العدد 354 - الإثنين 25 أغسطس 2003م الموافق 26 جمادى الآخرة 1424هـ

الإعاقة الذهنية والدمج

مهما تحقق من مكاسب للمعوق في دول الخليج العربي فلن يكون لها أي مردود إذا لم يكن الهدف النهائي لتلك المكاسب هو دمج المعوق دمجا كاملا في مجتمعه من أول يوم في حياته. لقد جُرّب أسلوب عزل المعوق في معاهد ودور خاصة بهم سنوات طويلة، وصرفت عليهم أموال طائلة... فأين هي نتائج وثمرات تلك الجهود على مدى هذه السنوات؟ هل زادت من قدرات هذه الفئة؟ هل المجتمع أصبح مجتمعا واعيا بمشكلات هذه الفئة؟ هل تجد بعضهم يعملون في وزارة أو مؤسسة؟ هل تشاهدهم يستخدمون المواصلات العامة لتنقلاتهم؟ هل يستطيعون القراءة والكتابة؟ الجواب على هذه الأسئلة واضح ولا يحتاج الى بحث وتقصٍ للحقائق. فخلال العشرين سنة الماضية لم تَستطع تلك المعاهد الخاصة أن تمنح هذا المعوق المهارات الكافية التي تعينه على أن يحيا في مجتمعه حياة كريمة معتمدا على نفسه. ومنذ تلك الفترة مازالت المجتمعات الخليجية لا تعرف عن هذا المعوق إلا القدر القليل، ولن نبالغ إذا قلنا ان الكثير من المتخصصين في الإعاقة الذهنية لا يعرفون كل شيء عن هذا المعوق.

إن دمج المعوق ذهنيا في مدارس بعض دول الخليج العربي بدأ يأخذ أبعادا جديدة وجادة، لقد اقتنع المسئولون في هذه الدول بضرورة دمج المعوق في المدارس الحكومية دمجا كاملا مع تهيئة لكل الإمكانات لإنجاح هذه التجربة.

وهنا يمكننا القول إننا أصبحنا نسير على الطريق الصحيح حتى نمنح هذا المعوق جميع حقوقه التي حُرِمَ منها لسنوات طويلة. ولابد أن يعرف هذا المعوق أنه لم يحرم من تلك الحقوق لأننا نرغب في ذلك، ولكن تم حرمانه منها بسبب جهلنا بحقيقة الإعاقة ومتطلباتها. أما اليوم فإن قضايا المعوق جميعها أصبحت واضحة للجميع، ولا يستطيع أحد أن يتجاهلها. ومن لم يطبق الدمج اليوم راضيا، فإنه سيطبقه غدا لا محال...

الدمج الكامل هو الحل الأمثل لفتح أبواب مشرقة ومشرفة لهذا المعوق، ومن سيتخذ هذا المنهج طريقه ووسيلته فعليه التدرج فيه والاستفادة من تجارب الآخرين حتى لا تضيع سنوات على هذا المعوق من دون الاستفادة منها. ولأهمية الموضوع، فإنني سأتطرق اليه بالتفصيل في الأسبوع المقبل ليكون مدخلا لعدد من المقالات التي سنحاول من خلالها السعي الى تصحيح عملية دمج المعوق لا في المدارس فقط ولكن ليمتد هذا التصحيح الى كل الميادين التي يتطلع إليها المعوق وولي أمره.

أما لماذا نهتم بدمجه في المدارس الحكومية، فهو لأن التعليم الصحيح هو الباب الأولى الذي يفتحه أي طفل لدخول هذا العالم المزدحم بكل شيء. فإذا استطعنا أن نعلم أبناءنا في أجواء صحية، فقد نجحنا في فتح المجال أمامهم للدخول في منافسة الغير من دون التطاول على حقوقهم أو التعالي عليهم بسبب اختلافاتهم الذهنية أو الحسية أو الجسدية. في الأسبوع المقبل سنبين لكم أن معظم من يدافع اليوم عن حقوق الآخرين في المنظمات هم من تعلموا في مدارس كانت تطبق الدمج الكامل في مناهجها الدراسية. كما أننا سنقدم نبذة تاريخية عن الدمج، ولماذا نطالب بتطبيق توحيد التعليم، وما أهمية التعليم النظامي للمجتمع، ثم نختم بتقديم بعض الدراسات التي تؤيد رأينا في أن أقصر الطرق لتحسين قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة هو أن يتم استيعابهم جميعا في مدارس الحكومة بعد أن يتم تجهيزها فنيا وإداريا لهذا التغير.

رئيس الجمعية البحرينية لمتلازمة داون

العدد 354 - الإثنين 25 أغسطس 2003م الموافق 26 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً