العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ

ماذا بعد تقرير الرقابة المالية؟ (1)

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

من البديهي أن يكون تقرير ديوان الرقابة المالية محورا مهما لدى الرقابة البرلمانية، باستثناء اللجنة المالية ببرلمان مملكة البحرين، حيث تواجه تلك التقارير تجاهلا نيابيا عندما تكون حسبة النواب مختلفة عما تتضمنه تلك التقارير، خصوصا وأن التقارير السابقة مازالت قيد الإدراج لدى المجلس دون أن تمسها يد المراجعة أو المحاسبة.

ومن الأخطاء التي وقعت بها اللجنة المالية لمجلس النواب دخولها في التفاصيل الأقل أهمية من غيرها المذكورة في التقرير، والعمل على عقد الاجتماعات بجميع الوزارات والهيئات المذكورة في التقرير وعدم التركيز على الملاحظات الأساسية والجوهرية التي تشكل هدر المال العام والالتفاف على القانون أو توصيات وتعقيبات ديوان الرقابة، كما أنها تجاهلت توصيات ديوان الرقابة المتعلقة بإنشاء لجان تحقيق في بعض التوصيات. لذلك يعجب المواطن من ردود أفعال مجلس النواب وبالأخص اللجنة المالية والحكومة عند تجاهلهما غير المبرر لتقارير ديوان الرقابة المالية، والحقيقة أن التقرير الأخير تضمن ملاحظات خطيرة للغاية تدعو إلى التأمل والتدخل السريع لمعالجتها فورا قبل أن تتفاقم توابعها. ولنأخذ نماذج من هذا التقرير الذي يبين مدى تقاعس وتباطؤ اللجنة المالية بشكل خاص والمجلس بشكل عام، والتي توضح هدر المال العام والالتفاف على القانون.

ما تناوله التقرير على شركة ممتلكات على سبيل المثال.

قامت شركة ممتلكات بضخ مبالغ كبيرة في شركة طيران الخليج وحلبة البحرين الدولية بلغ مجموعها حوالي 302 مليون دينار، و13 مليون دينار على التوالي وذلك خلال الفترة من يوليو/ تموز 2006 حتى ديسمبر/ كانون الأول 2008.

لجأت الشركة إلى السحب على المكشوف من البنوك وقد بلغ إجمالي الفوائد المدفوعة على أرصدة السحب على المكشوف حتى نهاية 2008 نحو 7 ملايين دينار.

قامت الشركة بمنح قروض بمبلغ 10 ملايين جنيه إسترليني لشركة مكلرن، كما وافقت على منح قرض بمبلغ 13.5 مليون دولار لشركة insight infraucture، وذلك بالرغم من أن النظام الأساسي للشركة ووفقا للمادة (3) منه والتي تنص على أن أغراض الشركة تقديم القروض للشركات التي تستثمر بها التابعة لها، لا يجيز منح قروض للشركات التي تستثمر فيها الشركة ولا تعد ضمن الشركة التابعة، أي الشركات التي تزيد نسبة مساهمة الشركة فيها 50 في المئة.

عدم وجود دليل معتمد بالسياسات والإجراءات المالية والمحاسبية بالرغم من مرور ثلاث سنوات تقريبا على إنشاء شركة ممتلكات.

عدم وجود دائرة للمخاطر.

لم تعقد لجنة الاستثمار أي اجتماع منذ تشكيلها ومع ذلك اتخذت اللجنة العديد من التوصيات الهامة عن طريق تمرير القرارات المتخذة للأعضاء للتصديق عليها في أماكن عملهم دون عقد اجتماعات فعلية لمناقشة تلك القرارات!

وفيما يلي أمثلة على تلك التوصيات:

- وافقت اللجنة على زيادة الاستثمار في شركة الملاحة العربية المتحدة بمبلغ 16.7 مليون دولار وتم دفع المبلغ.

- وافقت اللجنة على دفع مبلغ 20 مليون دينار لشركة طيران الخليج لأغراض تشغيلية وتم دفعها.

- المدفوعات الخاصة لشركتي طيران الخليج وحلبة البحرين الدولية. من الملاحظ عدم وجود أية دراسات تبين الجدوى من استمرار ضخ تلك الأموال في هاتين الشركتين، وخاصة أنهما تعانيان من خسائر مالية متراكمة ولا توجد لدى شركة ممتلكات أي خطط للحد من تلك الخسائر.

- عدم استكمال واعتماد لائحة بشأن ضوابط الاستثمار.

- عدم التزام الشركة بقانون تنظيم المناقصات والمشتريات الحكومية بشأن مشتريات السلع والخدمات التي تتجاوز قيمتها عشرة آلاف دينار.

أما ما تناوله التقرير بشأن شركة طيران الخليج:

- ترقية الموظفين خلال فترة الإنذار.

- قامت الشركة بمعاقبة بعض موظفيها بإنذارات كتابية ومن ثم تقوم بترقيتهم قبل مرور فترة 6 شهور من تاريخ الإنذار المطلوبة بموجب البند رقم 3 من القسم 6 الموضوع 2 من دليل الأفراد، كما أن ترقية الموظف قبل مرور 6 شهور من تاريخ إنذاره كتابيا من شأنه أن يؤدي إلى عدم المساواة بين الموظفين في حالة المخالفة.

- توظيف أجانب بدون إصدار تصريح عمل، حيث عينت الشركة أربعة مستشارين، إحدى المستشارات كانت على كفالة زوجها الذي يعمل في إحدى المؤسسات المصرفية عند بداية عملها بالشركة حسب بطاقتها السكانية فهي ربة منزل، حيث تم تصحيح وضعها بعد 10 شهور، أما بالنسبة للثلاثة الآخرين فإنهم مازالوا يعملون لدى الشركة دون وجود تصاريح عمل لهم على كفالتها.

- عدم تحديد نطاق عمل كل مستشار بشكل واضح ويقوم البعض منهم بالأعمال اليومية بدلا من تقديم الاستشارات علما بأن رواتب هؤلاء المستشارين تكلف الشركة 35 ألف دينار شهريا.

- زيادة الراتب بنسبة 25 % وأكثر بسبب الترقية بدون موافقة الرئيس التنفيذي، حسب ما نص عليه قانون الشركة.

- تسوية أبرمتها الشركة مع أحد موظفيها السابقين تنازلت بموجبها عن المطالبة بمبلغ 423471 دينارا، حيث قامت الشركة بتقديم بلاغ إلى النيابة العامة ضد رئيس خدمات المقصورة وطاقم الضيافة في ذلك الوقت متهمة إياه بالرشوة وخيانة الأمانة وإساءة استغلال السلطة بتعيين مضيفتين جويتين وإساءة استغلال عمليات المناقصات باختيار أحد الموردين والإبقاء عليه، كما رفعت دعوة مدنية وطالبت بإلزامه بتسديد مبلغ 500 ألف دينار لها، وسددت الشركة رسوم هذه الدعوة وقدرها 4126 دينارا. لكن الشركة قامت بتوقيع اتفاقية تسوية مع الموظف المذكور بتاريخ 10 يونيو/ حزيران 2008 يتنازل بموجبها عن الدعوى العمالية التي لا تتجاوز مطالباته بها 66 ألف دينار مع التزامه بدفع مبلغ 10 آلاف دينار فقط للشركة مقابل تنازل الشركة عن الدعوى المدنية وتنازلها حتى عن رسوم الدعوة المدنية.

وبعد تفريط الشركة بحقها البالغ 500 ألف دينار أوصى ديوان الرقابة بتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن ملابسات التسوية التي تمت بين الشركة والموظف المعني وأسباب تنازل الشركة عن مبلغ المطالبة.

- غياب خطة لإحلال الموظفين البحرينين محل غيرهم.

نحن إذ نتناول هذه النماذج من التقرير ليس القصد النيل من هذه الشركة أو تلك، ولكن ما ورد في التقرير من تجاوزات وانتهاكات والتفاف على القانون يفتح جرحا في جسم المواطن وخاصة إذا ما كان هذا المواطن على قائمة الانتظار لوحدة سكنية أو وظيفة أو من الذين أحسنوا الظن في المجلس كجهة رقابية وتشريعية، حيث واقع هذا التقرير يقودنا لعدة تساؤلات، هل المجلس عاجز عن تحقيق الدور المناط به أو عاجز عن تفعيل دوره الرقابي المحاسبي لضعف أعضائه أو تركيبته أو ضعف صلاحياته؟

كل هذه تساؤلات تبحث عن إجابة.

وهنا نقول إن ديوان الرقابة المالية لم يترك مخالفة أو تجاوزا أو خطأ إلا وأشار إليه وسجله في التقرير ثم وضع كل ما توصل إليه بين يدي مجلس النواب والحكومة وهدفه الصالح العام وتصحيح كل وضع خاطئ، ولو السلطة التنفيذية وأجهزتها المختلفة قد اهتمت بالملاحظات والتوصيات التي جاءت به منذ تقرير سنة 2006 وسارعت إلى معالجتها في الأعوام اللاحقة لقلت الأخطاء وتراجعت السلبيات وتعاظمت الإيجابيات وتحسن الأداء بوجه عام ووفرنا الكثير والكثير من الأموال العامة التي هي في الأصل أموال الشعب التي تهدر بسبب تلك الممارسات.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 12:00 م

      تقرير الرقابة

      بوخالد اسعدت صباحا و مساء كل واحد يخفي الذي يريد لكن لاينسي احدهم يوم اذءن تعرضون لاتخفي منكم خافية صدق اللة العضيم راشد الملا

    • البحار | 4:03 م

      هي كما قيل السياسة ودهاليزها

      بوخالد والله دخلتنا في طريق غير سالك هل كل ما يدور بعلم السلطة ألتنفيذيه أو هي أمور غير معروفه وبمجرد صدور التقرير يبرر الوزير ما قد حصل فيطمئن مجلس الوزراء وتقف القضية عند هذه ألنقطه أو تريد الحكومة مشاغلة البرلمان بهكذا أمور حتى إذا انقضى الوقت بينت الحكومة ما هو مخفي علي البرلمان فيضيع الوقت ويتحرج النائب مع من اختاروه ولماذا البرلمان يسكت عن كل ذلك هل هو متورط والله أمور يشيب منها الرضيع أو هي كما قيل السياسة ودهاليزها علي العموم عفيه علي الحكومة كيف أنها عاشت رغم هكذا تقرير

    • زائر 4 | 4:29 ص

      عساك على قوه

      يعطيك العافية
      يبه

    • زائر 3 | 2:09 ص

      الكبير كبير يابو خالد

      الكبيتانو انت كبير وطول عمرك تحط يدك على الجرح

    • زائر 1 | 8:44 م

      من هم أعضاء مجلس الأدارة ؟

      الأستاذ بو خالد و فيت و كفيت . لكن من سيحاسب الشركة أو الشركات الشبه حكومية أو غير معروفة الهوية . و لا ندري لمن تتبع هذه الشركات . فإن كانت حكومية فعليها و علينا السلام . فالمال مالنا و أحنا أحرار فيه .
      و إن كانت شركات شخصية فسوف يجري عليها ما على الحكومية و تعتمد على تبعيتها .
      أرجوا أن نعرف من هم أعضاء مجلس الأدارة لمحاسبتهم . و إلا فلنعبي الهواء في القوارير .

اقرأ ايضاً