العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ

الجامعات الأهلية أتاحت للطالب حرية الاختيار

رئيس الجامعة العربية المفتوحة لـ «الوسط»:

قال رئيس الجامعة العربية المفتوحة سمير قاسم فخرو في لقاء مع «الوسط» انه يصعب الحكم على تجربة التعليم الجامعي الخاص في البحرين في هذا الوقت، مضيفا أن معيار الحكم الصحيح هو تقييم مخرجات هذه الجامعات، مشيرا في لقائه إلى الأهمية الكبيرة المناطة بوجود جهة مركزية تقع عليها مسئولية وضع اللوائح والقوانين المنظمة لعمل الجامعات الخاص، كان هذا في اللقاء الذي أجرته «الوسط» معه، وفيما يأتي نص اللقاء.

بعد مرور مدة من الزمن على تأسيس عدد من الجامعات الخاصة، هل يمكنك إعطاءنا لمحة تقييمية عن طبيعة أداء هذه الجامعات، كونك رئيسا لأحدها؟

- من المبكر الحكم على الجامعات الخاصة، في ضوء المنعطفات الكثيرة التي تمر بها الجامعات الخاصة أو أية جامعة أخرى في مرحلة التأسيس. وفيما يخص الجامعات الخاصة فأعتقد أن مشكلتها تتمثل في غياب اللوائح التي تنظم عملها، ونرجو أن يتم تجاوز ذلك بصدور قانون التعليم العالي، المعروض حاليا على مجلسي النواب والشورى، وإذا صدر هذا القانون، تتأسس بشكل صحيح العلاقة بين وزارة التربية والتعليم والجامعة الخاصة، وكذلك أسلوب تقييم هذه الجامعات، دون حساب للأسبقية، فهناك مراحل مختلفة تمر بها الجامعات من منطلق تاريخي، كأن تأتي جامعة قبل أخرى وتكون العلاقة معها أكثر دقة وتشديدا، وهذا شيء طبيعي بحكم الظرف الذي يتطلب أن تكون المسألة أكثر تشديدا، فيأتي القانون لينظم عملية التقييم، ومتابعة الجامعة الخاصة، وضبط جودتها وأدائها.

لذلك، فتقييم الجامعات الخاصة بحاجة إلى وقت، ولا يمكننا الحكم عليها إلا من خلال مخرجاتها، وأقدم الجامعات الخاصة في البحرين بدأت عملها سنة 2002 م، لذلك لا يوجد الوقت الكافي لتقييم مستوى الخريجين والذي على أساسه نحكم على الجامعة. وقد تم ترخيص هذه الجامعات بناء على المعلومات الأولية، ولكن تقييم تلك الجامعات بحاجة إلى وقت، وفق قانون التعليم العالي واللوائح المنبثقة منه، لتنظم العلاقة بين الجهة التي تقيم.

والتقييم عادة يمر بمراحل عدة، منها الاستبانات، وعمل الجامعة الخاصة الخارجية التي تعترف بالجامعة الخاصة، ثم تأتي الزيارات الميدانية وتتم اللقاءات بين المسئولين في الجامعة، ونظرائهم في وزارة التربية والتعليم، ثم يأتي تقييم المؤسسة ككل من حيث توافر المستلزمات والإمكانات التي تؤهلها لتقديم تعليم جيد أو متميز، وبعد ذلك يتم تقييم البرامج التخصصية كل برنامج على حدة، ولكن هذا لا يعني الشيء الكثير، من دون النظر إلى مستوى الخريج. ثم لا بد من تقييم الأستاذ من قبل الطلبة الذين لابد أن تكون لديهم الحرية لإبداء الرأي، وهناك استمارات تقييم معتمدة من الجامعات الأوروبية، وتقوم الإدارة بعد ذلك بالمراقبة الفنية للعملية.

وبالنسبة إلينا في الجامعة العربية المفتوحة فنحن فرع من فروع مختلفة، وهناك جهة متخصصة في المقر الرئيسي، وهذه الجهة تتمثل في عميد البرنامج وبعض العاملين معه، فهؤلاء لهم دور الرقابة، وإذا وجدوا نقصا في الأداء فتقع على عاتقهم مهمة المتابعة والمحاسبة، ليس بغرض اتخاذ إجراءات ضد الأستاذ ولكن على الأقل لإشعار الأستاذ بأن هناك من يتابعه، بهدف ضبط العملية التعليمية. والشيء الآخر المهم بالنسبة إلى عملية تقييم المستوى، عدد الطلبة في الصف، وتوافر المختبرات، وتوافر المشرفين، إضافة إلى مستوى الأستاذ الجامعي.

كيف تنظر إلى أهمية وجود قانون يسهم في ضبط العملية؟

- من وجهة نظري أشعر بأهمية وجود جهة مركزية، تتمثل في مجلس التعليم العالي، أو كما هو الحال في بعض الدول من خلال وزارة التعليم العالي، وحاليا هذا غير موجود في البحرين لحداثة التجربة، لكنني أشعر بوجود جهود حثيثة للسعي في هذا الاتجاه. وبالعودة إلى وزارة التعليم العالي، أو مجلس التعليم العالي، فإن دوره يتمثل في وضع اللوائح والقوانين، ومتابعة إصدار الرخص للجامعات الخاصة، والتأكد من التزامها بالمستوى المتميز في التعليم من الناحية النوعية. والتزامها - أيضا - بتوفير الأماكن الكافية، وبقياس نسبة عدد المدرسين مقارنة بأعداد الطلبة، ومقومات الجو الجامعي، والتأكد من مستوى الخريج، وهذه القضايا كلها تعتمد على متابعة المجلس.

برأيك ماذا قدمت الجامعات الأهلية حتى الآن؟

- حتى هذه اللحظة فإن الجامعات الأهلية قدمت شيئا واحدا، وهو حرية الاختيار، ففي السابق كان أمام الطالب خيارا واحدا، أو بالانتساب للجامعات الخارجية، أو بعض المعاهد والمؤسسات ذات الارتباط بالجامعات الخارجية، أما اليوم فإنه أصبح أمام الطالب عدد من الجامعات المحلية ذات المباني، والتي تمنح الشهادات العلمية، وهذه تتيح أمام الطالب حرية الاختيار للأفضل، أو الأنسب لرغبته.

ما الفئة الطلابية التي تستهدفها الجامعات الخاصة بشكل خاص؟

- الجامعات الخاصة تستهدف أنواعا مختلفة من الطلبة، فهي تستهدف الموظف لا لتطوير أدائه الوظيفي فحسب، ولكن لتطوير ثقافته الإنسانية وللحاق بركب حاملي الشهادات بعد أن تركوا التعليم فترة، وانشغلوا بسبب ظروف خاصة أو طارئة، ثم أرادوا معاودة الدراسة. وهناك فئة المستجدين. ولكن معظم الطلبة الملتحقين بالجامعات الخاصة هم من المستجدين من الثانويات العامة، ويأتي بعدهم الحاصلون على درجة البكالوريوس ويريدون مواصلة دراستهم لنيل شهادة عليا سواء في التخصص الذي تخرجوا منه، أو في تخصص جديد، ويليهم الذين دخلوا في سوق العمل، ويريدون الحصول على الشهادة الجامعية الأولى، أما الفئة الرابعة فهي ربات البيوت، وهن من أكثر الفئات جدية وانضباطا في العمليات التعليمية.

هل بالإمكان الحديث عن وجود تميز بين ما تقدمه الجامعات الأهلية قياسا بالجامعات الوطنية؟

- بالنسبة إلى الجامعات الأهلية، فعليها العمل بشكل أكبر، على اعتبار أن الجامعة الوطنية هي المرجع، وهي الجهة التي تحميها الدولة، وهي التي تمثل الدولة في الخارج، كما أنها جهة التأسيس، وقد تكون عليها ضغوط في البدايات تنشأ بسبب توقع الناس لشيء منها، ولكن حين تستقر أمورها يبدأ الناس بقياس الجامعات الأهلية بالجامعة الوطنية، بمعنى هل الجامعة العربية المفتوحة أو غيرها معادلة لجامعة البحرين، فالتحدي كبير بالنسبة إلى الجامعة الأهلية لاعتبارات الربح والخسارة، فالجامعة العربية المفتوحة - على سبيل المثال - هي جامعة غير ربحية، ولكنها لابد وأن تربح حتى تستمر، وهي بحاجة - بالإضافة إلى الإدارة الأكاديمية - إلى إدارة مالية، وإيجاد مصادر تمويل، ولكن ينبغي ألا تقوم هذه المصادر بالعمل على تخفيض المستوى الأكاديمي، لتصبح صندوقا تجاريا، وهذه مسألة أساسية تستدعي إقامة توازن للمحافظة على الرصانة والسمعة الأكاديمية والتميز، وهذه المعادلة تحتاج إلى احترام مستوى طلبة الجامعة، على اعتبار أنهم أكبر ثروة للمجتمع، فإذا قمت بتسهيل الدراسة، فإن المجتمع سيقيم بذكاء أداء الجامعة، وسيكتشف هذا التساهل بعد سنة أو سنتين، وسينقل الطالب الخريج بدوره هذا الرأي إلى زملائه أو إلى الدفعات الجديدة التي ستلتحق بالجامعة، ومن ثم يصاب الطلبة بالنفور من هذه الجامعة أو تلك.

هل بالإمكان أن تحظى الجامعات الأهلية بالدعم الحكومي على مستوى الرسوم الجامعية على الأقل في مرحلة التأسيس الأولى، بحيث لا تكون الجامعات الخاصة مقتصرة على فئة محددة تستطيع تحمل التكاليف المرتفعة... وسؤالي الآخر إلى من تتوجه الجامعات الأهلية، هل تتوجه إلى جميع الطلبة علما بأن متوسط الأجور بشكل عام لا يتناسب مع تكاليف الدراسة المرتفعة، وما دور الدولة مما يجري في الجامعات الأهلية لجهة الدعم المشار إليه؟

- من وجهة نظري، لا أعتقد أن دور الدولة يتمثل في الدعم المالي للجامعات الأهلية، سواء في البحرين أو خارجها، ولكن دور الدولة يتمثل في توفير المناخ الإيجابي، وربما بالمساعدة بقطعة أرض مثلا، ولكن الأهم بتوفير أرضية من النظم واللوائح والقوانين التي تنظم التعليم العالي، وبتوفير جهة الرقابة والمتابعة لضبط الجودة، كما هو الحال مع المصارف، اذ تقوم مؤسسة نقد البحرين بالرقابة، أو من خلال وزارة التربية والتعليم في حالة التعليم العالي. هذا الدور الذي لابد أن تقوم به، وليس التمويل، وإذا أردنا الحديث عن الدعم كأن يكون دعما في توفير قطعة أرض مثلا - كما أسلفت، أو في الترخيص، أو في تقييم البرامج، وتوفير جهات الاختصاص، وذلك بهدف المساعدة كي تنال الجامعة الخاصة الاعتراف. ولكن الدولة لابد ألا تتدخل في الإدارة أو في التشغيل، فأي دعم للجامعة الأهلية من هذا النوع سيكون من باب المحاباة. وفيما يتصل بموضوع تخفيض الرسوم، فالجامعة الأهلية تكون مرتبطة بالجامعة الأم التي توجد خارج البلاد، أو تكون مرتبطة بجامعة خارجية تعطي لها الاعتمادية، ولذلك فالجامعة الأهلية في البحرين تدفع رسوما باهظة للجامعة الخارجية، ومن هنا فقد وضعت الجامعة الخاصة هامشا ربحيا وقامت بتقسيمه على الطلبة. وهذه العملية تستدعي بأن تتم الرسوم في مستواها الحالي، وتستدعي أيضا احتكار فئة من الناس تستطيع الدفع... وربما تقول الجامعات الخاصة إن رسومي أقل بكثير من إرسال الطلبة للخارج، وهذه قضية تسويقية، وقضية حاجة الطلبة، وقضية أن الجامعة تريد إثبات أن ما يدفعه الطالب أقل قياسا بالجامعات الخارجية من دون وجود فوارق في المستوى التعليمي وجودته.

بعد هذا التطواف، ما رؤيتك لمستقبل التعليم الجامعي في البحرين؟

- التعليم الجامعي في البحرين بحاجة إلى فترة اختبار للسنتين المقبلتين، بحيث تقدم كل جامعة خاصة بضاعتها، وبناء على ذلك فمن المهم بعد كل سنة أن تكون هناك وقفة تقييم، يليها تقويم للأداء، ولابد من الرقابة والمتابعة بهدف اتخاذ إجراءات وخطوات، لأن التميز النوعي للجامعات الخاصة على قدر كبير من الأهمية، لأنه يرتبط بإيجاد سمعة جيدة للبلد الذي يحتضن الجامعة. لذلك أرجو أن تكون هناك مراقبة على مستوى الجامعات والخريجين، حرصا على إعطاء فرصة أكبر للاختيار من جميع النواحي. وبعد مرور السنتين فأعتقد أن الطالب هو الذي سيقرر مستقبل الجامعة الخاصة التي لم تتميز، وأعتقد أن الجامعة الخاصة غير المتميزة لن تستطيع الاستمرار، لأن المنافسة ستبقي الأفضل الذي يلبي احتياجات المجتمع بالتخصصات التي يقدمها، ويوظف الأستاذ المتميز، كما أن القضية ليست قضية تعليم أو تلقين فقط، ولكنها قضية احترام قدرات الطالب وبناء شخصيته بسمات قيادية، من دون الالتفاف حول ذكائه، لأن الطلبة يمرون بمرحلة توقد. فمستقبل التعليم العالي مبني على نتائج تقييم تجارب الجامعات الخاصة في المستقبل المنظور، والتي ستزداد صعوبة بناء على المنافسة، ودخول جامعات جديدة إلى السوق

العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً