العدد 466 - الإثنين 15 ديسمبر 2003م الموافق 20 شوال 1424هـ

معركة جافا: هل خسرت مايكروسوفت أم ربحت؟

مايكروسوفت تحيل عددا من برامجها للتقاعد

منذ أن قامت شركة «سن» بإطلاق جافا والمعركة محتدمة بينها وبين مايكروسوفت على سوق أدوات البرمجة، ومعايير جافا على حد سواء، فمايكروسوفت كانت قاب قوسين أو أدنى من احتكار أدوات البرمجة لصالح لغتي Visual Basic وVisual C، إلا أن ظهور جافا شكل تهديدا حقيقيا لهذا الحلم الذي طالما راود مخيلة مايكروسوفت، وأهم مميزات جافا هو مقدرة البرامج المكتوبة به على العمل في مختلف أنظمة التشغيل من دون أي تغيير من قبل المبرمج، فبالإمكان تشغيل برامج جافا على أنظمة ويندوز أو لينكس أو يونكس أو الماكنتوش، وجافا تستخدم حاليا على نطاق واسع في الهواتف النقالة (مثل هواتف نوكيا وموتورلا) والبطاقات الذكية، وذلك بفضل آلة تشغيل جافا الافتراضية التي تقوم سن بترويجها.

وقامت مايكروسوفت بمحاولات كثيرة لمنافسة جافا ووقف زحفها، فقد قامت بالترويج إلى آلة جافا افتراضية خاصة بمايكروسوفت عبر تثبيتها في أنظمة ويندوز، وهي آلة لا تدعم معايير جافا التي حددتها شركة سن، وفي المقابل فقد امتنعت عن توزيع آلة جافا الافتراضية الخاصة بسن، علما بأن باقي أنظمة التشغيل مثل يونكس ولينكس والماكنتوش تقوم بذلك، كما قامت بتطوير لغة C# لمنافسة لغة جافا مباشرة وتطوير حزمة (Net) للبرمجة، وأدى ذلك إلى تقسيم المبرمجين إلى قسمين، القسم الأول يستخدم أدوات مايكروسوفت وهو بالتالي يطور حصريا على منصة ويندوز، والقسم الآخر يستخدم لغة جافا ويمكنه تشغيل برامجه على جميع أنظمة التشغيل.

وأكثر ما يعاني منه مبرمجو جافا هو غياب بيئة التطوير، إذ تقوم سن بتسويق أدوات تطوير بدائية مقارنة مع مقدرات جافا، أو مقارنة مع بيئة تطوير (Net) التي تروج لها مايكروسوفت، وقد أدى هذا إلى ارتفاع رواتب مبرمجي جافا - بالإضافة إلى ارتفاع رواتبهم بسبب ان لغة جافا هي لغة حديثة نسبيا -، ورفع ذلك من الكلفة الإجمالية للتطوير، وأدى إلى زيادة نسبة فشل مشروعات جافا، وإذا نظرنا إلى الموضوع من جهة أخرى فإن أدوات سن قد تراجعت إلى المركز الثالث بين مبرمجي جافا، وذلك بعد JBuilder من شركة بورلاند، وAge Visual من IBM، وهذه النقطة بالذات لاتزال أحد الأسباب الرئيسية لتردد الكثير من الشركات في تبني جافا ولينكس على حد سواء، إلا أن ذلك لم يمنع جافا من زيادة حصتها في السوق بشكل مضطرد، وخصوصا بالنسبة الى الشركات التي تدير مزيجا من أنظمة التشغيل، أو تلك التي تعتمد على الانترنت.

مايكروسوفت تخسر آلتها الافتراضية، ولكنها تربح!!

ونقلت سن المعركة إلى ساحة القضاء وذلك بدعوى أن مايكروسوفت تستغل اسم جافا في آلتها الافتراضية، وأن ذلك يؤدي إلى خلط المستخدمين بين آلة جافا المعيارية التي تسوقها سن، وتلك التي تسوقها مايكروسوفت، كما حاولت سن اجبار مايكروسوفت على تضمين آلة جافا مع كل نسخ ويندوز، وتوصلت المحكمة في شهر يونيو/حزيران من العام الجاري إلى قرار يقضي بوقف أية نسخة من جافا غير مرخصة من سن، إلا أنه لا يجبر مايكروسوفت على تسويق نسخة سن من جافا، وهو ما اعتبره الكثيرون انتصارا لكلا الطرفين.

وفي تسوية للقضية خارج جدران المحكمة، اتفقت الشركتان على أن توقف مايكروسوفت تسويق جميع المنتجات التي تحوي آلة جافا الافتراضية الخاصة بمايكروسوفت، كما توقف إصدار أي تحديث لهذه البرامج، ومن ضمن هذه المنتجات ويندوز 98، وويندوز 95، وويندوز ان تي، وقاعدة بيانات SپL Server7، وبعض النسخ من حزمة اوفس 2000، ومن المفترض أن تبدأ مايكروسوفت المرحلة الأولى من الاتفاق خلال الاسبوع المقبل، وينظر البعض إلى هذه الخطوة على أنها أكبر ربح تجنيه مايكروسوفت من وراء القضية، فإحالة هذه البرامج إلى التقاعد يعني ايقاف أي تحديث أمني لها، وهو ما يضع مئات الشركات التي لاتزال تستخدم هذه البرامج في مأزق، فإما أن تستمر في استخدام البرامج القديمة وتخاطر بانعدام الدعم مع العلم بوجود عشرات الثغرات الأمنية الخطيرة - التي اكتشفت أو تلك التي لم تكتشف بعد -، والتي قد يستغلها قراصنة الحاسوب للعبث في معلوماتها، أو أن تقوم هذه الشركات بشراء كل هذه البرامج مرة أخرى، والخيار الثاني هو الذي تسعى إليه مايكروسوفت، إذ ان ذلك سيعجل بالترويج لأنظمة مايكروسوفت وبرامجها الجديدة.

وإحدى الدراسات التي نشرت حديثا تشير إلى وجود 670 شركة لاتزال تستخدم ويندوز 98، وويندوز 95 في الولايات المتحدة وحدها، وأن عدد الأجهزة في هذه الشركات يتراوح بين 10 إلى 49000 جهاز، ما يعني أن هناك قرابة 372000 جهاز تحوي هذه الأنظمة التي احالتها مايكروسوفت على التقاعد، وذلك في مقابل ازدياد محاولات اختراق هذه الأنظمة ومهاجمتها من قبل القراصنة، كما أن الدراسة تبين أن ويندوز 98 وويندوز95 يحتفظان بنسبة 27 في المئة من الأجهزة، وأن ويندوز ان تي يحتفظ بنسبة 13 في المئة، وكلاهما سيحال إلى التقاعد مقارنة مع 7 في المئة فقط لوندوز اكس بي، وتشير الدراسة إلى أن الخطورة تزداد إذا كانت الأجهزة التي تعمل بأنظمة التشغيل القديمة موصولة بالشبكة أو مثبتة على أجهزة محمولة تغادر الشبكة، وأن هذه الأجهزة تحتاج إلى ترقية فورية إلى واحد من أنظمة التشغيل الحديثة، وذلك لتلافي أية ثغرة أمنية بها.

سن تحقق مكاسب أخرى

وفي الكفة الأخرى فإن سن حصلت على 20 مليون دولار مقابل التسوية، كما أنها قد تخلصت من آلة مايكروسوفت الافتراضية الخاصة بجافا (بحسب الاتفاق ستوقف مايكروسوفت دعم آلة جافا الافتراضية في سبتمبر/أيلول 2004)، كما أنها قد بدأت منذ قرابة العام بتوزيع آلتها عن طريق شركات تصنيع الحاسوب، والتي تقوم بتثبيت آلة جافا الافتراضية الخاصة بسن على أنظمة ويندوز قبل شحنها إلى السوق، وقطعت سن شوطا طويلا في هذا المجال فقد وقعت عقودا مع معظم المصنعين الكبار، وقائمة الشركات التي تساند سن تزداد يوما بعد يوم، ومن المتوقع أن تيم شحن آلة سن الافتراضية في ما يزيد عن 90 في المئة من الأجهزة الجديدة التي تعمل بأنظمة ويندوز قبل نهاية هذا العام، كما أنها تشحن في جميع أنظمة التشغيل الأخرى مثل لينكس ويونكس والماكنتوش.

ومن ناحية أخرى فإن حاجة الكثير من الشركات إلى ترقية أجهزتها يدفعها إلى الحل الأرخص وهو نظام لينكس، وحزمة ستار أوفس التي تطورها سن، وقد تلجأ الكثير من الشركات ذات الموازنة المحدودة إلى هذا الحل، ما سيعطي سن دفعة جديدة في زيادة رقعة مطوري جافا وفي ترويج حلول سن لنظام لينكس، إذ ان بدء مايكروسوفت في إلغاء برامجها القديمة يتزامن مع إعلان سن عن نسخة خاصة من لينكس باسم Java Desktop، وهو نسخة خاصة من لينكس تتضمن تقنيات جافا والبرامج المبنية عليها بشكل كبير

العدد 466 - الإثنين 15 ديسمبر 2003م الموافق 20 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً