العدد 2663 - الأحد 20 ديسمبر 2009م الموافق 03 محرم 1431هـ

تايغر وودز يهشم صورة القيم والاستقامة والبطولة «الأميركية»

«جولف في المدينة»، عبارة أدرجتها أخيرا الصحافة الأميركية وتداولتها في إطار تناولها اليومي ل»مسلسل» فضائح نجم الجولف تايغر وودز، مستلهمة عنوان الفيلم «جنس في المدينة».

لأنه تايغر وودز كل شيء يقدم عنه يضخم، ليأتي بحجم شهرته وثروته، البطل الأعلى دخلا في العالم (100 مليون دولار سنويا) والذي حصد جوائز مالية تخطت المليار دولار، والنجم الذي زاد من شعبية الجولف، هو النموذج والمثال الواعد لهذه الرياضة، فلا عجب إذا أثيرت حوله كل هذه الضجة العاصفة، وعلى الطريقة الأميركية طبعا.

ومثلما أمعنت الماكينة الإعلامية في فبركة صورة البطل وبلورتها، ها هي تمعن في تهشيمها كما هشم مقدم سيارته وزجاجها (كاديلاك اسكاليد رباعية الدفع) نتيجة الحادث المشئوم الذي فتح على وودز «أبواب الجحيم»، وطبعا كان رأس الخيط استهتاره الذي فضح ارتكاباته وضلوعه في فضائح جنسية، فكرت السبحة وبات «المثال» في وضع لا يحسد عليه.

وما يلخص هذا الموقف الحرج «الشره» الذي كان عليه وودز، إذ أوضحت «مدام ميشال براون» التي كشفت لمحطة «فوكس نيوز» إنها كانت تؤمن له شابات، أن نجم الجولف كان مفرطا جدا في علاقاته، وقد «خاطر كثيرا وكان لا بد أن يكشف أمره نظرا إلى عدد الشابات اللواتي عاشرهن ووتيرة ذلك».

والصورة المطلوبة أن يكون عليها البطل هي الشخصية المثالية المشعة والمتألقة، التي تجسد الرمز المؤثر والملهم للأجيال. وهي طبعا النظرة الأميركية لهذا البطل المثال في الأداء والنتائج والقيم والتصرف الأخلاقي. فهو يمثل الصورة المستقيمة التي يشترطها أيضا المواطنون على السياسيين، وكثيرا ما يخيب ظنهم بهم.

ويحمل البطل على منكبيه دائما أثقالا من المسئولية والقيم على غرار حمل «الكادي» مضارب الجولف وسيره خلف اللاعب.

المشكلة في مسألة وودز التي ورطته انه بطل القصة من الفها إلى يائها مع انعكاساتها على الصناعة الرياضية الأميركية وتمويلها، وتحديدا الجولف، في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.

حالة تقض مضاجع شركات الإعلان وشبكات التلفزة، وإذا كانت الفضائح تغذي وسائل الإعلام بالأخبار والنشاط، فان «فضائح» وودز تفخخ موازناتها لا بل «تفجرها».

هكذا يعرب رعاة ومعلنون ومحطات تلفزة عن انزعاجهم علنا، فهم يخشون أن تطير مئات ملايين الدولارات مخصصة لتمويل دورات الجولف في الموسم المقبل، وبعض هذه «الثروات» مرتبط أساسا بمشاركة وودز، الذي أعلن أخيرا ابتعاده عن الميدان لأجل غير مسمى للاهتمام بعائلته وإنقاذ زواجه بعد اعترافه بخيانة زوجته عارضة الأزياء السويدية السابقة الين نورديغرين، التي تزوجها قبل خمس سنوات، ولهما ولدان: سام الكسيس المولدة العام 2007، وتشارلي اكسيل (10 شهور).

الآن يتعين على وودز (33 سنة) «اجتياز» مسيرة طويلة ليصلح صورته ويستعيد «وقاره واحترامه»، ففي افتتاحية لمايكل هيلتزيك في صحيفة «لوس انجليس تايمز»، اعتبر أن مهنة تايغر وودز هي لاعب جولف، لكن عمله الأساسي هو خلق صورة عامة براقة، وهناك حركة اقتصادية كاملة مرتبطة بشخصه وتصرفاته. انه عالم المحترفين الذي يجذب الرعاة والمعلنين ومصنعي مضارب الجولف والسيارات ومقتنيات فاخرة كثيرة.

وما أورده هيلتزيك يستند إلى وقائع وأرقام، باعتبار أن شركات راعية تعيد النظر في عقودها مع وودز، فمثلا شركة «جيليت» لأدوات الحلاقة وهو احد وجوهها، أوقفت حملاتها الإعلانية التي يظهر البطل فيها، ومثلها فعلت ساعات «تاغ هوير» ومشروب الطاقة «غاتوريد».

الفضائح في دنيا المشاهير كثيرة، وعالم الرياضة ليس منزها عنها، و»خيانة» وودز لعش الزوجية أصابت كثرا من عشاقه وأنصاره في الصميم، وان قلل آخرون من وطأتها مذكرين بارتكابات وأخطاء نجوم رياضيين تنوعت بين علاقاتهم الأسرية وتعاطيهم المخدرات أو تناولهم المنشطات او حتى غشهم في المباريات، أمثال مارادونا وكوبي براينت واندريه اغاسي... وأخيرا تييري هنري وتحويره الشهير بيده للكرة في المباراة الحاسمة التي جمعت منتخبي فرنسا وايرلندا، ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم في جنوب إفريقيا العام 2010.

تجاوز وودز المحن مرتين، إذ تخطى مأساة موت والده ثم إصابته في ركبته التي أبعدت طويلا، وفي حال عودته مجددا إلى المنافسة، سيتجدد طموحه لنسخ رقم مواطنه جاك نيكلوس الفائز في 18 جائزة كبرى، إذ أن رصيد وودز متوقف حاليا عند الرقم 14 في الغراند سلام (العام 2001 كان أول لاعب يفوز بالدورات الكبرى على التوالي).

وودز المتواري عن الأنظار والذي يتواصل مع الخارج عبر الشبكة العنكبوتية بانتظار أن يهدأ البركان، يعاني بدون شك من الطريقة الأميركية في التعاطي مع النجوم، لكنه يأمل بنهاية «هوليوودية سعيدة» ينتصر فيها البطل أخيرا مهما كابد من مشقات وعانى من صعاب، فتنتصر الورود على الأشواك.

من هنا جاء اعتذاره من الجميع على موقعه الالكتروني، وطلبه الصفح والمغفرة، حين أعلن ابتعاده فترة غير محددة عن رياضة الجولف وتركيز اهتمامه على أن يكون أفضل كزوج ووالد وشخص. لكن هل يعود «الأسطورة» أفضل؟.

العدد 2663 - الأحد 20 ديسمبر 2009م الموافق 03 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً