العدد 2694 - الأربعاء 20 يناير 2010م الموافق 05 صفر 1431هـ

الشاعر سلاحه شعره وليس الأيديولوجيا ولا المعارك المفتعلة

في برنامج «مسامرات ثقافية» والذي يبث اليوم على «الوسط أون لاين» الشاعر فاروق شوشة:

أكد الشاعر فاروق شوشة «أن لغة الشعر السلاح الوحيد لدى الشاعر وليس الأيديولوجيا ولا المعارك المفتعلة» وذلك في برنامج مسامرات ثقافية والذي يبث على «الوسط أون لاين» على جانب من الأمسية التي أحياها شوشة في بيت الشاعر إبراهيم العريض مساء يوم الإثنين (4يناير/كانون الثاني) 2009م وذلك ضمن برنامج مركز الشيخ إبراهيم للدراسات والبحوث، كان لبرنامج «مسامرات ثقافية» على «الوسط أون لاين» محطة سريعة استوقفنا فيها الشاعر فاروق شوشة فيها لنتسامر معه حول الشعر ولنرصد تلقيه لجمهور الشعر في البحرين الذي رأى أنه يعيد تكوين القصيدة عندما يتلقاها، ويمتلك ذائقة شعرية ولغوية على مستوى عالٍ من النضج والتلقي.

الشاعر فاروق شوشة كيف وجدت التلقي البحريني للشعر خلال زيارتك للبحرين؟

- هذه هي المرة الثانية التي أجيء فيها إلى البحرين لأشارك في أمسية شعرية، كانت المرة السابقة منذ سبع سنوات، وكنت مدعوا في إطار السنة الافتتاحية لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد، وكانت هناك فرصة تقديم أمسية شعرية في هذا المركز، وما حدث في بيت الشعر بالأمس هو الأمسية الثانية لي في البحرين، وأرى أن الجمهور في الحالين يمتلك ذائقة شعرية ولغوية على مستوى عال من النضج والتلقي، وقد أحسست خلال إلقائي لعدد من القصائد أن هناك مشاركة واعية ليس فقط بالإصغاء ولكنه الجمهور الذي يقال عنه إنه يعيد تكوين القصيدة عندما يتلقاها، ويتعرف عليها، وعلى تفاصيلها في أثناء عملية التلقي، الجمهور ناضج، والحساسية عالية، وربما يعود هذا أيضا إلى موفور البحرين من الموروث الثقافي والشعري الذي هيأ لكثير من الحاضرين هذا الاستعداد وهذه القدرة، الأمر الثاني أن هناك أتقانا لدى الكثيرين للغة العربية، فجمهور الشعر الآن ينقصه في كثير من الأماكن، وفي كثير من البلاد أن يكون على درجة عالية من إتقان اللغة؛ لأن الشعر فن لغوي في الأساس، ولا يمكن تلقيه أو تذوقه إلا لمن يحكمون لغتهم أحكاما جيدا.

الشاعر فاروق شوشة كيف تقرأ المشهد الشعري في البحرين من قريب أو من بعيد، هل تحضرك بعض الأسماء بعض الشخصيات الثقافية ؟

- طبعا أنا متابع للكثيرين ممن يبدعون الشعر في البحرين منذ إبراهيم العريض وحتى الآن؛ وبالتالي المسيرة الشعرية في البحرين حاضرة في المشهد الشعري العربي الحديث والمعاصر بكل قوة ولها خصائصها المميزة لارتباطها الحميم بالبيئة وبالغوص وبالمعاناة في المراحل الأولى، ثم بالانفتاح والحداثة وتفجر القضايا القومية والإنسانية في المرحلة الثانية، وأنا صديق لعدد كبير من هؤلاء الشعراء، أعتز من خلالهم بصداقة الدكتور علوي الهاشمي، كما أني صديق ومتابع لإنجازات نقدية كثيرة مما يكتبه أساتذة الجامعة، وفي مقدمتهم الدكتور إبراهيم غلوم وأعتقد أن ما يصلنا في القاهرة من البحرين في إطار المجلات الثقافية أو الصحافة اليومية أو الدواوين الشعرية التي نتابعها أو ترسل إلينا يدل دلالة واضحة وأكيدة على أن المشهد الشعري العربي في مجمله واحد، وأن الحركة الشعرية العربية الآن تنتظم بمئات الشعراء المنبثين في كل أقطار الوطن العربي والذين يبذلون جهدهم لتحريك المخاض الشعري القائم الآن وصولا إلى قصيدة جديدة.

الشاعر فاروق شوشة هل تخلخل الإيمان بالشعر حتى أصبحت جدوى الشعر الآن في هذا الزمن فيها أخذ ورد ومحل كلام كثير، هل نحن في زمن الرواية بعيدا عن زمن الشعر؟

- هذا الطرح روّج له بعض النقاد في مصر، ثم سايرهم بعض النقاد في الوطن العربي، وأعتقد أن هذا حادث لأنه في العقدين الأخيرين من الزمان تفجرت الرواية العربية في بعض الأقطار العربية التي لم يكن يتوقع أن ينمو فيها فن الرواية وأن يزدهر مثل المملكة العربية السعودية وليبيا وغيرهم من البلاد، هذا الذي دعا بعض النقاد أن يلتفتوا ويقولوا نحن في زمن الرواية، نحن في زمن تفجر روائي لم يكن في الحسبان طرأ، فجأة على الساحة العربية وبرزت من خلاله عدد من الأسماء الروائية الكبيرة، لكني أرى الشعر له مسيرته الخاصة، نحن في زمن الشعر العربي على امتداد 16 قرنا أو 17 قرنا هذه المسيرة لا يحجبها أو يلغيها أو يوقفها أن يتفجر فن جديد يضاف إلى إبداعات فن الشعر هو فن الرواية لعشر سنوات أو لعشرين سنة، ثم ما المانع من أن يكون الفنانان معا متجاورين فن الشعر وفن الرواية وأن يكون معا مزدهرين كلما هنالك والذي أريد أن ألفت إليه الأنظار والأسماع أن الرواية كيان يمكن قراءته وتذوقه لدى أصحاب القدرة المتوسطة من المتعلمين للغة يستطيع طالب المرحلة الإعدادية أو الثانوية أن يقرأ نجيب محفوظ أو عبدالرحمن منيف أو عبدالسلام العجبيلي أو سهيل أدريس أو أي روائي عربي أما النص الشعري فلا يمكن أن يقرأه أو يتذوقه إلا من أتقن لغته العربية هذا هو الفرق، ولذلك أصبح فن الرواية فن سهلا هو يقرأ ولا يتطلب حسا لغويا عاليا كما يتطلب النص الشعري ونظرا لانهيار عملية تعليم اللغة العربي في معظم الأقطار العربية بحيث بدأ يظهر لدينا نَشْأٌ متعلم يكره لغته من خلال الدرس اللغوي في المدرسة لأننا لم نحسن اختيار المناهج، ولا أساليب التعليم، ولا نوعية المعلمين، ولا شكل الكتاب المدرسي، مما أدى إلى سدود بيننا وبين تعلم اللغة العربية، أعتقد أن إتقان اللغة العربية سيعيد الشعر إلى جمهوره وسيعيد الجمهور إلى الشعر، ولكن بالرغم من هذا مازلنا نشهد في المحافل والأمسيات الشعرية والملتقيات أن الشعر له جمهوره العريض، وقد شهدت بالأمس في بيت الشعر جمهورا ضخما لم يكن هناك كرسي واحد خال في بيت الشعر من جمهور يمثل النخبة المثقفة والأدبية في البحرين.

الشاعر فاروق شوشة، كيف تجد حضور الجيل الشعري الجديد خصوصا وأن الأيديولوجيا التي تحرّك بعض الأجيال الشعرية وكذلك بعض المحافل الأدبية التي تحرك بعض الأجيال الشعرية بدأت تخفت وتتلاش؟

- لا شعر جديد دون اتكاء على موروث الشعر العربي، ولا يمكن أن يخرج شاعر جديد متميز إلا من عباءة الشعر العربي، نحن لا بد أن نبدأ بالأصول، وأن نتقن استيعاب مسيرة الشعر العربي، وتذوق جمالياته عبر العصور، سواء كنا في العصر الجاهلي أم العباسي أم الأندلسي أم الحديث إلى آخره، وأن نعلم أن ما يطلق عليه حداثة الآن ليس هو الحداثة الأولى في الشعر العربي، وإنما كانت هناك حداثة أبي نواس في مرحلة، وحداثة أبي تمام في مرحلة، وحداثة أصحاب الموشحات في مرحلة، وحداثة المهجريين وشعراء أبولو في مرحلة، وبالتالي من الأفضل بدلا من أن نلوك كلمة الحداثة هذه التي لا أجد لها مقابلا محددا أن نتكلم عن عمليات تجديد مستمرة يجريها الشاعر العربي في القصيدة الشعرية العربية، وأعتقد أن هؤلاء الشعراء الجدد الآن وهم يزحمون الساحة منذ ثلاثة عقود أو أربعة لم ينتجوا لنا أثرا شعريا بارزا وواضحا نستطيع أن نلتف من حوله وأن نقول هذا أنجاز شعري مختلف باستثناء شاعر رائد كمحمد الماغوط أو شاعر كبير كأدونيس في مراحله الأولى، أو شاعر كبير الموهبة مثل ساركون بولس، أما النماذج التي نطالعها الآن هنا وهناك فهي نماذج ينقصها الإيقاع الشعري موسيقى الشعر، وشاعر بلا موسيقى هو في رأيي شاعر ناقص.

الشاعر فاروق شوشة، هل خفت صوت المعارك الشعرية حتى لا نجد ذلك الألق الذي تصنعه تلك المعارك الشعرية والنقدية وأولئك الشعراء الذين صنعوا ألقهم عبر المعارك الشعرية في صولاتها وجولاتها ؟

- ليس المهم أن توجد معارك شعرية ،المهم أن يوجد إبداع شعري حقيقي وكثير من المعارك الشعرية معارك مفتعلة، لأن البعض يظن أنه بالمعركة الشعرية قد ورث مكانا أو مكانة الشاعر يحقق نفسه بإبداعه وليس بصوته العالي أو بالانضواء تحت أيديولوجيا معينة أو تنظيم معين الشعر هو سلاح الشاعر الوحيد.

الشاعر فاروق شوشة، تركز على اللغة كثيرا في تأصيلك للحالة الشعرية، هذا يجرنا إلى التساؤل، ما سر النبرة الحسية الهادئة الجميلة والأخاذة في ألقائك الشعر وكذلك في حساسيتك الفنية من خلال كتابتك لهذه اللغة الصادحة أيضا ؟

- أن أرجو أن تكون هذه النبرة كما وصفتها هادئة، لأني أحيانا أشعر أنها صاخبة وأنها عنيفة وأنها نتيجة معاناة طويلة، أنا أركز على اللغة لأن الشعر فن لغوي في الأساس وأي ابتعاد عن معنى هذه المقولة يجرنا إلى شعر هش وإلى شعر مصطح وإلى شعر لا أبعاد له جماليات الشعر لا يمكن الوصول إليها وتذوقها إلا من خلال إدراكنا لعناصر البناء اللغوي في القصيدة والتحليل النصي لأي نص شعري الآن هو المدخل لأن نتذوق جماليات هذا النص وأن نمضي مع الشعر منذ بداية القصيدة حتى ختامها، ماذا قال؟ وماذا صنع؟ وكيف أنتقل؟ والطريق في تحسس كل هذه الأشياء هو الطريق اللغوي.

الشاعر فاروق شوشة، ما تعليقك على حالة التيهان النقدي الذي ينشغل بالألعاب الشعرية بعيدا عن الحالة اللغوية أو الحالة الحسية والصورية التي يزخر بها الشعر أحيانا ؟

- أنا لست في مقام التقييم لما يصنعه النقاد، فلكلٍ طريقته، ولكل، ما يصنعه، ولكني في الواقع أعذر النقاد كما أعذر الشعراء هؤلاء وهؤلاء يعانون الوضع نفسه والواقع نفسه ونحن نمتح جميعا من معين واحد نقادا وشعراء.

العدد 2694 - الأربعاء 20 يناير 2010م الموافق 05 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً