العدد 469 - الخميس 18 ديسمبر 2003م الموافق 23 شوال 1424هـ

مذلة أم انتصار؟

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

ربما ما يدور في الساحة العربية من تطورات وتغيرات مثيرة جعل أنظار العالم تمتد الى دول الشرق الأوسط بصورة أكبر مما كانت عليه في السنوات الماضية.

فالسيناريو الأميركي الإسرائيلي للمنطقة يمهد لمزيد من المفاجآت، فليس العراق هو الطعم الوحيدة، إذ لاتزال هناك سيناريوهات أخرى تنتظر التوقيت المناسب لاطلاقها ضد هذه الدولة العربية او تلك.

بحق سقط صدام حسين... وبحق سقط رمز كان يمثل أبشع صور الطغاة في العالم، فالرئيس العراقي المخلوع نافس طغاة التاريخ من (الحجاج) ابن يوسف الثقفي الى (ستالين) الروسي و(هتلر) الألماني... ولكنه في الوقت ذاته هزّ صورة الرئيس العربي التي لطالما كانت لها هيبة وخوف... فما اعتادت عليه الشعوب العربية هو غير هذا، ووقع ما حدث كالصدمة لهم حتى وان اغتبطت شعوب مثل الكويت فرحة باعتقال رئيس العراق المخلوع لكن المراقب لتصريحات الأنظمة العربية وزعمائها الى رجل الشارع العربي البسيط يجد ان التحفظ كان سيد الموقف وان كان هناك إقرار عام ببشاعة وقسوة نظام هذا الرئيس الذي يبدو انه أفاق من سبات طويل أغرقه فيه الأميركان وانتهزوا فرصة تصويره وهو يصحو تدريجيا من هذا السبات الذي شاهده ملايين الناس في العالم بل ولم تكتف شاشات الفضائيات بأنواعها من عرضه يوميا منذ يوم الأحد الماضي حتى الآن وذلك بصور وأشكال دعائية لافتة.

هذه في واقع الأمر أول مرة تعرض فيها صورة رئيس دولة عربية بهذه الطريقة المذلة، وكأنها تحذير أميركي مسبق لكل رؤساء وحكام الأنظمة العربية التي تفكر في ان تتهاون مع العم سام فقد يكون مصيرها كحال مصير هذا الرجل العربي الذي تمقته غالبية العراقيين والعرب وحتى الغرب.

فصورة صدام ليست الوحيدة في عالمنا العربي، فهناك نماذج كثيرة لا تعد ولا تحصى... فهناك أكثر من صدام وأكثر من سفاح وأكثر من طاغ وأكثر من عنصري، هذه الصور للأسف موجودة في واقعنا العربي المرير ولاتزال شعوبنا تتعايش مع هذا الوضع منذ تأسيس الدولة الحديثة ان لم يكن في حقب التاريخ المختلفة.

البعض يرى ان الصورة المذلة - التي بثت عبر وسائل الإعلام والمؤتمرات الصحافية - ما هي إلا رسالة انتصار للرجل الغربي على الرجل العربي بغض النظر عن طبيعة الجانبين. ويقول هذا البعض أنهم ليسوا بصدد الدفاع عن صدام ولكن علينا ان نقرأ ما بين السطور لأن هذا الانتصار الأميركي قد تدفع ثمنه فيما بعد شعوب هذه المنطقة. ومن يدري فقد تتحقق مكاسب ترى آثارها شعوب المنطقة، بدءا من سن تشريعات وأساليب حكم جديدة الى اعطاء دور أكبر للمرأة وتعديل أوضاعها ورفع قيود تثقل كاهل الشعوب، ولكن ربما تهيمن ايضا الجوانب السلبية فتظل الشعوب أسيرة قرارات «العم سام» في ظل فوضى عارمة من الشارع تقضي على كل جوانب الحياة والتعايش بصورة سلمية.

لقد أصبح الأميركان في نظر كثير من العراقيين أبطالا، ولا ندري ما ستحمله الأيام من مفاجآت لسيناريوهات أميركية أخرى، لكن المؤكد ان القاء القبض على صدام يعتبر نهاية حقبة وبداية اخرى، نأمل ان يعي الحكام ما قد يصيبهم وان تعي الشعوب اهمية دورها فلا يصل بنا الامر إلى انتظار المحتل الاجنبي لعرض عضلاته

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 469 - الخميس 18 ديسمبر 2003م الموافق 23 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً