العدد 2701 - الأربعاء 27 يناير 2010م الموافق 12 صفر 1431هـ

في فيلمه عن أبيه... أسامة الماجد يحاول القبض على الزمن الضائع

عكف المخرج أسامة الماجد خلال الأيام الماضية ينتقل بفيلمه «محمد الماجد والبحث عن الزمن الضائع» من صالة ثقافية لأخرى، حيث تم عرضه مؤخرا بمركز كانو الثقافي، وكان قد عرض أيضا بأسرة الأدباء والكتاب، وقبل ذلك في جمعية تاريخ وتراث البحرين، وقد دشن في جمعية المنبر الديمقراطي، حيث تابع رواد المنتديات الثقافية سيرة توثيقة للأديب البحريني محمد الماجد في فليم من تأليف وإخراج أسامة الماجد، وتتابعت السيرة بصوت الكاتب والناقد يوسف الحمدان، بالإضافة إلى شهادات ضافية من أصدقاء الماجد منهم الشاعر علي الشرقاوي، وحمدة خميس، ومحمد جابر الأنصاري، وإبراهيم غلوم، وعلي صالح، بالإضافة إلى مجموعة من المشاهد المحاكية لسيرة الرجل، ومجموعة من الصور التي تأخذ المشاهد إلى أيام بدايات تشكل الحركة الأدبية السبعينية ونصوصها الجديدة التي مثلت مرحلة تأسيسة مهمة ومحطة فارقة في الأدب البحريني الحديث.

ولد الأديب البحريني محمد الماجد يوم 21 مارس 1942م بمنطقة الحورة بالبحرين، وتربي في حي التلجراف، أحد الأحياء الشعبية التي كانت بيوته مبنية آنذاك من سعف النخيل.

عاش طفولة فقيرة، وعلى الرغم من قوله عنها إنها طفولة سعيدة، فهي في واقع الأمر لا تبدو كذلك، فحين كان جنينا في بطن أمه انفصل أبوه عنها، وأخذ خاله في إعالته، ولكنه توفي بعد سنوات قليلة، مما اضطر محمد إلى ترك المدرسة بعد الصف الأول الابتدائي، ليعمل فراشا ثم عامل بناء، ولينتقل إلى مهن كثيرة...

تعلم القراءة والكتابة فيما بعد بمجهوده الذاتي، ونتيجة موقف مؤثر حدث له مع فتاة متعلمة كانت تقرأ في كتاب ما: حيث سخرت من جهله حين هم في التعرف على ما في يدها، وقد كان جوابها «هذا الذي لا يمكن أن تعرفه طوال حياتك» دافعا للتخلص من جهله بعدم الذهاب إلى المدرسة... وكان أول كتاب يقرأه بعد تعلمه القراءة هو ذاك الكتاب الذي فجر لديه الإصرار على التعلم. وأتاحت له فرصة القراءة والكتابة الحصول على وظيفة قارئ عدادات في دائرة الكهرباء التي عمل فيها كفراش في بداية الأمر.

أتاح له تعلمه الأولي للقراءة والكتابة تنمية استعداده الأدبي فاندفع يقرأ بنهم، فقرأ للمنفلوطي وجبران والمتنبي والمعري، ويقول عن الآخرون أنهما اضطراه إلى أن يغلق عليه باب حجرته، من عودته إلى البيت مساء حتى الثالثة صباحا.. بعد ذلك أخذ يتوسع في قراءاته حيث شملت مختلف المدارس الأدبية والفكرية العالمية البارزة، فقرأ لسارتر وبيكيت وناتالي ساروت وسيمون دوبوفوار وفرانسواز ساغان ومكسهم جوركي وديستوفسكي وهمنجواي، واليوت.. وغيرهم، كما تابع حركات التجديد في الأدب العربي فقرأ للسباب وخليل حاوي والبياتي وعبدالصبور ونزار قباني... ولم يدع في خضم قراءاته أن يتعرف على روائع الأدب العربي القديم وترجمات الآداب الأجنبية القديمة اليونانية والفارسية والهندية.

وكمثقف طموح التحق بنادي «شعلة الشباب»، حيث قام بنشاط أدبي وفني بارز تمثل في إخراج مجلات الحائط والكتابة فيها، وتأليف التمثيليات والقيام ببعض الأدوار فيها... ومن خلال هذا النشاط دخل الأضواء آنذاك، مع رئيس تحرير أخبار الخليج سابقا وحقق استعدادا أدبيا وصحافيا مبشرا، حيث التحق بجريد الأضواء كصحافي، ووجد من رئيس تحريرها آنذاك محمود المردي التشجيع والتوجيه، مما ساعده على نمو استعداداته الكتابية ومتابعة تثقيف نفسه، حتى قال الماجد عنه «لولا محمود المردي ما كان محمد الماجد» وتابع الماجد الكتابة الصحفية في الأضواء ثم في أخبار الخليج وغيرها من المجلات والصحف داخل البحرين وخارجها.

عمل في جريدة الأضواء منذ العام 1965حتى عام 1976، حرر فيها الكثير من الزوايا الصحافية التي كانت مقروءة باهتمام من قبل القراء، وأشرف على الصفحة الأدبية، ووصل إلى تولي إدارة التحرير فيها عام 72، ثم سافر إلى قطر للعمل فترة قصيرة في الصحافة هناك، وخلالها تعرض لأزمة نفسية حادة كادت تنهي حياته، عاد بعدها للعمل في جريدة «أخبار الخليج»، حيث عمل محررا صحفيا، واشرف على الصفحة الأدبية مدة من الوقت. وقد نشر فيها روايته الأخيرة «كتابات عاشق على رمال الشواطئ.»

كان الماجد في بداية حياته الأدبية طموحا متحمسا لإيجاد حركة أدبية جديدة، وبتعرفه على مجموعة من الأدباء الشباب في منتصف الستينيات والتحاور معهم حول الهموم الثقافية أخذت فكرة تكوين رابطة تضمهم تراود ذهنه، وقد لاقت الفكرة قبولا كبيرا حيث كان بعضهم يهجس بها منذ بداية انتعاش النشاط الثقافي في الأندية في أوائل الستينيات... وهكذا أخذ في طرح الفكرة على صفحات الأضواء والدعوة إلى تجسيدها في الواقع. وقد تحققت بتأسيس أسرة الأدباء والكتاب في سبتمبر/ أيلول العام 1969م، حيث كان محمد أحد الأعضاء المؤسسين لها، وشارك في الكثير من أنشطتها الأدبية.

كما مثلها في أول مؤتمر عربي تحضره الأسرة حين رأس وفدها العام 1970 إلى مؤتمر الأدباء العرب الثامن في دمشق وألقى كلمة البحرين في هذا المؤتمر.

كتب أول قصة له العام 1959، ونشر عدة قصص في مجلة «هنا البحرين» التي تصدرها دائرة الإعلام آنذاك وفازت إحدى قصصه المعنونة « لمن يغني القمر» بالجائزة» الثانية للمجلة العام 1967م كما فازت قصته « ثلاث أغنيات على فم التاريخ» بالجائزة الأولى العام 1969 م في مسابقة تالية للمجلة. كما نشر في الأضواء عدة قصص.

وأصدر مجموعته الأولى «مقاطع من سيمفونية حزينة» العام 1970م والرحيل إلى مدن الفرح العام 1977م و»الرقص على أجفان الظلام» العام 1984م.

كما كتب الماجد سلسلة من المقالات الأدبية الجادة في بداية حياته الصحافية كان من أبرزها: الحزن في الشعر العربي الحديث، نشرت في الأضواء العام 1966م. و»رباعيات الخيام بين رامي والعريض» نشرت في «الأضواء أيضا في العام نفسه.

كان الماجد صحفيا نشيطا، جريئا في طرح أفكاره وآرائه، كثير الانتقاد لجوانب الزيف والتخلف في المجتمع، مما جعله عرضة للاعتداء من «قبل الفئات أو الشخصيات التي يتعرض لها.

توالت على الماجد كثير من المآسي والنكبات، كان أشدها موت زميله خميس القلاف، في حادث سيارة ليلة زفافه من الشاعرة حمدة خميس، ومن يومها دخل مأساته الخاصة التي أخذت تزداد بوقوعه فريسة لأمراض كادت تشله عن الحركة نتيجة إهماله لصحته الجسدية والنفسية، حتى أنه صار ينتقل من مستشفى إلى آخر داخل البحرين وخارجها بحثا عن العلاج.. وجاء صباح الخميس الحادي عشر من سبتمبر العام 1986 لتنهي حياته نوبة قلبية مفاجئة. وترك وراءه ثلاثة أولاد هم: وليد، أسامة، وزياد.

العدد 2701 - الأربعاء 27 يناير 2010م الموافق 12 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً