الفاتنة التي كانت إلى سنوات قليلة مجرد «السيدة توم كروز» صارت اليوم شيئا آخر. لم تعد فقط مطلوبة أكثر من أية نجمة أخرى للعمل في أفلام كثيرة تصور، ولم تعد فقط صاحبة آخر جائزة أوسكار، والفنانة التي يغضب كثيرون لأنها لم تفز بجائزة مهرجان «كان»، بل صارت ممثلة حقيقية تبدي ثقافة سينمائية غير متوقعة وتتحدث عن أصعب الأفلام. وعن أعظم المخرجين على أنهم أساتذتها الكبار. ولا تتوانى في التضحية لكي تعمل في فيلم متميز.
ذلك أن نيكول كيدمان، كما قالت هي بنفسها خلال مهرجان «كان» ومن دون أن تهتم أيما اهتمام بما ستكون عليه عملية توزيع الجوائز التي حرمتها من جائزة أفضل ممثلة التي كانت تستحقها عن «دوغفيل»، باتت مؤمنة بأن السينما يمكنها أن تغير الناس.
على الأقل، إن لم تتمكن من تغيير العالم نفسه، مضيفة في معرض تفسير هذا القول: إن بعض الأفلام يكون لها تأثير حاسم على حياتكم. صحيح أن هذا الأمر قد لا يلفت النظر عند أول مشاهدة للفيلم، ولكن غالبا ما يحدث، بعد سنوات. أن تتخذ هذه الأفلام مكانة أساسية وراديكالية في حياتكم. فأنا مثلا، حين كنت بعدُ مراهقة، أثرت فيّ أفلام الاسباني لويس بونويل كثيرا وعميقا.
واليوم أشعر انني فخورة جدا بالعمل في فيلم «ولادة» الذي يخرجه جوناثان غلايزر عن سيناريو كتبه جان كلود كاريار، الذي كتب عدة سيناريوهات أخرجها بونويل. كذلك كنت خلال صباي مطبوعة بأفلام ستانلي كوبريك، ولاسيما بالأثر السيكولوجي والعاطفي لهذه الأفلام... ومن هنا أشعر دائما بالفخر الشديد لأني عملت تحت إدارته في «عيون مغمضة على اتساعها». وهناك فيلم آخر أثر في حياتي تأثيرا كبيرا، هو فيلم «آخر تانغو في باريس» لبرناردو برتولوتشي... بل انني أسأل اليوم: من ذا الذي لم يتأثر بهذا الفيلم يا ترى؟». وبعد أن تضحك نيكول هنا بعذوبة تتابع حديثها السينمائي هذا قائلة: «لابد أن أذكر هنا انني تأثرت أيضا وكثيرا بأفلام كريستوف كيتلوفسكي. والحقيقة أن أفضل ما في فن السينما هو أن هذا الفن يتيح لنا بشكل دائم أن نكتشف مزيدا من السينمائيين والأعمال العظيمة».
وفي هذا الإطار تروي نيكول كيدمان انها خلال العمل على فيلم «دوغفيل» في العام الماضي حرص مخرج الفيلم لارس فون تراير على أن يريها كل أفلام المخرج الدنماركي الكبير دراير، الذي يعتبره لارس سينمائية المغفل، بل سمى نفسه على اسمه تقريبا.
وبالنسبة إلى فيلم «ولادة» الذي انتهت نيكول من تمثيله أخيرا، تقول إن المخرج غلايزر طلب منها أن تشاهد قبل التصوير كل أفلام انغمار برغمان ذلك أن دورها في «ولادة» هو عن أرملة في الخامسة والثلاثين من عمرها تعتقد ذات يوم أن طفلا في العاشرة من عمره رأته، انما هو تجسيد لزوجها الراحل، أي ان في الحكاية ما يشبه أجواء برغمان. وهكذا تضيف: شاهدت أفلام برغمان كلها معها. وكان الأمر بالنسبة إلي اكتشافا عظيما وصدمة إيجابية أثرت. والحق يقال، ذهنيتي وعلاقتي مع السينما ومع نفسها، ولذلك السبب، تقول نيكول، بت اليوم اهتم اهتماما دقيقا باختيار الأفلام التي سأمثل فيها، والأدوار التي سألعبها.
وإذ تُسأل عن المعايير التي ستستخدمها للاختيار تقول: «أولا، هناك اللقاء مع المخرج، وثانيا اللقاء مع السيناريو نفسه ومع الشخصية المطلوبة مني أن ألعبها فيه، وثالث اللقاء مع الممثلين الآخرين.
وأنا بت أكثر وأكثر، اليوم، اثق بغريزتي حتى ولو قيض لها أن تهتز بين الحين والآخر. وأنا على أية حال أحب المخرجين الذين لديهم رؤية حقيقية، وعالما حقيقيا، وطرافة في عملهم وجدّة. ومن أجلهم، ومن أجل أن أشارك في مغامرتهم، بتُّ على استعداد للتضحية بالمال، لكي يتمكن الواحد منهم من الوصول إلى منتهى أحلامه السينمائية»
العدد 352 - السبت 23 أغسطس 2003م الموافق 24 جمادى الآخرة 1424هـ