العدد 2655 - السبت 12 ديسمبر 2009م الموافق 25 ذي الحجة 1430هـ

العراق يحتاج إلى الجميع

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

خلال جلسة الاستماع التي عقدها مجلس النواب العراقي الخميس الماضي أقر رئيس الوزراء نوري المالكي أن الحكومة غير قادرة على التعهد بإيقاف العمليات الإرهابية ضد العراقيين التي كان آخرها يوم الثلثاء الدامي الذي راح ضحيته مئات القتلى والجرحى.

إقرار المالكي سبقه اتهامات متكررة بشأن مسئولية تحالف القاعدة والبعثيين عن هذه التفجيرات الأخيرة.

ولكي لا يضاف للأيام الثلاثة الدامية (الأحد والأربعاء والثلثاء) أيام أخرى بحيث تتحول كل أيام أسبوع العراقيين الى أيام دامية، على السلطة والاحزاب الحاكمة في العراق إعادة النظر بسياساتها للحد من تلك العمليات أمنيا وسياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا.

برغم يقيننا أن البعثيين لم يعد لهم وجود أو ثقل تنظيمي أو سياسي في عراق ما بعد الاحتلال (وهذا ما أكده وزير الداخلية العراقي جواد البولاني أمس الأول)، وعلى الرغم من كون أن اتهام البعثيين صار يستخدم لأغراض انتخابية ضد عدد من الخصوم السياسيين، إلا إننا هنا سنحاول التطرق لطريقة تعامل السلطة في العراق مع ملف حزب البعث الذي كان يحكم قبل العام 2003.

ان قراءة للمشهد السياسي منذ اعلان الدولة العراقية في العام 1921 وتحديدا بعد اهم تغييرين شهدهما العراق، الأول في العام 1958 عندما تغير النظام من ملكي الى جمهوري، والثاني بعد تسلم حزب البعث الحكم في العام 1968، تؤكد ان الانظمة والاحزاب التي كانت تسيطر على السلطة لم تكن (في البدايات على الاقل) تقصي خصومها حتى وان كان بين السلطة والمعارضين جولات من الصراعات الدموية التي كانت تقابل بالثأر والثأر المضاد.

فزعيم ثورة 14 يوليو عبدالكريم قاسم شكل أول حكومة له بعد تسنمه السلطة من ائتلاف ضم القوميين الذين كان البعثيون جزءا منهم والشيوعيون والاسلاميون، ولم ينحل ذلك الائتلاف الحكومي الا بنزاعات سياسية بين الاحزاب نفسها، اما في العام 1968 فقد شكل صاحب السلطة آنذاك (حزب البعث) حكومة ائتلافية ضمت اكرادا وشيوعيين واسلاميين برغم الخلاف الدموي الذي كان يحكم العلاقة بين البعثيين من جهة والشيوعيين والاكراد من جهة اخرى، ولكن برغم عداءات السلطة المستحكمة مع خصومها وجدنا ان الحكومات العراقية كانت تتأسس وفق نظام يمنح المعارضين حصة ولو كانت شكلية في الحكم، لتتمكن السلطة من احكام ادواتها السياسية والعسكرية والاجتماعية قبل ان تنهي حياة الوزارات الائتلافية لاسباب تتعلق في معظمها بالجهة الحاكمة.

ما نريد ان نقوله هنا إن الاحزاب والكيانات التي سيطرت على العراق بعد احتلاله فشلت في استمالة خصمها الرئيسي (حزب البعث) او تحييده لتحقيق الامن والاستقرار المطلوبين، بل عمدت بدلا من ذلك الى معاداة الخصم منذ العام 2003، دون ان تنجح في اقصائه حتى الآن (هذا اذا افترضنا ان كلام المالكي صحيح بشأن مقدرة البعثيين على تنفيذ هجمات في قلب بغداد بمستوى أيام الاحد والاربعاء وآخرها الثلثاء الدامية).

لقد كان على حكام العراق الجدد «الاستفادة» من خصومهم لتحييدهم والتفرغ لحكم البلاد - اذا كانوا جادين في الحكم بطريقة صحيحة - خلال مرحلة انتقالية قد تنجح او تفشل كسابقاتها، لحماية العراقيين وتجنيبهم المجازر الدامية التي راح ضحيتها مئات الآلاف منذ العام 2003 وحتى الآن.

إن التاريخ والاحداث الجارية أثبتت أن كلفة إقصاء الآخر في العراق كانت اعلى بكثير من محاولة استمالتهم. فما الذي كان سيخسره الحاكمون الجدد لو حاولوا استقطاب المستعدين للمشاركة في العملية السياسية من البعثيين، والعمل على اشراكهم في مناصب محدودة ضمن فترة تجريبية قابلة للمراجعة، وخصوصا أن العراق حكمته طوال المدة السابقة قوات اجنبية ملزمة بمعاهدات تفرض عليها المحافظة على الديمقراطية، والسيطرة على كل من يحاول الانقلاب على العملية السياسية الجديدة.

صحيح أن العدالة مهمة ومطلوبة في أي بلد يحاول بناء دولة قابلة للنمو والنجاح، الا أن دمج الآخر بدلا من اقصائه قد تحقق العدالة المطلوبة وتقتص من المجرمين بطريقة افضل من كل المحاولات التي عمدت اليها الحكومات السابقة وربما اللاحقة التي ستمر على العراق، ونموذج جنوب إفريقيا شاهد على أهمية المصالحة لتحقيق العدالة وليس العكس في الوضع العراقي على الأقل

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2655 - السبت 12 ديسمبر 2009م الموافق 25 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:27 ص

      فارق كبير

      لم توضحه او تعمدت اخفاءه بسبب الفرق الكبير بين الحكومات السابقة وحكومات اليوم وهي عدم قبول حزب البعث بحكومة الاكثرية وتحالف هؤلاء مع القاعدة في العراق بالاضافة الى الدعم الا محدود من قبل الجيران في دعم الارهابين في العراق حزب البعث والقاعدة وامثالهم وعندما قامت الصحوات السنية دات العمق العربي لم يرحمهم احد فدبحو وقتلو كاخوتهم االشيعة نتيجة قبولهم بحكم المالكي ووقوفهم مع الحق حتى لو كانو مدعومين من الاحتلال الكلام ليس فيه تناقض لان في السياسة تتقاطع المصالح

    • زائر 1 | 1:22 ص

      Kelam jemel

      Kelam jemel

    • النعيمي2 | 12:24 ص

      أصلي عليك أبا الفرقداين

      أصلي عليك أبا الفرقداين .....
      عراق علي ...
      عراق الحسين ....

اقرأ ايضاً