العدد 469 - الخميس 18 ديسمبر 2003م الموافق 23 شوال 1424هـ

الثأر من الآخرين... والتآمر ضد من لا يلبون رغباته

من صفات بوش السلوكية

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

يرى خبراء في الاصرار الذي أبداه الرئيس الأميركي جورج بوش على غزو العراق والاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين والطريقة التي يتحدث فيها بوش عن صدام حسين واتهامه بالكذب والمراوغة وانه ينوي تقديمه الى محاكمة، بانها تعكس صفة الثأر الطاغية على سلوكه.

كما يرى هؤلاء ان قرار بوش الانتقام من الدول التي عارضت حربه على العراق يناسب مسلكه القائم منذ زمن طويل على مكافأة الاصدقاء ومعاقبة الاعداء. فهو من خلال قرار استبعاد «دول الضد» يريد تأكيد انهم سيدفعون ثمن معارضتهم وانتقادهم لسياسته في العراق بمنعهم من أي دور رئيسي في إعادة إعمار العراق وان الشركات الموجودة في الدول التي لم تقف الى جانبه في احتلال العراق لن يسمح لها بالحصول على مقاولات في أية مشروعات عراقية، بدعوى ان جني الفوائد المالية هي حكر على الدول التي يضحي جنودها لاحتلال العراق وعلى رأسها الولايات المتحدة.

وأثارت هذه السياسة حنق كندا وروسيا وفرنسا وألمانيا الموضوعة على القائمة الاميركية السوداء بالنسبة الى عقود اعمار العراق كما دفعت حتى بعض حلفاء بوش الجمهوريين الى انتقاد هذا المسلك باعتبارها مسلكا قاسيا.

ويقول مراقبون ان موقف بوش لم يفاجئهم، وذكر توم بوكين، وهو رجل اعمال في دالاس بولاية تكساس كان ترأس الحزب الجمهوري فيها عندما كان بوش حاكما لها «ان لديه هذه الصفة بشأن الولاء الشخصي، فاذا لم تكن معنا مئة في المئة فانك ضدنا، وكلما كنت مستقلا اكثر كلما كنت ضدنا أكثر»، وهو يرى ان قضية الولاء كانت على الدوام خصلة تعطي قدرا كبيرا من القيمة في عائلة بوش المترابطة جدا.

فعندما كان بوش الأب رئيسا فان بوش الابن كان عيون وآذان والده داخل البيت الأبيض، ونقلت الكاتبة الاميركية آن جريمس عن بوش الابن قوله لدى مقابلتها له في العام 1990 خلال اعدادها كتاب عن الازواج السياسيين «كنت مطبقا للأمور عندما كنت أعتقد انها تسير على نحو خاطئ وقد كان لدي القدرة على التحرك واجراء بعض التعديلات المسلكية».

وفي نهاية العام 1990 ساعد والده في اجبار جون سنونو على الاستقالة من منصبه كرئيس لهيئة موظفي البيت الأبيض بدعوى ان سنونو اصبح عبئا على الرئيس. وحمل المستشار السياسي لي أتووتر على الاعتذار الى السيدة الأولى (آنذاك) باربرا بوش لقلة احترامه بعد ان نشرت مجلة اسكواير صورة أتووتر بالشورت، وقد غصب من العضو الجمهوري المعتدل في مجلس النواب الاميركي كريس سيش بسبب التصويت ضد برنامج بوش الأب في العام 1989 اكثر من أي عضو جمهوري آخر، فقد استدعى بوش الابن مسئولة حملة تبرعات سيش دورثي ستابلتون وأبلغها ان تكبح جماح سيش، كما صب بوش الابن جام غضبه على دي فرانك الذي كان آنذاك مراسل مجلة «نيوزويك» في البيت الأبيض عندما نشرت المجلة موضوع غلاف يكشف فيها ان بوش الاب متردد، وقد وعد دي فرانك الذي يعمل حاليا رئيسا لمكتب صحيفة «نيويورك ديلي نيوز» في واشنطن بان يكون له اتصال داخلي اثناء حملة اعادة انتخاب بوش الأب ولكن بوش الابن نقض هذا العرض. وأبلغ الصحافي «إنك خارج العمل». وعندما كان بوش الابن حاكما لولاية تكساس طلب الولاء من زملائه الجمهوريين، وقال العضو الجمهوري في مجلس نواب الولاية، توبي غودمان ان بوش الابن سعى الى تأييده من أجل تخفيض الضرائب على الاملاك قبيل بدء الجلسة التشريعية للعام 1997 بامساكه بتلابيبه في مواجهة وجها لوجه. وقال بوش له «أريد ان تخفض ضرائب هذه الاملاك، وسأضربك على قفاك اذا لم تتجاوب معي». وقال بوكين بهذا الشأن ان علاقته مع بوش الابن ساءت عندما رفض دعم مشروع قانون الضرائب على الاملاك.

كما ان بوش الابن سعى ايضا على فرض الولاء في البيت الابيض، فبعد ثلاثة أشهر من توليه منصبه اعطى مثلا للإدارة بطرد مايك باركر كرئيس لسلاح الهندسة في الجيش الاميركي على الفور بعد ان عارض علنا التخفيضات في موازنة الهندسة.

وهذه التكتيكات القاسية كان لها رد فعل سلبي بعد ذلك في العام 2001 عندما تخلى العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ الاميركي عن ولاية فيرمونت جيمس جيفوردس عن عضوية الحزب وأصبح مستقلا معطيا الحزب الديمقراطي السيطرة على مجلس الشيوخ. وكان قرار جيفوردس يعود جزئيا على محاولات البيت الأبيض معاقبته لمعارضته بنودا في جدول اعمال بوش.

وأدى انتقام البيت الأبيض بشأن العراق ايضا الى در فعل عكسي. ويعترف مسئولون اميركيون بأن الغضب في العواصم الأجنبية سيجعل من غير السهل على بوش اقناع جميع الدول بالتخلي عن ديونها للعراق. ولا يظهر بوش حتى الآن أي دليل على التراجع. وقال مدافعا عن سياسته «ان الامر بسيط جدا وهو ان شعبنا يخاطر بحياته، وأبناء الدول الحليفة الصديقة يضحون بحياتهم ولذلك فان العقود ستعكس ذلك»

العدد 469 - الخميس 18 ديسمبر 2003م الموافق 23 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً