأكثر مما قامت به معظم الدول لتحترم تعهدها عن طريق زيادة المساعدات اما موزمبيق فقد اختيرت لأنها اتخذت خطوات كبيرة وذات معنى تجاه التخلص من الفقر.

يقول مالوك براون «اننا لا نطالب بشيكات موقعة على بياض، هناك شراكة جديدة في العمل هنا وهي تعني أن المساعدات يجب أن تكون متحركة في الاتجاهين، فالدول الفقيرة يجب أن تقوم باصلاحات لمناهضة الفقر، اما الدول الأخرى فيجب عليها أن تقدم دعما أكبر». ويذكر التقرير أن الصين والهند نموذجان لدولتين اتخذتا موقف ترقب فيما يتعلق بالفقر، وبوجود ثلثي سكان العالم الذي يشكلون اكثر الناس فقرا في آسيا، فان هذه التطورات تؤثر على الأرقام العالمية بشكل دراماتيكي.

وقد رفع اقتصاد الصين الديناميكي 150 مليون شخص من الفقر، كما كان نجاحه بسبب دمج الاستثمارات المكثفة، وتنظيم العمالة والتنافس، ووضع بنية تحتية للوصول الى اسواق العالم، والاستثمار المبكر لمحو الأمية والتطوير البشري والدرجة العالية من ضبط تحويل السلطات المركزية ومحاسبة الناس على المستوى المحلي.

ان نقل السلطات المركزية في الهند قد قدم حقيبة متنوعة تحوي بعض الدول التي تنمو بقوة لتخلق نظام تعليم جيد ونظام صحة بينما تفشل دول أخرى في هذا المجال بشكل دراماتيكي. وبغض النظر عن ذلك فقد شهدت البلد ارتفاعا في نمو الأفراد بمعدل 4 في المئة سنويا في الفترة ما بين 1990 و2000.

ولكن نجاح كلا من الصين والهند لا يمكن أن يتكرر بالضرورة في اقتصادات أخرى، يقول مالوك براون «في الدول ذات الكثافة السكانية العالية فان اشارات النجاح هي انتقال الاشخاص في الاتجاه الصحيح، ولكن في الدول الصغيرة المعزولة والمنغلقة لا يحدث ذلك، ففي هذه الدول المعرضة للاخطار تحدث المساعدات الدولية اختلافا استراتيجيا كبيرا».

في بعض الدول الإفريقية - وبعيدا عن مشكلات الايدز والصراعات - فان الاعتماد على سلعة واحدة، والانعزال عن الاقتصاد العالمي وكذلك عدم الاستثمار في الزراعة الذي يقود الى تدهور البيئة، جميعها امور تجعلهم غير قادرين على اخراج انفسهم من مصيدة الفقر من دون مساعدة.

وقد نادى تقرير الأمم المتحدة الأخير بتشكيل هجمة شرسة عن طريق التوجيه الجيد والشفافية، والتركيز على اصلاح التعليم والصحة وعدم نسيان أهمية التجارة والبنية التحتية للمواصلات.

ويقول مدير برنامج التطوير بالأمم المتحدة «هناك حاجة الى دفعة كبيرة تجاه اللامركزية وتحسين مشاركة الناس وضبطهم، وكل هذا له علاقة بالديمقراطية والتطوير».

هذه الأهداف سهلة الفهم بالنسبة الى الفقراء كما هي للزعماء، وهي تتعلق بالوظائف وتوفير وجبات مرضية لجميع أفراد العائلة، وتوفير التعليم للأطفال وحماية البيئة التي يعيش عليها عدد كبير من فقراء العالم.

ويشير فوكودا بار الى ان 55 في المئة من الاشخاص الذين يحصلون على أقل مما يساوي دولارا واحدا يوميا في الخمسينات بينما انخفضت الأرقام الى النصف الآن، كما يصر على ان الفقر ليس حتميا.

ويضيف مالوك بروان «هذه لحظة انتباه مهمة، فنحن لا نستطيع الانتظار خمسة أو ستة أعوام. والطفل الذي يتعلم الآن هو فقط من سيتمكن من المساهمة في اقتصاد بلده بعد عشر سنوات من الآن، والى حد ما فان اهداف التطوير في هذه الالفية لم تقرر بعد. في مونتيري (قمة الدعم المالي من أجل التطوير) وايفيان (قمة G8) تم اعطاء وعودا كبيرة، ولكنها جميعا وعود هشة فالكلمات التي تطلق في هذه القمم سريعة التبخر».

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً