العدد 2662 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ

عاشوراء الذكرى... ومحركات «الفتنة»

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

على مدى ثلاثة عقود من الزمن تقريبا، وتحديدا، منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي وحتى اليوم، أصبح موسم عاشوراء عند بعض ضعاف النفوس بمثابة بيئة خصبة لبث سموم الفتنة، تتبادلها أو ربما تتناوب عليها وتشارك فيها أطراف مختلفة، وهذا لا يعني أن العقود التي سبقت عقد الثمانينيات لم تشهد من محركات الفتنة ما كان هدفه إثارة البغضاء والتناحر بين الناس في المجتمع، لكن الجذوة أصبحت أكثر شدة منذ عقد الثمانينيات... أي بُعيد انتصار الثورة في إيران مباشرة.

منذ عقد الثمانينيات، حتى الآن، برزت صور من الصدام والتناحر الطائفي في البحرين والخليج، فمن توزيع المنشورات الدموية الى تسجيل وتوزيع الأشرطة التكفيرية إلى تخصيص مواقع إلكترونية تنشط في استحضار الخلافات التاريخية وتقديمها كمسرح للشقاق والعداوة مبنية على إحياء مراسم عاشوراء التي توصف بـ (الشركية) حينا وبمخالفة الدين حينا آخر، والداعية الى تشجيع شتم الصحابة وأمهات المؤمنين (رض) وتحريض أبناء المجتمع ضد بعضهم البعض أحيانا أخرى.

وعلى رغم تلك الممارسات السيئة، إلا أن المجتمع البحريني، بسنته وشيعته، كان مدركا تمام الإدراك بأن هناك من يستغل موسم إحياء عاشوراء، وهو موسم أصله تبيان نهضة الإمام الحسين (ع) وأهدافها ومبادئها المرتبطة بالإصلاح والدفاع عن الدين ونشر قيم الإنسانية والمساواة والعدالة والإخاء ورفض الظلم والجور... أقول هناك من يستغل الذكرى لتأجيج الخلافات بين أبناء المجتمع. وللأمانة، ليس هذا مقتصرا على ناشري المطبوعات والتسجيلات السرية وحملة شعار التكفير، بل تسري أيضا على ممارسات شاذة عن المنبر الحسيني وعن قدسية الموكب الحسيني، والتي فيها أشكال من الممارسة الدخيلة التي تصدى لها الكثير من علماء الشيعة.

على سبيل المثال، برزت دعوة من بعض الأطراف، في البحرين والكويت تحديدا في موسمي محرم الماضيين، لمراقبة المآتم والحسينيات وتقديم من يثبت عليه الجرم من الخطباء بشتمه الصحابة وأمهات المؤمنين (رض) والتحريض ضد الأنظمة، أو من يعلق اللافتات وقطع السواد القماشية التي تحوي عبارات الفتنة، وتقديمه للمساءلة القانونية، لكن لم يتم، حسب علمي على الأقل، تقديم ولا متهم واحد! وهذا يعني أن المجتمع البحريني، في موسم عاشوراء وفي غيره من المواسم، لا يقبل بأي دعوات فتنة مهما قويت واشتدت.

ولهذا، فإن هذا الموسم أيضا، لن يمنح فرصة لمحركات الفتنة أيا كان انتماؤها! وإن حدث وبرز بعضها، فلن ينجح قطعا، وهذه مسئولية القائمين على المآتم والمشاركين في مواكب العزاء وخطباء المنبر الحسيني لأن يستثمروا هذه المناسبة في بناء الشخصية الإسلامية والوطنية، والتركيز على قضايا المجتمع بمعالجة مقتدرة، وعدم الالتفات لمن يثير النعرات الطائفية... تماما كما حدث في السنوات الماضية.

وزارة العدل والشئون الإسلامية، والتي كررت على لسان وزيرها الشيخ خالد بن علي آل خليفة تقديم المزيد من التسهيلات لهذه الذكرى الجليلة، تسعى لاستثمار المناسبة في تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية أواصر الألفة والمودة بين أطياف المجتمع البحريني الذي يتمتع بتجذر وعمق الروابط الاجتماعية المتأصلة بين جميع أبنائه من جميع الطوائف، والعمل على جعل هذه المناسبة ركيزة متجددة لإبراز النسيج المتلاحم للمجتمع البحريني الذي ينعم بالحرية والتعددية ويشهد المزيد من التقدم والازدهار والرخاء بتعاون وتكاتف أبنائه تحت راية الوطن الواحد وفي ظل القيادة الحكيمة.

ولا يجب أن نغفل الدور الذي تلعبه هيئة المواكب الحسينية في التنسيق والتعاون مع مختلف وزارات وأجهزة الدولة ومؤسساتها لتقديم الخدمات المعهودة في هذا الموسم، وهي جهود لا ينكرها إلا جاحد، فما ننعم به من تسهيلات في هذا الموسم المبارك أكبر بكثير من أحقاد محركات الفتنة بين المواطنين

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 2662 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:36 ص

      لا أدري

      لا أدري لماذا اشعل هذا المقال النار في منتديات (....) ومنتديات (....)، وارتفع التهديد والصراخ والتكفير والبكاء على الصحابة وامهات المؤمنين وعلى أهل السنة في العراق والبحرين والشيشان وجزر الواق واق.. كل هذا بس بسبب ذكر الحسين "ع"..
      يا جماعة هناك أعضاء أقاموا مأتم في تعقيباتهم على المقال في تلك المنتديات.. لحقوا عليهم بجم اسعاف لا يروحون فيها ترى ما يرضون على أجدادهم وكلما ذكر اسم الحسين "ع"، ماتوا قهر وما عندهم غير شوفوا قناة (صفا) المأجورة.

    • زائر 5 | 3:46 ص

      شكرا لك يا بو محمد

      شكرا لك با بو محمد

    • زائر 4 | 1:32 ص

      بنت الجيب

      الأخت بنت الجيب، مثلكم كثير، بل الأصل في العلاقة هو عدم الإساءة الى مذهب الآخر ومع وجود ناس من الطرفين من صغار العقول يعيشون على الفتنة
      لكن لاحظوا ان موسم عاشوراء يجمع الناس على الرغم من افعال ضعاف النفوس ولله الحمد
      السلام عليك يا ابا عبدالله الحسين
      شكراً لبنت الجيب وشكراً لكل من يتعامل مع غيره حباً في الله.

    • زائر 3 | 1:11 ص

      بنت الجيب

      يا سيدي الفاضل نحن ضد الطائفيه في بحريننا العزيزه ومن يحاول بث هذه السموم بات معروفا عند معظم الشعب البحريني ولا نعيره اهتماما لأنكم اخوه لنا في السراء و الضراء الله لا يفرقنا و نكون يد واحده و خسيء من يحاول بث الطائفيه بيننا وانا دائما اردد و اقول (لا س لا ش بس بحريني )فلنسعى لنكون يد واحده ضد من يحاول تفريقنا وضد المستفيد من تفريقنا نحن البحرينيين ولا للطائفيه ( احبك يا وطني )

    • زائر 2 | 1:10 ص

      نتمنى

      السلام عليكم
      نتمنى من الجميع، خطباء ومعزين أن ينهلوا من ذكرى عاشوراء بعيداً عن اشكال تشويه الذكرى، خصوصاً مظاهر التبرج في مسارات العزاء وكذلك أن يكون الخطباء مستعدين لتناول موضوعات عميقة في الطرح والمعالجة، والتركيز على الجانب الأخلاقي والروحي بل وحتى السياسي ولكن بأسلوب مفيد للمتلقي.
      أما بالنسبة للفكر المتشدد المعادي للمذهب، فسيستمر في حملته السنوية المعتادة، بل هي حملة تمتد طيلة السنة.
      لا نريد خلافات بين المآتم ولا بين المواكب ومساراتها ولا بين اتباع هذا المرجع وذاك..

    • زائر 1 | 12:52 ص

      كان ياما كان

      كانت البحرين بعيده عن الحقد الطائفي لكن في السنوات الماضيه خصوصا بعد انتصار الثوره الايرانيه وكاجراء وقائي نشرت المداهب و الاحقاد القرشيه علي النبي و اله من قبل الحكومات الاعرابيه و الصهيونيه تلك الاحقاد التي لم ينساها الاعراب وقد قتلوا اسباط الرسول و اولاده و اتباعهم

اقرأ ايضاً