العدد 2619 - الجمعة 06 نوفمبر 2009م الموافق 19 ذي القعدة 1430هـ

منى المنصوري تستوحي تصاميمها من تقاليد وعادات خليجية

تطور وتغيرات الأزمنة والأمكنة لا تمسح عن ذاكرة الإنسان صورا جمعها ليحاكيها بين فترة وأخرى، يستذكر بها محطات طفولته وسويعات سمر أمضاها بين أترابه... كثيرة هي تلك الصور التي سجلت تقاليد وعادات بلدان الخليج، لتستوحي منها المصممة الإماراتية منى المنصوري صورة تحلق صبايا الديرة حول بئر ماء كان ومازال موجودا وسط باحة الدار الواسعة، يتزود منه سكان البيت بحاجتهم إلى الماء، وفي هنيهات الفرح والسمر تتحلق حوله الصبايا تتسامرن هامسات بأسرارهن وبإعجاب كل منهن للزي الذي ارتدته في زيارتها للأقرباء والخلان...

المنصوري التي حملت رؤيتها للهندسة الداخلية نحو عالم الأناقة، أعادتنا إلى أجواء فناء الدار المتسعة لكل ما يجمع طفولتنا بصورة واقعية، وضعت أمام أعيننا قنديل «الكاز» تذكرنا كيف نشأ أجدادنا وآباؤنا ودرسوا وتعلموا على شحيح نور هافت، جمعت بيننا وسقيفة ظللت بئر ماء ارتوى منه أسلافنا وارتوينا نحن من خيراتهم... وأحبت أن تجعلنا نقارن ما بين الماضي والحاضر... ما بين قنيدل الضوء والثريات المتلألئة اليوم التي تضفي على رونق الأزياء الحديثة، لتثبت أن عبق الماضي وتراثه لا يقل جمالا عن صورة الحاضر وتقنياته، ما بين بئر الماء والقناديل المعلقة على جوانب ساحة الدار تناغمت أمامنا صور شكلت ركيزة أعمال عباقرة الفن الشعبي (الأخوين عاصي ومنصور الرحباني) وسفيرتنا إلى النجوم في أكثر من مغناة عشنا معهم وحفظناها، ونقلوا بئر الماء إلى قصور الحكام.

في مسرحية «صح النوم»، حيث تسرق «قرنفل» ختم الوالي وترميه إلى بئر الماء... وحملت لنا المصوري من ذاكرة الزمن عادات المرأة في العالم العربي الذواقة في مقتنياتها من حلي وأزياء، وكشفت عن توارث الهمس والوشوشات في ما بينهن وهن تبدين إعجابهن ليس كما اليوم بأزياء «بيار كاردان» و «إيف سان لوران»، وإنما بتصاميم المنصوري التي جمعت فيها ما بين تقاليد «ليلة الحناء» وصباحية العروس لتعيد للفتاة العروس صورة لا يمحوها الزمن وتتوارثها الأجيال، وهي من أهم رموز الزواج في تقاليدنا العربية. ولأجل هذه الليلة الموعودة تقول المنصوري: صممت لها الفستان الأخضر من قماش «الشيفون» بقطعتين ثريتين بالشك والتطريز الذي استوحيت رسمته من روحية الماضي الذي يذكرنا بأصولنا وعاداتنا، أضفت عليه لمسة تطوير من دون الإخلال أو تغيير أساس الفستان العربي... وبعده ترتدي أجمل فستان يعكس نقاوة وصفاء قلبها الناصع البياض في ليلة تجمعها بمن اختارها شريكة له على درب العمر... ولإطلالتها على عريسها بأبهى رونق وجمال بعد ليلة الزفاف المعهودة، صممت لها فستان الصباحية من قماش «التفتا» الأبيض، بحرفية شغل الإبرة في التطريز على صدره يدويا بخيوط الحرير، وعليه «تول» شفاف مرسوم بخيوط الحرير مع «شال... طرحة كبيرة»، يزيدها فخرا، وحياء البرقع المتدلي بخيوط وسلاسل الكريستال.

وتبرز المصممة المنصوري بين مجموعتها أنواع «الثوب والكندورة» المطرزة على الصدر ببراعة، ومن عشقها لفن الهندسة والرسم تستوحي المنصوري من الطبيعة الخلابة في عالمنا العربي منبع ولادة الحياة «المرأة» وهي تزهو وسط الحدائق والبساتين المتلالئة بالورود، أو من أفياء الواحات حيث تتحلق الصبايا عصرا حول بئر الماء تتسامرن مسرورات، ولا تبتعد بأفكارها عن مخلوقات الله من أنواع الحيوانات التي تحمل لوحات رسمتها الطبيعة على جلودها مثل النمر «Tigre « وكأنه يتجول على مساحة الثوب بين أدغال غابات الأمازون والبلاد الإفريقية مع مزج الأقمشة والألوان المتدرجة بريشة فنانة تتوالد أفكارها على لوحات الأقمشة مع توالد النبات والأزهار فجر كل يوم.

العدد 2619 - الجمعة 06 نوفمبر 2009م الموافق 19 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً