وكأن السياسة قد اضحت قدرا مفروضا عليهم... هكذا يبدو حال غالبية الشباب البحريني، خصوصا بالنسبة إلى أولئك الذين قضوا ربيع عمرهم في ديجور الغربة أو في غياهب السجون!!
ربما تكون الظروف السياسية التي عاصرتها شريحة كبيرة من الشباب البحريني، قد لعبت دورا حاسما في بلورة رؤية سياسية قد لا يمتلكها الكثير من اقرانهم من ابناء الدول المجاورة، وقد يكون الأمر لا يتعدى عن كونه الهوية المفضلة لدى البحرينيين، وكما يقول الكاتب اللبناني أنيس نقاش في مذكراته الشهيرة، في طرفة هي أقرب للواقع «إن البحرينيين مولعون بالسياسة من المهد إلى اللحد»!!
صحيح ان الشباب هم المعنيون أولا وأخيرا في أية حركة اجتماعية أو إصلاحية تشهدها البحرين، وهم الرهان الناتج في اي مشروع إصلاحي أو تنموي ستشهده البلاد في المستقبل المنظور، ولكن على رغم ذلك، فإن دخول الجمعيات الشبابية في المعترك السياسي في وقت مبكر، هو بالتأكيد يعد أمرا سابقا لأوانه، لأنه قد يربك الوضع، وقد يزيد من تصعيد الامور المعقدة اصلا، بوتيرة متسارعة قد تفوق التصور.
وعودا على ذي بدء نقول ان يإمكان هذه الجمعيات ان تستفيد ولو آنيا من جدلية الانشغال في السياسة من الانشغال بها، حتى وان كنا نتحفظ على هذه النظرية الفلسفية التي اقترحها الوزير المطوع سابقا...
من دون ادنى شك، ان هنالك اولويات اخرى، قد تفوق السياسة على رغم أهميتها، لذلك فمن الضروري بمكان على هذه الجمعيات الشبابية ان تمعن النظر فيها بجدية... وعلى رأسها تبني تلك القضايا التي تؤرق شبابنا ليل نهار، وتشكل هاجزا خطيرا يصعب تجاوزه، بدءا من البطالة التي أقرت الجهات الحكومية أخيرا بأنها تتجاوز السبعة عشر الفا، ما يعني في النهاية ان مانسبته 20 في المئة من مجموع القوة العاملة هم عاطلون عن العمل، مرورا بآلام الشباب وآماله في مستقبل لايزال مجهول المعالم، وطبعا ليس انتهاء بالمشكلات الاجتماعية التي تعاني منها طبقة شبابية عريضة في مجتمعنا البحريني. وإذا ما تمكنت هذه الجمعيات من تأمين رغيف خبز لبعض هؤلاء، فإنها تكون قد قدمت خدمة جليلة إلى هذا الوطن، تفوق بكثير تلك الشعارات البراقة التي يتسلق من خلالها الطفيليون - عفوا السياسيون - الذين ارهقوا الوطن بشعاراتهم الزائفة التي لا تكسو من جوع، ولا تآمن من خوف!
ولكن ختاما لزم القول ان الكلمة الفصل في هذا الموضوع متروكة للقاعدة الشبابية الواعدة ذاتها، التي تملك الرؤى والقدرات، وبإمكانها عمل المستحيل ان اتيحت لها الفرصة
العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ