العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ

إعمار «نهر البارد» قريبا وبيروت تبسط نفوذها في المخيمات

تدشن خلال الأسابيع المقبلة عملية إعمار مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين الذي يراد له أن يكون «مخيما نموذجيا» من حيث البناء وخضوعه لسيادة الدولة اللبنانية، في خطوة ستكون في حال تنفيذها الأولى من نوعها في لبنان.

وقال مستشار لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني المكلفة رسميا بملف العلاقات اللبنانية الفلسطينية زياد الصايغ «ينتهي أول قسم من إزالة الركام في أوائل فبراير/ شباط، ونضع الحجر الأساس في الأسبوع الثاني أو الثالث من الشهر لنبدأ المرحلة الأولى من الإعمار».

وأضاف: «إن المخيم الواقع في شمال لبنان سيكون نموذجيا يؤمن للفلسطينيين حدا أدني من الحياة الكريمة ويقع تحت سيادة الدولة». وبدأ قبل ثلاثة أشهر العمل في إزالة الأنقاض من المخيم الذي شهد معارك عنيفة من مايو/ أيار إلى سبتمبر/ أيلول 2007 بين تنظيم فتح الإسلام المتطرف والجيش اللبناني تسببت بتدمير قسم كبير منه، ولاسيما ما يعرف بالمخيم القديم. كما أدت إلى مقتل حوالي 400 شخص.

والمخيم القديم هو المساحة التي استقر عليها اللاجئون الفلسطينيون لدى إنشاء المخيم في 1949، وقد توسعت في وقت لاحق لتشمل مساحة إضافية تعرف بالمخيم الجديد. وأوضح الصايغ «إن مخطط الإعمار «هو نتيجة شراكة بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) ممثلة المجتمع الدولي، والدولة اللبنانية كون الإعمار يتم على أرضها ووفق قوانينها، والسلطة الفلسطينية الممثل الشرعي للفلسطينيين». ويلحظ المخطط بناء قاعدة بحرية على شاطئ نهر البارد، ما أثار غضب سكان المخيم الذين وقعوا عريضة احتجاج بحجة أن القاعدة «تقتطع مساحات» وتقع قرب مدارس وفوق ملعب لكرة القدم، وتساهم في فرض «طوق» على المخيم.

إلا أن رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السفير خليل مكاوي أكد الجمعة أن القاعدة «لن تقوم على أي شبر من أراضي المخيم، إنما على ردميات من أنقاض سترفع من المخيم».

وشدد الصايغ على أن «لا مساومة على القرارات السيادية»، مشيرا إلى أن المخطط يشمل أيضا وجود مركز للجيش ومخفر للشرطة (الدرك) داخل المخيم. وذكر أن الهدف من القاعدة «ليس التضييق، بل مراقبة كل الشواطئ الشمالية وضبط التهريب عبر البحر»، و«المخفر هو لتأمين سيادة القانون وحماية الفلسطينيين». وأوضح أن المخطط الذي ستتولى تنفيذه الاونروا «يشمل مساكن وبنى تحتية ومراكز صحية ومدارس (...) وسيكون نموذجيا بالخدمات الإنسانية ونوعية البناء والطرق».

وأشار إلى صدور قرار عن مجلس الوزراء باستملاك أراضي المخيم في مايو 2008، أي دفع تعويضات لأصحابها مقابل استملاكها، على أن تصدر قريبا المراسيم التنفيذية لكل قطعة أرض. وستستغرق عملية الإعمار حوالي ثلاث سنوات.

ويبلغ عدد المخيمات الفلسطينية في لبنان 12، وتعاني كلها من الفقر ومن غياب شبه تام للخدمات والبنى التحتية. وهي ليست خاضعة للشرعية اللبنانية. وألغى مجلس النواب اللبناني العام 1987 اتفاق القاهرة الموقع في 1969 بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية والذي يحظر دخول الجيش اللبناني إلى المخيمات. وأكد نائب السفير الفلسطيني في لبنان كمال مدحت لفرانس برس أنه «تم الاتفاق على وجود مخفر للدرك في نهر البارد، كرمز لسيادة الدولة اللبنانية»، مضيفا أن «كل المخيمات تقع تحت سيادة الدولة اللبنانية، والأمن الذاتي ناتج عن مرحلة سابقة ويستمر في انتظار نتائج الحوار مع الجانب اللبناني».

ويمنع الجيش دخول المدنيين إلى القسم القديم خلال مرحلة رفع الأنقاض بسبب خطر وجود قنابل وألغام. ويفترض الحصول على اذونات لدخول المخيم، وهذا ينطبق على السكان العائدين (حوالي 13 ألفا) إلى القسم الجديد حيث بدأت أعمال ترميم تتولاها بمعظمها جمعيات أهلية ومنظمات غير حكومية بتمويل من المفوضية الأوروبية. وكان عدد سكان المخيم قبل النزوح 37 ألفا.

وقال رئيس لجنة نازحي مخيم نهر البارد عثمان بدر إن كل العائلات التي عادت أو لم تعد تعاني «ظروفا غاية في المأسوية»، مشيرا إلى أن نسبة البطالة تصل إلى 67 في المئة. وأبدى مدير مشروع إعمار نهر البارد في الاونروا تشارلي هيغنز تفهمه «لشكاوى الناس الذين يعيشون في ظروف سيئة وسيستمرون كذلك لبعض الوقت ما يجعل صبرهم ينفد». وعن التمويل، يقر هيغنز بـ«الحاجة إلى موارد إضافية»، مضيفا «لدينا ما يكفي للمرحلة الأولى. وفي حال لم نحصل في منتصف هذا العام على المزيد، قد يتأخر المشروع».

ودعت الاونروا إلى جمع 450 مليون دولار لإعادة بناء مخيم نهر البارد والمناطق المجاورة التي تضررت أيضا نتيجة معارك 2007.

سكان المخيم: مرور الزمن يزيد المأساة والشكوك

لاتزال ابتسام غنيم (45 عاما) تتذكر كل تفاصيل اليوم الذي اضطرت فيه للخروج من منزلها في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في مايو/ أيار 2007 «من دون أوراق ثبوتية، من دون ذهب أو مال، وحافية القدمين».

وتروي متأثرة «اعتقدنا أن الأمر سينتهي خلال يوم أو يومين. انتقلت مع أولادي وأحفادي (أكثر من أربعين شخصا) بالملابس التي علينا فقط من منزلنا في المخيم الجديد حيث بدأت المعارك إلى المخيم القديم».

وتضيف «في اليوم السابع والعشرين من المعارك، خرجنا من المخيم». ولدى عودتها بعد انتهاء المعارك في سبتمبر/ أيلول 2007، لم تجد ابتسام شيئا. وتقول «عدنا إلى الصفر».

وتتابع وهي تشير إلى مستودعات بدت عليها آثار الحريق «كنا نلعب بالمال في السابق، نملك مستودعات وخزانات ضخمة للزيت ونحقق رقم أعمال في اليوم الواحد بعشرات آلاف الدولارات. أما اليوم، فنعيش كلنا من موارد دكان صغير».

وتشرح أن أبناءها الشباب يعملون بتقطع في أعمال بناء وترميم داخل المخيم مع جمعيات أهلية تستخدم أبناء المخيم على أن يعمل كل منهم شهرا ثم يترك المجال لغيره.

وردا على سؤال عن التعويضات ومخطط الإعمار القادم وعودة الأمور إلى سابق عهدها، تجيب أنها لا تصدق الوعود و»رحمة الله أفضل من الجميع».

إلا أن عمها محمد عطية (75 عاما) «التاجر الكبير والعاطل عن العمل حاليا» كما يقول، لا يكتم غيظه.

ويقول لوكالة فرانس برس «لو كانوا يريدون إعمار المخيم، لما دمروه أصلا»، مضيفا انه بالكاد حصل على مساعدات «لا تتجاوز آلاف الدولارات لترميم منزله وشراء بعض التجهيزات للدكان، بينما خسارتي تتجاوز المليون دولار».

العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً