العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ

بين دفع الليبراليين وتخوف الإسلاميين «مشروع القانون» في ثلاجة الحكومة مرة أخرى

في منتدى «الوسط» بشأن قانون أحكام الأســــــــــرة... توافق على الضرورة واختلاف على الآليات (1)

لم يلقَ أي قانون تم طرحه في البحرين مثلما لاقى مشروع القانون بشأن أحكام الأسرة من تعارض في وجهات النظر بين مختلف فئات المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني، فحتى قانوني «الإرهاب» و»الجمعيات السياسية» لم يلاقيا من المعارضة أو الدفع باتجاه إصدارهما مثلما لاقى هذا القانون وصلت لحد خروج مسيرة وصفت بأنها الأكبر في تاريخ البحرين دعا إليها المجلس العلمائي تحت شعار «لبيك يا إسلام» في العام 2006 عندما عزمت الحكومة على عرضه على مجلس النواب السابق من أجل مناقشته.

ومرة أخرى تضطر الحكومة الأسبوع الماضي لسحب مشروع القانون الذي جاء من شقين -شق يتعلق بالمذهب السني والشق الأخر بالمذهب الجعفري- من المجلس النيابي بعد أن وقفت كتلتي الوفاق والأصالة الإسلاميتين ضد طرحه للمناقشة في البرلمان قبل الوصول إلى توافق «مجتمعي» والحصول على ضمانات تؤكد أن جميع مواده مستمدة من الشريعة الإسلامية وعدم تغيره في المستقبل ضمن آليات تسمح بدخول مواد تتعارض مع الشريعة.

وفي حين أجمعت المشاركات في منتدى «الوسط» حول «أهمية إصدار قانون الأسرة والموقف منه» على أهمية إصدار هذا القانون واختلفن حول الآلية التي يجب أن يصدر من خلالها. ودعت المشاركات الحكومة للجلوس على طاولة المفاوضات مع الأطراف المعنية للوصول إلى حل يرضي الجميع ويدفع باتجاه إصدار هذا القانون الذي تأخر لأكثر من 20 عاما.

وشارك في المنتدى كل من رئيسة جمعية المستقبل النسائية بشرى الهندي وعضو شورى جمعية الوفاق الإسلامية شعلة شكيب والباحثة والكاتبة عفاف الجمري والناشطة النسائية فوزية ربيعة وعضو الاتحاد النسائي البحريني هناء المحروس بالإضافة إلى الناشطة النسائية فريدة غلام وأمل عبدالله.

وفيما يلي نص الجزء الأول من المنتدى:

بداية هل ترون أن هناك ضرورة ملحة لإصدار قانون أحكام الأسرة في البحرين أم أن الأهم هو إصلاح النظام القضائي وتطويره؟

- بشرى الهندي: كما نعرف أن موضوع إصدار قانون لأحكام الأسرة قديم جدا وهو يمتد لأكثر من 25 سنة، الجميع يتفق على أهمية إصدار هذا القانون ولكن من وجهة نظري أن إصلاح القضاء الشرعي هو الأهم من إصدار القانون بسبب لو أن هذا القانون قد صدر في ظل عدم إصلاح القضاء الشرعي بالطريقة الصحيحة فإن ذلك قد يعطينا توجسا بأنه حتى هذا القانون قد لا يطبق بالشكل الصحيح، فإن كان هناك قرارات جادة لإصلاح القضاء الشرعي فإن ذلك سيعطي مؤشرا أن إصدار هذا القانون قد يعطي أثرا إيجابيا، ومع ذلك فإن هذا لا يعني إلغاء أهمية وجود قانون لأحكام الأسرة فهو قانون مهم جدا.

طوال الفترة السابقة كان هذا القانون يطرح ويسحب مرة أخرى ولكن لم تكن هناك خطوات جادة في عملية الإصلاح القضائي رغم وجود مطالبات عديدة بذلك، وبالرغم من عقد الندوات وورش العمل في هذا الاتجاه إلا أنه لم تكن هناك خطوات عملية من الجهات الرسمية لإصلاح القضاء الشرعي من أجل التمهيد لإصدار هذا القانون.

إصلاح القضاء أم إصدار القانون

إذا ترين أن الخطوة الأولى يجب أن تكون إصلاح القضاء وليس إصدار القانون؟

- الهندي: وكان ذلك يجب أن يكون منذ فترة طويلة وليس الآن، الآن أصبحنا في وضع أن القانون يجب أن يكون موجودا بالرغم من عدم وجود مؤشرات بأنه سينجح بالطريقة المفترضة.

- شعلة شكيب: لا شك أن قانون الأسرة يهم شريحة كبيرة من المجتمع ولا يمكن أن نتجاهله، ولكن في البداية أحب أن أأكد على نقطة مهمة وهي أنه لا يوجد هناك من يعارض إصدار القانون فالشارع متفق بجميع أطيافه على أن هناك حاجة لتقنين الأحكام الأسرية ولكن موضع الاختلاف هو ما هي آلية تقديم القانون ومن يتولى عملية الإصدار وما هي الضمانات. صنحن لا نريد أن نظهر بصورة أن هناك من يعارض حق المرأة أو يريد أن يهضم حق المرأة بوقوفه في وجه إصدار القانون، لا بد أن نعرف ما الذي يتعرض له قانون أحكام الأسرة، القانون يتعرض لمسائل فقيهة وتعبدية وهي تتعلق بالنفقة والحضانة والزواج والطلاق والميراث فهي تأخذ جانبا حساسا ومهما، فالشريعة الإسلامية أتت ببنود وأحكام واضحة ولكن لا ضير في حالة وجود حاجة ملحة نتيجة للأوضاع التي نراها في المحاكم الشرعية والتي تتضمن سوء معاملة المرأة و سوء أوضاعها وتأخر في إحقاق حقوقها، أن توضع هذه الأحكام في بنود وتقنن ولكن يجب أن تكون في المحصلة النهائية شرعية لهذا التقنين، وهنا يجب التفريق بين المشروعية والشرعية، فالمشروعية تعني مدى قانونية القانون أو دستوريته في حين تعني الشرعية إن القانون يجب أن يصب في مصلحة الناس ولذلك لا بد أن يؤخذ هذا الرأي بعين الاعتبار ولابد أن يكون هناك رضا من جانب من سيطبق عليهم هذا القانون.

من ناحية أخرى إذا نظرنا إلى الأوضاع المتأخرة للمرأة وطريقة تعاطي بعض القضاة وبعض المحاكم لقضاياها فإننا نجد أن هناك هضما وظلما يقع على المرأة ولكن هذه المسألة لها أبعاد أخرى، فنحن لا نريد أن ننظر إلى القانون وكأنه العصا السحرية التي ستحل جميع المشاكل، فلا بد أولا من توعية المرأة بحقوقها، فهناك منظومة متكاملة لحقوق المرأة في الدين الإسلامي ولكننا نرى أنه حتى المرأة المتعلمة لا تعرف حقوقها، كما أن هناك سوءا في تطبيق وتنفيذ الأحكام وذلك أيضا يصب في الأوضاع المزرية التي تعيشها المرأة وهناك حاجة إلى إصلاحات في الهيكلية القضائية وآلية تعيين القضاة ومؤهلاتهم وتدريبهم والرقابة على أدائهم وذلك بجانب أيضا البيروقراطية الموجودة، فهناك قضايا تصل إلى محاكم التنفيذ وتعلق وتؤخر، إن كل هذه الأمور يجب النظر إليها بعين الاعتبار وإلا فلننظر إلى القوانين التجارية والجنائية وغيرها، هل هي تسير بشكل جيد وهل هناك عدالة مطلقة فيها؟

ولكن موضوعنا هو قانون أحكام الأسرة ومدى أهميته وليس إصلاح النظام القضائي في البحرين؟

- شكيب: مع ذلك يجب التوضيح أنه لا توجد جهات معارضة لإيجاد هذا القانون.

تجربة شخصية في المحاكم الشرعية

يمكن مناقشة ذلك في المحاور الأخرى وما إذا كان هناك من يعارض إصدار القانون، الأخت أمل أنت لديك تجربة شخصية مع المحاكم الشرعية فهل تجدين أن هناك ضرورة لإيجاد قانون للأحكام الأسرية يرجع إليه القضاة و المتقاضين والمحامين؟

- أمل عبد الله: سأتحدث عن أهمية إصدار القانون من خلال تجربة عايشتها لمدة سنتين، في السابق كنت أسمع عن قانون الأحكام الأسرية والحاجة إليه ولكن لم تكن لدي أية فكرة عن مدى الاحتياج إلى هذا القانون أو غيره، وأحب أن أذكر أنني من ضمن النساء اللاتي خرجن في المسيرة التي تناهض إصدار القانون وتقف ضده، فما قيل لنا إن هناك من يسعى إلى إصدار قانون ضد الشريعة الإسلامية، ولكنه لم تكن لدي أدنى فكرة عن ماهية المواد التي تقف ضد الشريعة أو بأية طريقة يخالف هذا القانون الشريعة الإسلامية، لقد خرجت في هذه المسيرة على أساس الثقة التامة بأن من حشد ودعا إليها يسعى إلى المحافظة على الدين الإسلامي، ولكن بعد خروجي في هذه المسيرة بسنتين وقعت في مشاكل أسرية، واضطررت إلى اللجوء إلى المحاكم الشرعية، وكنت مقتنعة من أن مشكلتي ستلاقي حلولا بمجرد تدخل القضاء الشرعي فيها وليس حلا واحدا، ولكن ما رأيته هو أن مشكلتي تتعقد بشكل متزايد من جميع النواحي، من ناحية التعامل مع القضاة والتأجيل المستمر وغيرها من الأمور مما أوصلني إلى قناعة هي معالجة مشكلتي خارج المحاكم الشرعية أفضل بكثير.

هل يعني ذلك أنه لم تكن لديك فكرة عن إلى أين تسير قضيتك؟

عبد الله: أبدا فالقضية تسير إلى الأعقد والأعقد كما أن مشاكلي تزداد بصورة أكبر، ولم أعرف أين تكمن المشكلة هل هي في القضاة أم في إجراءات التقاضي أم الآليات؟ لم تكن لدي أية فكرة عن ذلك، ولكن ما لاحظته هو أن تعامل القضاة معي كان غير متوقع، فلم أكن أتوقع أن رجالا بهذا المستوى من العلم والمكانة وفي هذا المكان يكون تعاملهم بهذا المستوى، ولم أكن الوحيدة التي تشتكي من ذلك فهناك مجموعة من النساء اللاتي اضطررن إلى اللجوء إلى المحاكم الشرعية يشتكون من هذا الأمر.

لقد وجدت أن هناك قصورا كبيرا في داخل المحكمة، لقد استمرت قضيتي في المحكمة لأكثر من سنتين وخلال الشهر الجاري فقط عقدت ثمان جلسات أي في اقل من عشرين يوما تعقد ثمان جلسات وهذا أمر لا يحتمل ولا يطاق، أن نعيش حياتنا بين المحاكم فإن لدي أطفال يجب مراعاتهم ولدي حياة يجب أن أعيشها، إذا أراد الرجل أن ينتقم من زوجته فيكفي أن يوقفها على باب المحكمة الشرعية والمحكمة ستتكفل بجميع الأمور التي ستشفي غليله حتى من أول شهر، فنحن نلاقي إهانات واحتقار لا يحتمل من قبل المحكمة ونخرج من المحكمة ونحن يائسات من وضعنا ولا نعرف مستقبلنا وحياتنا المقبلة مجهولة بالنسبة إلينا، ولو تساءلنا لماذا لا يحل الزوج مشكلته مع زوجته خارج المحكمة لوجدنا أن الزوج يعرف أنه بمجرد أن يأخذ زوجته للمحكمة فإن المحكمة ستمارس على زوجته جميع الأمور التي لا يستطيع هو عملها من تعذيب وإرضاخ وإهانات وكل ذلك داخل المحكمة.

لقد قيل لي اليوم في المحكمة إما أن تتنازلي وتخضعين لما يريده زوجك أو أن حياتك ستبقى على هذا الحال وإلى ما لا نهاية.

أهمية الضمانات الدستورية

يبدو أن هناك إجماعا على أهمية إصدار القانون ولكن هناك من يطالب بضمانات بحيث لا يحتوي القانون على ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية وأن يصادق عليه من قبل المرجعية العليا للطائفة الشيعية، من خلال اطلاعك على القانون هل ترين أن هناك مبررا لهذه المطالبات وهل يحتوي القانون على ما يمكن أن يدل على أنه قانون لا يتلاءم مع الشريعة؟

- فريدة غلام: جميع الأخوات يتفقن على أن هناك ضرورة لإصدار هذا القانون ولكن الجمعيات النسائية ومنذ الثمانينيات عالجت هذا الموضوع من خلال الدراسات والأبحاث، وهذه الدراسات تم الإشراف عليها من قبل المحاميات اللواتي يتعاملن مع القضايا الأسرية في المحاكم والدراسات التي تم إصدارها أوضحت عدم تطبيق العدالة في نواحي متعددة، منها تعدد الزوجات وزواج صغيرات السن والتعسف في الطلاق، وحديثا أجرى المجلس الأعلى للمرأة دراسة على 150 حالة ممن يراجعن المحاكم الشرعية وقد توصلت هذه الدراسة إلى نفس النتيجة، أن ما تقوله الأخت أمل من طول فترة التقاضي صحيح جدا فهناك حالات وصلت مدة التقاضي فيها لأكثر من 17 سنة.

في هذه الفترة أي منذ العام 2002 وحتى اليوم حدث بعض التغيير في المواقف إذ كان رجال الدين سابقا يرفضون التقنين بشكل مطلق في حين أن بعضهم الآن مع التقنين ولكن بضوابط معينة، وفي حين كانت هذه الضوابط في السابق غير محددة نجدها الآن محددة وبدقة وبشكل لا يمكن التراجع عنها وهي مطروحة من طرف واحد، والسؤال لماذا هناك اختلاف؟ والسبب هو عدم وجود حوار، فلو كان هناك حوار فإن ذلك يعني أن كل طرف أخذ مسئوليته في قضية التوافق الاجتماعي الذي نسعى إليه، العلماء يصرحون عبر الجرائد ولا يريدون الحديث إلا مع من بيده القرار، ومن بيده القرار أهمل هذا الموضوع منذ الثمانينيات وتجنب المواجهات ولم يرد الأخذ بهذه العملية الصعبة، ومن تركت له هذه العملية هن المدافعات عن القانون والناشطات والمتضررات، الآن وصلنا إلى مرحلة توجب التعامل مع هذه القضية بجدية تامة، فالحكومة يجب أن تقوم بدورها وأن تجلس على طاولة الحوار وأن تتعرف على مخاوف رجال الدين، فإن كان لديهم تخوف من اضطهاد طائفي أو سياسي، ونحن نقدر ذلك بسبب أن الجميع يتفق على أن هناك اضطهادا لمجموعة كبيرة من المواطنين وظهر ذلك خلال مواقف متعددة، فإن كان هذا الخوف ينعكس على الجانب الديني والشريعة، فليعالج هذا الموضوع كما حدث في المغرب مثلا فقد تم تشكيل لجنة ضمت جميع المعنيين بمن فيهم رجال الدين والخبرات القانونية وتم فتح الموضوع للمناقشة من جميع النواحي الشرعية والقانونية والاجتماعية لمدة سنة كاملة، هذا ما يجب أن يتم في البحرين وليس رمي الكرة في ملعب الجمعيات السياسية والجمعيات النسائية واعتبار المسألة معركة بين المجلس العلمائي والمجتمع المدني كما تفعل الحكومة فإن ذلك ليس حلا. المجتمع المدني ظل يناصر هذه القضية منذ الثمانينيات وحتى الآن أي أكثر من 20 سنة والحكومة لم تفعل شيئا، الآن يجب على الحكومة أن تخوض في هذه المفاوضات الجادة وأن نتوصل إلى الحلول.

فيما يخص هل أن القانون يتناقض مع الشريعة الإسلامية، إنني لست مختصة في الفقه الإسلامي ولكن يمكننا فهم بنود القانون، مثلا أن القانون يتحدث عن النفقة والزواج والطلاق وأنواع الطلاق وجميع هذه الأمور مستمدة من الشريعة الإسلامية، ومثلما طرح المحامون والقانونيون من أن جميع بنود القانون وأحكامه مستمدة من الشريعة الإسلامية، فقانون أحكام الأسرة هو الوحيد التي تستمد بنوده من الشريعة الإسلامية، وإن كان هناك تناقض فإن ذلك يأتي في إطار دور رجال الدين والمختصين في دراسة هذا القانون وتنقيحه وتعديله وإيضاح نقاط التعارض.

موقف الجمعيات النسائية

يقول البعض إن من أهم أسباب إحباط تشريع قانون أحكام الأسرة في البحرين هو كثرة تصريحات الجمعيات النسائية العلمانية والليبرالية التي تثير شكوك وهواجس شرائح المجتمع المؤمنة من خلال السعي لاستيراد النظم الغربية إلى مجتمعنا والتأكيد على المعاهدات الدولية التي تطالب بإلغاء كل صور وأشكال التمييز ضد المرأة وتنتهي بمخالفة ما تنص عليه الشريعة الإسلامية من خصوصيات وضوابط؟

- فوزية ربيعة: منذ الثمانينيات والجمعيات النسائية والناشطات يطالبن بإقرار هذا القانون، ومر أكثر من 60 عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والبحرين قامت بالتوقيع على اتفاقية منع جميع أشكال التمييز ضد المرأة كما وقعت على اتفاقية حماية حقوق الطفل، وكل ذلك يعني أننا الآن مؤهلين لكي يكون لدينا قانون يحفظ حقوق المرأة في أروقة المحاكم ويجنب المرأة ما تعانيه الآن من إهدار حقوقها وكرامتها في هذه المحاكم.

استغربت من خطوة سحب الحكومة للقانون من المجلس النيابي، كان يجب على الحكومة أن تطرح هذا القانون للنقاش كما كان يجب عليها أن تجلس على طاولة الحوار لمناقشته مع جميع الأطراف للوصول إلى حل يخرجنا من هذا المأزق، ولكن للأسف فإن الحكومة قامت بسحب القانون وترك الحبل على الغارب ولذلك فإننا سنظل في هذه الدوامة.

فيما يخص ما إذا كانت هناك معارضة لإصدار هذا القانون، فإنني أرى أن هناك معارضة كبيرة من قبل البعض بدليل أننا عندما خرجنا في مسيرة للمطالبة بإصدار القانون في العام 2006 نظمت مظاهرة أكبر بكثير وللأسف خيبت آمالنا لدرجة أننا تساءلنا هل يمكن أن تقف المرأة ضد قانون يمكن أن يساعدها في المستقبل، وللأسف أن أكثر النساء اللواتي خرجن في المظاهرة يجهلن ما يحتويه القانون من بنود.

اليوم هناك تنمية وديمقراطية وإصلاحات وإن كانت فوقية إلا أننا نطمح للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة، عندما رأينا هذه المعرضة الكبيرة للقانون من القوى الإسلامية لم أستغرب ذلك بسبب أن جميع القوى الإسلامية في الدول العربية قد وقفت ضد إصدار هذا القانون في دولها، هناك أسباب لهذا الموقف فمع أن الحكومة من المستحيل أن توافق على قانون يخرج عن الشريعة الإسلامية ولكن القوى الإسلامية وقفت ضد ذلك ولذلك فإن علينا نحن كقوى منادية بحقوق الإنسان أن نصر على إصدار القانون بغض النظر عن البنود الموجودة فيه، نحن مع التوافق المجتمعي من أجل إصدار القانون ولكن إن لم يحصل هذا التوافق فإنني مع إصداره وإن لم يحصل هذا التوافق، إذ أرى أنه يجب على الحكومة أن تصدره بأي صورة كانت وذلك بسبب أننا سنتأخر سنين طويلة من أجل الوصول إلى التوافق المطلوب، ويجب أن نلاحظ أنه ليس هذا هو القانون الوحيد الذي سيتم فرضه على المجتمع، فجميع القوانين التي صدرت بما في ذلك قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية وقانون الجمعيات السياسية قد فرضت علينا ولكن الحكومة الآن تخاف من الشارع الديني.

دور الاتحاد النسائي

ولكن لماذا تحمل الحكومة بكل هذه الإخفاقات وما هو دور الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي في بث الوعي بضرورة إصدار القانون؟

هناء المحروس: إن إصدار قانون الأحكام الأسرية مهم للغاية للمساعدة في حل العديد من القضايا الشرعية التي تطرح أمام المحاكم بحيث يستند القاضي على نصوص قانونية ثابتة وواضحة بدلا من البحث في بطون الكتب الفقهية وهي مهمة تأخذ وقتا طويلا من عمل القاضي مما ينعكس على سرعة البت في القضايا خاصة فيما يتعلق بالقضايا ذات الصفة المستعجلة مثل قضايا النفقة والحضانة والطلاق.

على سبيل المثال إن هناك نصوصا مهمة تحمي حقوق الزوجين وجميع أفراد الأسرة في المذهبين السني والجعفري، ففي الباب السني أعطى مشروع القانون للزوجة حق الاشتراط على زوجها أن لا يخرجها من بلدها وأن لا يتزوج عليها، فيما خلى النص الجعفري من مثل هذه الشروط ولكنه ترك الأمر للشروط التي ينص عليها في عقد الزواج.

كما اشترط الباب السني على الزوج في حال اشتراط الزوجة أن لا يتزوج عليها، إخطارها بزواجه التالي بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تحرير الوثيقة، فيما لم يتضمن باب الأحكام الجعفرية هذه الشروط.

فهذا الشرط مهم حيث نجد أن بعض الأزواج يقدمون على الزواج من أخرى رغم عدم قدرتهم المادية على إعالة أسرتهم الأولى فكيف يمكن أن يكون أسرة ثانية وبالتالي فإن وجود مثل هذا الشرط مهم للحفاظ على تماسك الأسرة وعدم تكوين أسر جديدة مصيرها العوز والحاجة، واشترطت الشريعة الإسلامية لتكوين الأسرة أن يكون الزوج مقتدرا وأن يكون عادلا.

أما بخصوص النفقة وهي من المسائل التي تثير منازعات طويلة أمام المحاكم وعادة ما يكون الطرف الضعيف فيها هم الأطفال، نجد أن الشق السني اشترط على المطلق أن يهيئ لأطفاله من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب والمجهز، فإذا لم يفعل خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية دون المطلق مدة الحضانة إلا إذا كان البيت قابلا للقسمة فيلزم الزوج بقسمه.

إن أغلب القضايا الشرعية المعروضة أمام المحاكم تتعلق بالسكن والنفقة والحضانة فنجد أن بعض الأزواج يلجئون إلى طرد زوجاتهم مع أبنائهم من بيت الزوجية ما يعني ضياع وتشرد الأسرة وعدم شعورها بالاستقرار والأمان ويستحوذ الزوج بالمسكن، بل الأدهى من ذلك يتزوج من أخرى ولا يهتم بمصلحة أسرته الأولى وهذا واقع منتشر في مجتمعنا البحريني.

إن القضاة الشرعيين الذين استعان بهم الاتحاد النسائي لصياغة مسودة الشق السني من القانون تلمسوا حجم المعاناة والأسى التي تتحملها الأسرة والمرأة والأطفال بشكل خاص في حالة التقاضي أمام المحاكم الشرعية.

فالشريعة الإسلامية لا تقبل أن ينحرف الأبناء وتتشتت الأسرة بسبب عدم توافر المأوى الخاص بهم.

نأمل أن يتضمن الشق الجعفري مثل هذه النصوص المهمة وخاصة فيما يتعلق بالسكن والنفقة وإعطاء الزوجة حق الاشتراط على عدم الزواج من غيرها.

كما اشترط الباب السني والجعفري معا على عدم جواز بدل الخلع التخلي عن حضانة الأولاد ولا عن أي حق من حقوقهم، فإن وقع الخلع بطل الشرط وكان لحاضنتهم أخذ الأطفال ويلتزم والدهم بالنفقة عليهم، فنجد في الواقع العملي من خلال القضايا المطروحة على المحاكم أن المرأة تتنازل عن حضانة أبنائها مقابل طلاقها، وبالتالي فإن وجود النص في الشقين مهم للغاية لحماية المحضون خاصة إذا كان في سن مبكرة.

كما أن هناك نصوصا مهمة في البابين السني والجعفري خاصة بتقدير نفقة الأولاد بعد الطلاق أو عند الفرقة حيث تؤكد هذه النصوص على عدم المساس بوضع الأطفال الاجتماعي والتعليمي الذين كانوا عليه قبل الطلاق أو الفراق، كما أن هناك نصين متقاربين فيما يتعلق بالطلاق، في حال إدمان الزوج الخمر أو المخدرات وأضاف النص الجعفري إلى الشرطين المذكورين شرط الإصابة بمرض معد.

ففي الواقع العملي فإن المرأة لا تحصل على الطلاق حتى لو جاءت بما يثبت أن الزوج مدمن على الخمور والمخدرات.

ولكن ما هو الدور الذي قامت به الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي باتجاه الدفع لإصدار القانون؟

- المحروس: إن هذا الطلب رفعته الجمعيات النسائية منذ ما يقارب من الثلاثين عاما وبعد ذلك تحول إلى الاتحاد النسائي الذي واصل مسيرة المطالبة وقام بدور فعال بتشكيل لجنة الأحوال الشخصية ضمت عضوات من الجمعيات النسائية والقانونيين والإعلاميين.

كما قام الاتحاد بتشكيل لجنة من رجال الدين في الطائفة السنية ضمت مجموعة من رجال الدين وقضاة شرعيين وأساتذة علم شريعة إسلامية وتمت مناقشة مسودة القانون الرسمية وأجريت العديد من التعديلات عليها وإدخال نصوص قانونية تتماشى مع أوضاع الأسر وما يتم طرحه في المحكم الشرعية خاصة فيما يتعلق بالحضانة وتهيئة السكن المناسب للزوجة وأبنائها، وتم رفع مسودة القانون إلى الديوان الملكي وعلى إثر هذا الأمر حدث تنسيق وتعاون بين الاتحاد النسائي والديوان الملكي من خلال إدخال عنصر من السلطة التنفيذية لوضع الصيغة النهائية لمسودة الشق السني من أجل اعتمادها في البرلمان.

كما قام الاتحاد النسائي بنفس الدور مع المجلس العلمائي من خلال الالتقاء بالشخصيات المعروفة مثل الشيخ حسن نجاتي الذي رحب بخطوة الاتحاد من أجل الخروج بتوافق مجتمعي حول القانون وتم الاستعانة بالشيخ جعفر العلوي لوضع ملاحظاته على مسودة الشق الجعفري، لكن لم يتسن للاتحاد الالتقاء بأعضاء من المجلس العلمائي لتشكيل لجنة من رجال الدين الشيعة لتدارس المسودة ووضع ملاحظاتهم عليها.

نحن على أمل أن يتجاوب رجال الدين الشيعة مع خطوة الاتحاد لدراسة المسودة الجعفرية خاصة وأن هناك قوانين أحكام أسرة متطورة مثل القانون الإيراني، فالبرلمان هناك يناقش الآن إمكانية إدخال تعديلات على القانون فيما يتعلق بجواز التلقيح الصناعي (أطفال الأنابيب).

وعقد الاتحاد العديد من الندوات وأقام ورش عمل حول القانون وشكل فريق عمل قانوني للترافع عن النساء المتضررات أمام المحاكم الشرعية، فالاتحاد ضد سحب القانون من مجلس النواب إذ لا بد أن يأخذ طريقه الدستوري وعدم تسييس الملف.

آلية الإصدار والتعديل

- شكيب: بودي توضيح نقطة، هل أن بنود القانون تتعارض مع الشريعة الإسلامية؟ إذ إن هذا الموضوع كثيرا ما يثار، نحن عندما نصدر أي قانون فإن ذلك ليس لسنة أو سنتين وإنما نقنن لفترة زمنية طويلة وإن سلمنا بمبدأ التقنين ضمن المجلس النيابي المنتخب فإننا بذلك نكون قد سلمنا بمبدأ لإقرار القانون والتصديق عليه ضمن آلية التصويت، في حين يجب أن تكون نظرتنا لهذا الأمر نظرة شمولية ومستقبلية، ففي حين أن أغلب الكتل النيابية في المجلس الحالي هي محسوبة على القوى الدينية سواء السنية منها أو الشيعية، ولكن في المستقبل قد تصل قوى أخرى لهذا البرلمان ويمكنها أن تغير في القانون، هناك خوف مشروع بأن هذا القانون وإن وضع كما هو الآن بحيث تكون جميع بنوده مستنبطة من الشرع الإسلامي فما الذي يمنع من التلاعب به مستقبلا سواء بقصد أو بغير قصد؟.

ولكن هناك ضمانات ضمن القانون نفسه يراها البعض كافية بحيث لا يمكن تغيير بنود القانون بصورة تخالف الشريعة الإسلامية؟

- شكيب: هذه الضمانات ضمن القانون نفسه لقد اضطلعت على مسودة القانون، ولكن في مبدأ القواعد القانونية يوجد تدرج، فهناك الدستور وبعدها القوانين وبعدها القرارات وبعد ذلك اللوائح وكل واحد من هذه يتبع للآخر، فالسمو للدستور بسبب أن هناك آلية خاصة لتعديله مثلا في دستورنا البحريني هناك مواد جامدة بحيث لا يمكن تغيرها بأي آلية كانت فالمادة 120 جمدت بعض النصوص بشكل موضوعي وليس زمنيا، الآن عندما نصدر قانونا ونضع ضمن هذا القانون شرطا لآلية التغيير فإن ذلك لا يعفي القانون من المساس به وذلك لا يرتقي إلى الحصانة الدستورية التي تمنح للقانون ففي المستقبل فإن الآلية التي ستحكم في المستقبل هي آلية التصويت والأغلبية، ولذلك فإن من حق رجال الدين وهم الأعلم في مجالهم أن يطالبوا بضمانات مستقبلية تبرئ ذمتهم.

ولكن هناك من يقول إنه توجد ضمانات دستورية منها المادة الثانية من الدستور التي يحظر تعديلها والتي تنص على أن «دين الدولة الإسلام. والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع» وبذلك فهي تعد ضمانة كبرى في أن ينشأ القانون شرعيا و في أن يبقى شرعيا وأنه لا يمكن أن يحتوي قانون الأحكام الأسرية حتى وإن سيطرت القوى العلمانية على البرلمان مستقبلا على مادة تنافي الشريعة الإسلامية بسبب أنها تتنافى مع الدستور وبذلك تكون غير دستورية؟

- الهندي: ما تقوله به جزء صحيح، بسبب أن هذه المادة تشترط أن تكون مواد أي قانون لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ولكن نحن نعرف أن الدين الإسلامي ذو أوجه متعددة ولذلك يوجد هناك تنوعا في الطائفة نفسها وليس فقط في المذهب، إذ توجد مرجعيات مختلفة وأكثر من تشريع واحد ولذلك فإن حكم القانون بمرجعية معينة يضمن استمرارية هذه المرجعية في هذا القانون، يمكن أن نضع القانون وفق الشريعة الإسلامية ولكن الشريعة الإسلامية تفهم بطريقة مختلفة، فمثلا هناك بعض الجماعات الحداثية وغيرها لديها نظرة مختلفة للشريعة الإسلامية.

ولكن كيف تنظرين إلى قانون الأحكام الأسرية هل هو قانون يدخل ضمن العبادات أم ضمن المعاملات وبذلك يمكن تغيره وفقا لتطور المجتمع؟

- الهندي: من المؤكد أنه ليس قانونا تعبديا.

توقيت طرح القانون

إذا من الممكن أن يغير في أية مرحلة ولا يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية؟

-الهندي: إن ذلك هو التخوف الموجود لدينا، بحيث يتم وضع القانون بشكل يمكن تغيره فهو ليس دستورا، ولكن في حالة حدوث متغيرات اجتماعية تتطلب تغيير القانون فلمن نلجأ؟ إلى التشريع الإسلامي أم إلى الحالة الوضعية أي البرلمان؟، وعندما نضمن التشريع الإسلامي هو المخرج الوحيد ومن ضمن مرجعية محددة فإننا نضمن أن التعديل سيكون هو التعديل الصحيح الذي نطمح إليه، في حين إن كان التعديل بناء على الأكثرية البرلمانية أو نتيجة بحوث أو دراسات فإن ذلك يعني أن التعديل سيبتعد عن التشريع الإسلامي.

لدي تساؤل عن لماذا طرح القانون في هذا الوقت بالذات وبهذه الطريقة وكما ذكرت الأخت فوزية أن القانون تم طرحه في العام 2006 ومن ثم تم سحبه وطرحه الآن بهذه الطريقة إن ذلك يعني أن الموضوع تم تسييسه بعيدا عن الأغراض الأساسية له، نحن نرى أن القانون سيخدم الكثير من الأسر ولكن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة تجعلنا نشك في جدية الحكومة لإصدار قانون حقيقي يخدم المجتمع، لو نظرنا إلى المراحل التي عرض فيها القانون وتم سحبه لوجدنا أنها مراحل مفصلية ومحطات سياسية مهمة داخل البلد أثرت في أن يطرح هذا القانون ومن ثم يسحب ما يعني وجود لعبة سياسية في القانون وذلك يدعو إلى التساؤل هل يمكن أن يكون هذا القانون بالصورة الصحيحة التي نطمح إليها وهل هناك ضمانة أن لا يتم سحبه مرة أخرى.

- عبدالله: أشعر أن جميع الأخوات متفقين على ضرورة إصدار القانون ولذلك يجب طرح مسألة المساعي لإخراج هذا القانون إلى النور وكيف يمكن خلق توافق مجتمعي من أجل إصداره. إن الحاجة لهذا القانون ليست محصورة على النساء فقط فحتى المحامين والقضاة يحتاجون إلى قانون يتم الاسترشاد به في القضايا المعروضة، ومن الظلم وضع جميع الأخطاء على عاتق القضاة فقط فالجميع يتحدث الآن عن قصور المحاكم ولذلك يجب أخذ رأي القضاة كما يجب أن يطرح القضاة وجهة نظرهم في هذا الموضوع ومدى احتياجهم لهذا القانون كما يجب أن يوضحوا لماذا تزداد شكاوى النساء منهم ومن ثم فإنني أرى أن أكثر من هم بحاجة إلى هذا القانون هن النساء ومن ثم القضاة أنفسهم.

- عفاف الجمري: أرى أن مسألة الاحتياج للقانون هي مسألة مفروغ منها وكأننا نتحدث عن أية قضية حياتية ملحة بل إنها من أهم القضايا، ومثل أن العدل من أهم قضايا الدين وأن أهم صفة في الله تعالى هي العدل فإن أهم مبدأ مطلوب في جميع أنحاء العالم هو العدل وإذا انعدم تحقيق هذا المبدأ فإن ذلك يعني انعدام الكون، ولكن عندما نتحدث عن مسألة الضمانة فإن هناك نقطة مهمة يجب عدم تغافلها، فنحن عندما نطرح مشكلة الفقر والبطالة فإن مثل هذه الأمور هي أمور سياسية يمكن مناقشتها في البرلمان سواء حلت هذه المشاكل بنسبة 10 أو 20 في المئة فلا مشكلة في ذلك ففي القضايا السياسية يمكن الحصول على ربع أو ثلث المطالب وإنما الحرج الذي يصادفنا في هذا الموضوع هو أنه هناك مسائل شرعية يتعبد بها، وعلى الرغم من أهمية هذه القضية التي تهز كيان الأسرة وبالتالي فإنها تهز كيان المجتمع بشكل كامل ولكن إن عولجت المسألة بهذا النوع من البرلمان الموجود حاليا بحيث يأتي أحد النواب الذين اتهموا في يوم ما فئة كبيرة من المجتمع بأنهم من «بني صهيون» ويتصرف في أحكامهم الشرعية فإنه من الصعب القبول بذلك، لا يمكن للشيعة أن يتحكموا بالأحكام الشرعية للطائفة السنية كما لا يمكن للسنة أن يتحكموا بالأحكام الشرعية للطائفة الشيعية، وإذا طرح القانون بهذه الطريقة على البرلمان فلكل طائفة الحق في التدخل في الشئون الشرعية للطائفة الأخرى، ولذلك لا بد من التوافق وحل هذه المعضلة من خارج البرلمان فلا السنة سيقبلون التغيير في أحكامهم من خلال التصويت ولا الشيعة سيقبلون تغيير أحكامهم من خلال هذه الآلية.

هل يضع السنة قانونا للشيعة والعكس

ولكن أليس من المفترض أن النائب لا يمثل طائفة معينة وإنما يمثل كل الشعب؟

- الجمري: هذا الكلام صحيح في الأمور السياسية ولكن في الأمور الشرعية وبما أنها أحكام يتعبد بها مثلها مثل الصلاة فمن الصعب أن يتحكم بها أحد وهي يجب أن تسند لأهل الاختصاص فلا يمكن لي أو لأي ناشط سياسي أن يتصرف في الاجتهاد في الأحكام الشرعية، يمكننا أن نساعد أو نساند أو نبدي بخبراتنا للمختصين و نطالب بذلك، ولكن الكلمة الفصل في قانون أحكام الأسرة ستكون للمرجع الخاص سواء كان للطائفة السنية أو للطائفة الشيعية. إن المطالبة الحالية هي أن هذه المشكلة ليست مشكلة سياسية وبالتالي لا يمكن أن تناقش في البرلمان وإنما تسند للمرجع الذي يجب أن يشرف على سنها فهو العالم بالأحكام الشرعية.

أرى أنه من الضروري حل هذه المشكلة مهما كانت المعوقات، وإذا الحكومة والمعارضة لم تتفقان على حلها من خلال البرلمان فذلك لا يعني أن على الجميع السكوت والقبول بهذا الأمر وإنما يجب إيجاد الحل البديل.

ولكن القانونيين يرون أنه لا يجوز اشتراط موافقة المرجعية الدينية على شرعية القانون لكي يصدر هذا القانون ويصبح نافذا فهي أولا خارج إقليم الدولة وثانيا ليس لها تمثيل في السلطة التشريعية وثالثا إن موافقة المرجعية على شرعية القانون من عدمه ليست بالضرورة ملزمة لكل الناس إذ إن هناك تعددا في المرجعيات العليا ويتعدد الناس في الرجوع إليها تبعا لذلك؟

- الجمري: عندما نتحدث عن الطائفة السنية فإن لديهم مرجعية يرجعون إليها وعندما نتحدث عن المرجعية الشيعية فإلى أين تريد أن نرجع إلى إيران لكي يقال إن هناك تدخلا إيرانيا في البحرين فالمراجع موجودة أما في العراق أو إيران وفي هذه الحالة فإن الأسلم الرجوع إلى المرجعية في العراق.

ولكن هناك مرجعية شيعية في لبنان متمثلة في السيد محمد حسين فضل الله؟

- الجمري: إن الاتفاق هو أن أكبر مرجع وذلك بأغلبية الآراء، وهذا أمر ديني وليس سياسي لكي يعتبر تدخلا فمثلا يؤخذ بفتوى الفقيه السني وتطبق في كل مكان مثلها تؤخذ بفتوى الفقيه الشيعي، هذه أمور شرعية بحتة ليس لها علاقة بالحدود الدولية.

ولكن لم تكن هناك أية سابقة في عرض أي قانون في أي دولة على المرجعية وذلك سواء قانون الأحكام الأسرية أو غيره؟

- الجمري: ذلك بسبب وجود المراجع الدينية لديهم، مثلا إيران لديها هذه المراجع والعراق كذلك في حين لا توجد لدينا في البحرين مراجع أو علماء وصلوا لكي يكونوا المرجعية العليا، هناك علماء دين وصلوا لمرحلة الاجتهاد ولكنهم لم يصلوا لمرحلة المرجعية العليا

العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً