العدد 2344 - الأربعاء 04 فبراير 2009م الموافق 08 صفر 1430هـ

إدارة الأوقاف الجعفرية والمسئولية الكبرى

ما لا شك فيه فإن الإدارة الجديدة للأوقاف الجعفرية تحمل على عاتقها حملا ثقيلا ومسئولية جسيمة وأمانة كبرى، إلا أن عزائم الرجال أقوى من الجبال الرواسي إن صدقوا ما عاهدوا الله عليه ونظروا إلى المنصب من زاوية التكليف لا من زاوية التشريف. وما يضاعف المسئولية على هذه الإدارة وجود تركة ثقيلة تراكمت عبر السنين وهي بحاجة إلى حلول جذرية لا حلول ترقيعية أو مسكنات وقتية.

وما يبعث على الأمل والتفاؤل هو وجود رجل مشهود له بالاستقامة والنزاهة والإخلاص على رأس هذه الإدارة، وأنا لن أخوض في ملف الأراضي الوقفية غير المسجلة، أو الأراضي التي امتدت لها بعض الأيدي أو بعض الأوقاف المؤجرة بثمن بخس، فهناك من بين أعضاء هذه الإدارة من هو أقدر على تناول هذا الملف الشائك لما يتمتع به من دراية شاملة وإحاطة واسعة بمحتوياته، فهو الذي نشر الكثير من تفاصيله عبر الصحافة وعن طريق المنبر الحسيني عندما كان كاتبا وخطيبا يلامس هموم الناس وقضاياهم الساخنة، فتجتمع الآلاف تحت منبره وينتظر القراء على أحر من الجمر عموده الأسبوعي، وهذا ما يضاعف مسئوليته أمام الله وأمام المجتمع، وخاصة أنه يتمتع بعلاقات وثيقة بصناع القرار.

ولا ننسى أمرا بالغ الخطورة وهو نقل صلاحية الترخيص لبناء المساجد والمآتم من إدارة الأوقاف، وهو من اختصاصاتها الأصيلة التي مارستها عبر عقود طويلة -إلى وزارة العدل عبر حجج واهية لحاجة في نفس يعقوب- وهو أمر يجب ألا تسلم به هذه الإدارة فيصبح سابقة خطيرة تورثها للأجيال المقبلة.

إن الموضوع الذي أود أن أركز عليه هو علاقة إدارة الأوقاف الجعفرية بإدارات المآتم وخاصة مسألة انتخاب إدارات ذات نزاهة وأمانة وكفاءة حتى ينهض المأتم برسالته ويؤدي دوره ويصبح مركز إشعاع وهداية وإصلاح كما هو شعار ثورة الإمام الحسين (ع) لا أن يحوله البعض إلى عزبة خاصة ومكان للوجاهة، وأحيانا بؤرة لنشر الفرقة والتمزق والنزاع في المجتمع، إن بعض الأفراد ما إن يجلس على كرسي الإدارة حتى يتمترس في هذا الموقع مرددا المقولة: «الملكُ عقيم ومن ينازعني على هذا الكرسي لأقطعنَّ الذي فيه عيناه».

إن بعض من تأتي بهم الصدف لتسنم مواقع الإدارة في بعض المآتم مصابون بفيروس بعض الأنظمة العربية فليس في هذا البلد إلا هذا الولد، ولا بد أن تبقى الإدارة في عقبه وعقب عقبه إلى يوم يبعثون، وهو مستعد للجوء إلى كل الوسائل والأساليب حتى غير الأخلاقية للتشبث بهذا الكرسي، وهذا ما نشاهد الكثير من مصاديقه على أرض الواقع وفي أروقة المحاكم، كما أن بعض أفراد بعض الإدارات مشكوك في نظافة أيديهم وحسن سلوكهم .

ولكي ينهض المأتم برسالته العظيمة، لابد من إدارة واعية مخلصة أمينة حريصة على مصلحة المجتمع، ولكي تكون الإدارة كذلك، لابد أن تأتي منتخبة من قبل جمعية عمومية محكومة بلائحة أو نظام أساسي يحدد المسئوليات والصلاحيات لكل طرف في الإدارة ويحدد مهمات اللجان ومدة بقاء الإدارة وآليات الانتخاب، وهنا بيت القصيد ومربط الفرس كما يقولون؛ فبعض من أكل الدهر عليهم وشرب وتجاوزهم العصر وهم في سدة الإدارة ما إن يسمع أحدهم بدعوة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة حتى ينتفض كمن لدغته حية أو لسعه عقرب، كل ذلك خوفا من فقدان المنصب إذ إن البعض لا يرى في خدمة الإمام الحسين (ع) وأهل البيت الكرام عملا يقربه إلى الله سبحانه وتعالى بل هو من وجهة نظره مكان للوجاهة والكشخة والترزز على الكراسي، ومن هنا تأتي مسئولية إدارة الأوقاف الجعفرية لإغلاق الباب في وجه بعض المتطفلين والمتسلقين والدخلاء، وذلك بإصدار نظام يلزم إدارات المآتم بإجراء انتخابات دورية كل ثلاث سنوات أو أربع؛ لاختيار إدارة تتمتع بالنزاهة والأمانة والكفاءة، وإن أمكن حضور مندوب من الأوقاف لمراقبة عملية الاقتراع وإلا فعلى كل مأتم تجري فيه عملية الانتخاب تزويد إدارة الأوقاف بتقرير عن سير هذه العملية ونتائجها ليحفظ في ملف هذا المأتم .

لقد آن الأوان كي تسير الأمور بأسلوب مؤسسي لا على البركة، أرجو أن يجد هذا الاقتراح شيئا من الاهتمام مع فائق تقديري وتمنياتي لهذه الإدارة بالتوفيق والسداد.

إبراهيم حسن إبراهيم

العدد 2344 - الأربعاء 04 فبراير 2009م الموافق 08 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً