العدد 2652 - الأربعاء 09 ديسمبر 2009م الموافق 22 ذي الحجة 1430هـ

فقه الصورة

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

في فاصل لا يتجاوز الثلاثين ثانية... تعمد محطة «ICCI» نقلا عن محطة «ABC» التلفزيونية الأميركية ، إلى بث عدد من اللقطات هي على حال من المفارقة والتناقض:

- العلم العراقي وقد تم إنزاله من على سارية ميناء أم قصر... يقابلها رفع العلم الأميركي.

- إسقاط تمثال لصدام حسين في العاصمة العراقية (بغداد)، فيما اللقطة التالية تركز على تمثال الحرية في نيويورك.

- الأسواق الشعبية في العالم الإسلامي... وتحديدا في المناطق الكردية في شمال العراق، مع صور هي « لزوم ما يلزم «... تركز على برك ومستنقعات وأسراب من الذباب... إضافة إلى أطفال صفر الوجوه من سوء التغذية ... تقابلها صورة لساندويتش الهامبورغر يقدم بأيد غاية في النعومة والطراوة.

- امرأة ريفية تطحنها الحياة والوجود في هذا الجزء من العالم (العربي والإسلامي)... في المقابل ، تبرز صورة نجمة الإغراء الأميركية مارلين مونرو.

- خطباء بلحى غليظة ووجوه متجهمة، يصدر عن صراخها رذاذ لعاب يغطي شاشة التلفاز... تقابلها صورة النجم الأميركي، ألفيس بريسلي.

- مندوب العراق السابق لدى الأمم المتحدة... وهو يعلن «انتهاء اللعبة» مع تمنياته للعراق بسلام دائم... في المقابل جنود أميركيون يمرون بعرباتهم أمام حشد من اللصوص الذين يقتحمون عددا من الأبنية الحكومية... والأبنية التابعة إلى الأمم المتحدة، من دون أدنى اكتراث من قبل الجنود الذين (جاءوا لحفظ الأمن وإعادة الإستقرار إلى العراق)!

- صور لمساجد ومقامات عراقية، قبل أن يطال بعضها القصف والعصف... في المقابل... صور لكازينوهات وأندية القمار في لاس فيغاس!

- المقاومون على جبهات القتال بكل يأسهم وجوعهم وانهيارهم... في المقابل... مشهد لرعاة البقر وهم في أتم صحتهم وعافيتهم وثقتهم!

- مجموعة أطفال يلعبون كرة القدم في ساحة موحلة محاصرة بالبرك الراكدة... لا تستطيع أن تميز بين وجوههم وبين تلك البرك... في المقابل، تعرض القناة جانبا من مباراة لكرة القدم الأميركية، بكل حيويتها وعنفوانها والخضرة التي تحيط بها!

- لقطة لمجموعة من الطلبة في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا... وكذلك لقطة لعدد من الطلبة في جامعة هارفارد... في المقابل مجموعة من طلبة العلوم الدينية في باكستان وتركيا!

- لقطة لمبنى الإمباير ستيت... تقابلها لقطة لجامع الأزهر الشريف!

- صورة لصاروخ توماهوك وهو ينطلق من إحدى الحاملات الأميركية في الخليج تقابلها صورة لـ «بعير» أعجف في إحدى صحاري شبه الجزيرة العربية!

- صورة لموقع انطلاق مكوك فضائي... تقابلها صورة لأحد الاستشهاديين وقد تحزم بشريط ناسف!

- لقطة للرئيس الأميركي جورج بوش الإبن وهو يعد شعوب العالم عموما وشعب العراق خصوصا بمرحلة لم تعرفها المنطقة من الحرية والانفتاح والرخاء الإقتصادي... تقابلها لقطة لأحد الزعماء الإسلاميين الباكستانيين وهو يعد الولايات المتحدة بشر مستطير ونهاية ستدفع بكل انجازاتها إلى محارق لا آخر لها!

قلت ذات مقال، إن الكاميرا وهي مُكَمَّلة بالرتوش والمونتاج قادرة على ممارسة دور خطير في تحريف الوعي والتاريخ والحقائق؟ وهو ما تقوم به رائدة الكاميرا بامتياز في عالم يفتقد إلى الصورة الحقيقية لما يجري على هذا الكوكب الموبوء بالسطوة والرعب نحن إزاء فقه ليس جديدا على الإطلاق ... فقه الصورة وهي تحدد الشكل والمضمون المراد لهما أن يتسيدا، وضمن توظيف لا يمكن أن يخفي الأهداف الكامنة وراءه.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2652 - الأربعاء 09 ديسمبر 2009م الموافق 22 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:03 م

      حاكم ومحكوم

      هكذا هم يروننا لا علم ولا ثقافه لان السبب نحن قوم نستهلك كل ما يصدرون لنا لا نقوم بانتاجية ولا ثقه لتحديهم ومنافستهم ....وهم لا يرضون لنا الا الخضوع والعوز لهم ولصناعاتهم ...اليس واضحا من محاربتهم لايران ذات السياده والاستقلال؟

اقرأ ايضاً