العدد 2325 - الجمعة 16 يناير 2009م الموافق 19 محرم 1430هـ

في واشنطن... كل الطرق تؤدي إلى طهران

تعالت في وسائل الإعلام الأميركية أخيرا، أصوات قوية ومؤثرة مفادها أن الحرب الجارية على غزة ما هي إلا «حرب بالوكالة»، حيث العدو الحقيقي ليس «حماس» وإنما إيران، وبالتالي فغزة هي مجرد ميدان معركة في صراع أكبر بين الغرب وطهران.

وفي المقابل، يعتبر معارضو هذا التوجه أن مثل هذا المنظور يشوبه التبسيط المفرط والانصياع وراء أجندة محددة يهدف صانعو القرار والرأي العام من خلالها إلى تصعيد العداء تجاه إيران بالمبالغة في أهمية مساعدتها لحركة «حماس».

فقد عرف المحافظون الجدد على مدى سنوات طويلة باقتناعهم بأن إيران هي العقبة الحقيقية أمام سياسات الولايات المتحدة و»إسرائيل» في الشرق الأوسط، من فلسطين إلى لبنان مرورا بالعراق.

فكتب ويليام كريستول على صفحات «وويكلي ستاندرد» أن شخصيات بارزة في صفوف المحافظين الجدد قد ضغطت على الغرب أثناء حرب «إسرائيل» على حزب الله في لبنان في 2006، من أجل «تقليل التركيز على حماس وحزب الله وزيادته على قادتهم الحقيقيين في سوريا وإيران».

كما كتب مايكل ليديين، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وأحد كبار «الصقور» في مواجهة إيران، في موقع «ناشيونال ريفيو أو لاين»، كتب أن المشكلة برمتها «تكمن في إيران». وشرح «لقد تركت لإسرائيل مهمة مكافحة أذرع الأخطبوط، فيما يظل جسده قائما لم يمس به. قد يبترون قطعة من حماس أو حزب الله، لكنها ستنمو مرة أخرى وتعود لتمسكهم في قبضتها».

بيد أن هذا الاقتناع بأن حماس ليست سوى أداة إيرانية، قد توسع وامتد خارج نطاق دوائر المحافظين الجدد، لتتبناه أيضا أصوات صانعي القرار والرأي المقربين من الوسط.

فقد كتب روبرت كابلان الذي يصف نفسه بالواقعية، على صفحات جريدة «أتنلانتيك» في 12 يناير/ كانون الثاني الجاري، أن «الهجوم الإسرائيلي على غزة هو في الواقع هجوم على الإمبراطورية الإيرانية... دبلوماسيتنا تجاه إيران ترتهن الآن بنجاح «إسرائيل» أو فشلها».

وإمعانا في هذا التوجه، ألقى النيو ليبرالي المعروف توماس فريدمان على صفحات «نيو يورك تمايز» على عاتق إيران مسئولية إندلاع الحرب في غزة، قائلا أن طهران قادرة على «وقف أو إطلاق النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني حسبما تشاء».

وبدوره نشرت صحيفة «لوس أنجيليس تايمز» إفتتاحية للمعلقين الإسرائيليين يوسي كلاين هاليفي ومايكل بي. أورين، تحت عنوان «في غزة، العدو الحقيقي هو إيران»، حذرا فيها أن لو نجحت حماس في «التلاعب بالرأي العالمي لفرض وقف إطلاق النار مبكرا، فسيكون إنتصارا جديدا لإيران».

هذا ولقد أصبح من الشائع القبول بأن إيران زودت حماس بأسلحة ومساعدة تشغيلية، لكن دون تقديرات ذات صدقية بشأن أهداف مثل هذه المساعدة.

ففي تصريح لوكالة «انتر بريس سيرفس»، قال ووين هوايت، المسئول السابق بالخدمات الاستخبارية لوزارة الخارجية الأميركية والخبير حاليا بمعهد الشرق الأوسط: «إنني أرتاب جدا عندما أرى أرقاما منشورة في وسائل الأعلام». وأوضح هوايت أن علاقة إيران بحماس «تكاملية أكثر منها دكتاتورية» وأن نفوذ طهران على حماس محدود أكثر مما يقال في وسائل الإعلام، شأنه شأن الزعم بأنها ذات وزن كبير على المعادلة «إسرائيل»-حماس.

وأخيرا، يعتبر معارضو تصوير الحرب على غزة أنها حرب أميركية إيرانية بالوكالة، وأن الغاية هي التمويه على بضعة أهداف سياسية خفية.

العدد 2325 - الجمعة 16 يناير 2009م الموافق 19 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً