العدد 485 - السبت 03 يناير 2004م الموافق 10 ذي القعدة 1424هـ

حوار إسلامي - أميركي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني الجاري ستشهد الدوحة مؤتمر الحوار الإسلامي - الأميركي، وهو الأول من نوعه بعد سلسلة من المؤتمرات التي تتحدث عن الحوار الغربي - الإسلامي، المسيحي - الإسلامي، الياباني - الإسلامي، البريطاني - الإسلامي... الخ.

الحوار الاسلامي - الهندي والحوار الاسلامي - الصيني والحوار الاسلامي - الروسي مازالت غير مطروحة بعد، وحتى عندما سألت السفير الصيني في المنامة فيما اذا كانت هناك خطة لمثل هذا الحوار اجاب بالنفي... ربما لا ن الشرق كان قد تحاور مع نفسه منذ قرون مضت!

الحوار الإسلامي - الأميركي حوار بين أمة مستضعفة موزعة على أكثر من خمسين دولة وسلطة وبين قوة عظمى (عسكريا واقتصاديا وإعلاميا) تنفرد بالقرار الدولي من ألفه إلى يائه. وهذه القوة استطاعت خلال الفترة الوجيزة من العام 2003 أن تطيح بأحد طغاة العرب، وأن تركع آخرين، وأن ترعب من لايزال يفكر بأسلوب آخر لا ترضى عنه الإدارة الأميركية.

الحوار عادة يكون بين طرفين لديهما استعداد للاستماع لبعضهما الآخر وللاستفادة من بعضهما الآخر. والحوار يفترض قبول الطرفين لاحتمال تغيير قناعاتهما بشأن أمور معينة من أجل التقريب بينهما. والحوار يعتبر الوسيلة الحضارية التي تميز بني الإنسان عن الحيوان.

على أننا مازلنا نراوح في مكاننا بشأن قضايا عدة، وهذا ما حدث في القرنين التاسع عشر والعشرين. ففي منتصف القرن التاسع عشر انتبهت الدولة العثمانية إلى أنها أصبحت غير مؤهلة للاستمرار؛ لأن انظمتها ومفاهيمها وأساليبها عفا عليها الزمن. وكانت فرنسا آنذاك قد دخلت العالم الإسلامي من بوابة مصر واخترقت جسر الأمة الإسلامية، تماما كما هي حال الولايات المتحدة التي اخترقت الأمة العربية من بوابة العراق.

الفرنسيون شخصوا آنذاك بأن «التعليم» هو الوسيلة بعيدة المدى التي من خلالها سيؤصّلون بها مفاهيمهم في الأمة الإسلامية. ولذلك قاموا بإرسال عدد من المصريين إلى باريس للدراسة (نبغ بعضهم وأثرَوْا كثيرا لاحقا مثل الشيخ الطهطاوي)، وأنشأوا مدارس للهندسة والمشاة والعسكرية لتخريج النخبة التي ستحكم مصر على الطريقة الفرنسية. وبعد ذلك قامت الدولة العثمانية (منتصف القرن التاسع عشر) بإعادة هيكلة الدولة (عبر البرنامج الذي أطلق عليه «التنظيمات»)، وأدخلوا المدارس العسكرية الفرنسية، وأسسوا وزارة تربية لاستبدال المدارس الدينية التقليدية.

التغيير الفرنسي (الممثل للغرب آنذاك) كان من الأعلى عبر تغيير النظام (كما في مصر) أو عبر ادخال الأنظمة الفرنسية في جسد الدولة (التنظيمات العثمانية). والفرنسيون آنذاك لم يجدوا الحاجة إلى إجراء حوار إسلامي - فرنسي؛ لأن المسلمين أقل درجة من الحوار وإنما كان يجب تلقينهم دروس الحضارة الغربية عبر المدارس العسكرية والإدارة المرتبطة بالعسكر.

الأميركان حائرون بين الأنموذج الفرنسي القديم (تلقين المسلمين مفاهيم الحضارة) وبين الأنموذج الذي يتحدث عنه البعض (تلاقح الأفكار المشتركة والمتقاربة لتطوير نهج يخدم المسلمين والأميركان).

الحوار الإسلامي - الأميركي سينطلق من الدوحة، وربما يتواصل في العراق في السنوات المقبلة، ومسئوليتنا باعتبارنا مسلمين تحتم علينا الاستماع من جانب والرد على الطروحات الأميركية من جانب آخر؛ وعلى رغم أننا أمة مستضعفة ماديا فقط، فإننا أمة عظمى بدينها وفكرها وماضيها ومستقبلها بإذن الله

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 485 - السبت 03 يناير 2004م الموافق 10 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً