العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ

مؤسس مسجد الخميس ورأس سلالة قيادية

تنتشر في أرجاء المسجد نقوشات توثق تاريخ بنائه ومن بناه، وتاريخ ترميمه ومن رممه، وتاريخ بناء أجزاء أخرى فيه، ويوضح الرسم السابق أماكن تلك النقوشات التي سنتناولها بالتفصيل في الحلقات القادمة. وهناك ملاحظة أحببت ذكرها وهي أن عبدالرحمن مسامح في كتابة «مقدمة في تاريخ البحرين» (1997م) تناول مسجد الخميس بشيء من التفصيل ونقل عن مونيك كيرفاران، لكنه لم يذكر شيئا عن أهم النقوشات وهي نقش تأسيس المسجد، والنقوشات التي تثبت هوية المسجد كشهادة «لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله» وكذلك نقوشات أسماء أهل البيت. إلا أنها موثقة منذ سنين طويلة فقد نشرها دياز في العام 1925م وكذلك نشرت في كتاب جيمز بلجرايف العام 1957م، ونشرت العام 1990م من قبل لدفيك كالوس ومونيك كيرفران.

نص نقش بناء مسجد الخميس (أي المسجد الثالث) عثر على نص التأسيس في المنارة الغربية وهو منقوش على الصخر ومحاط بإطار خشبي، ويتكون النص من 7 أسطر هي:

(1) بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله

(2) علي ولي الله هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر مما أمر ببنائه

(3) معالي بن الحسن بن علي بن حماد العبد المطيع الفقير إلى الله سبح الله

(4) وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة المنتظر صلوات الله و جعفر وموسى

(5) وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة المنتظر صلوات الله عليهم ابتغاء......

(6) ...... الله و راجيا ثوابه في أيام الملك الفاضل أبوعبدالله محمد بن الفضل أعزه الله سنة ثمان عشر وخمس مائة.

(7) .......... و صلى الله (؟) ..........

تاريخ بناء المسجد

من النقش أنه بني العام 518 هجرية (1124م - 1125م) في أيام الملك العيوني أبو سنان محمد بن الفضل، وبحسب المراجع هو ثالث أمراء الدولة العيونية تولى الحكم العام 520 هجرية (1126 م) (وفي رواية 526هجرية) حتى 538 هجرية (1143م). هذا النقش مهم من الناحية التاريخية فالمصادر التي حاولت تناول تسلسل أمراء الدولة العيونية وتحديد فترات حكمهم مملوءة بالأخطاء والتداخل، وربما تولى محمد بن الفضل الحكم قبل 520 هجرية وهذا النقش يثبت ذلك. والقضية الثانية هي تغير كنيته من أبي عبدالله إلى أبي سنان.

«معالي بن الحسن» و سلالة «بني معالي»

إن صح ما افترضناه في الحلقة السابقة من وجود سلالة تتوارث مركز مرموق في مسجد الخميس باعتباره مركزا لنوع من القيادة الدينية، فهذا يعني أن معالي بن الحسن ليس فقط مؤسسا للمسجد بل أيضا مؤسس لسلالة تتوارث القيادة. المعطيات والأدلة التي سأسردها بعد قليل تؤكد احتمالية وجود هذه السلالة، وأن هذه السلالة بدأت بالشيوخ كقيادة دينية إبان فترة الحكم العيوني، وبعد انتهاء الحكم العيوني وخضوع جزيرة أول للحكم الهرمزي، تم إسناد السلطة السياسية لهذه السلالة لكونها تنال ثقة الشعب. هذه الأدلة سنسردها هنا سردا ولكننا سنعود لها في حلقات أخرى للتوسع فيها، وهي كالتالي:

أولا: عثر على محراب في غرفة الحارس نقش عليه «محراب بني المعالي»، وقد اختلف على قراءة هذه العبارة الفريق العربي الذي أسندت إليه قراءة النقوش وكذلك الفريق الفرنسي الذي يمثله لدفيك كالوس، فيرى الفريق العربي أنها «بني المعلى»، و يرجحون أن أحد أفراد المعلى وهم من قبيلة عبدالقيس ولهم شأن كبير في السلطة على البحرين. إلا أن الفريق الفرنسي يقول إن الشطر الأول من الكلمة «معا» واضح ولاخلاف عليه وكذلك الحرف الأخير وهو «ي» بنقطتين واضحتين، والخلاف على اللام كونها «لام» أو «نون» أي «بني المعاني» أو «بني المعالي»، واحتمال آخر هو «نبي المعاني».

ثانيا: عثر على نقوشات لتأسيس مساجد وكذلك نقوشات لقبور وردت فيها أسماء لحكام البحرين تحت قيادة الهرمزيين وهم كالتالي:

1 - الشيخ ........ بن الشيخ سعيد بن معالي (توفي 1249 م)

2 - الشريف المولى الصاحب المعظم ملك الوزراء في العالمين محمد بن أحمد بن سعيد بن معالي (بنى أحد المساجد العام 1329 م)

3 - الصدر المعظم علي بن المولى المعظم محمد بن أحمد (بن سعيد) بن معالي (توفي العام 1368م)، وقد كان عمره 24 سنة أي أنه لم يكن له خلف، ولذلك وفي هذا العام أسندت إدارة الجزيرة لأفراد هرمزيين.

بالطبع هناك احتمال أن كل هذا مجرد تشابه في الأسماء، «فبنو المعالي» قد تختلف عن سلسلة الأمراء من «معالي» وهذا الأخير «معالي» هو شخص آخر عن «معالي بن الحسن»، إلا أن احتمال أن يكون هذا التشابه مجرد صدف والتشابه بينها وبين الأنظمة الشيعية في دول الجوار أيضا صدف هو احتمال ضعيف، والاحتمال الأقوى أن «معالي» هو شخص واحد وهو مؤسس المسجد و السلالة.

«علي بن حماد» جد من بنى مسجد الخميس

يقول لدفيك كالوس عن معالي بن الحسن أنه ربما كان مجرد تاجر أراد أن يتصدق ببناء مسجد، ولن نركز في الاسم جيدا فهو معالي بن الحسن بن علي بن حماد، وهذه مصادفات أخرى سنضيفها لما سبق، فعلي بن حماد الشاعر الذي له الكثير من الشعر الحسيني والوارد ذكره في المنتخب الطريحي اسم مشهور في الوسط البحريني، وله مسجد في قرية باربار، إلا أن من حقق اسم علي بن حماد من البحرينيين يرده للقرن السادس عشر الميلادي، فهناك شاعر يعرف بهذا الاسم عاش في هذا القرن، ولكن الحقائق الأخرى تقول غير هذا وباختصار شديد هي كالتالي:

1 - السيد الأمين في أعيان الشيعة يعرف ابن الحماد الشاعر المشهور بأنه «أبو الحسن علي بن حماد العبدي نسبة لقبيلة عبد القيس» من رجال القرن الرابع الهجري، وربما توفي في نهاية القرن الرابع الهجري (أي الحادي عشر الميلادي)، كان أبوه فقيها وشاعرا وكذلك كان هو.

2 - باني مسجد علي بن حماد في باربار بحسب نقش التأسيس الذي عثر فيه هو «الشريف المولى الصاحب المعظم محمد بن أحمد بن سعيد بن معالي» العام 1329م.

هنا أيضا سنفترض احتمال أن كل ماورد مجرد تشابهات و صدف، ولكن يبقى وجود سلالة عريقة أسست مركزا فقهيا يتم توارثه ثم استلمت بعد ذلك السلطة السياسية فتحولت من سلالة شيوخ لسلالة وزراء هو الاحتمال الأقوى.

لا تزال هناك دلائل أخرى و مفاجآت سوف نتناولها في الحلقات القادمة ونحن نتتبع بناء أجزاء أخرى من المسجد بالإضافة إلى ترميمه.

العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:46 ص

      الحقائق المخفية

      ان هذه الحقائق التي لا يعلم بها الا القليل من الناس هي من مسؤلية المثقفين والغلماء والذين هم يملكون بيدهم ان يدفعوا العقول بان تخرج من
      جهلها الذي باتت فيه ردحا من الزمن لتقول هذا
      تاريخ البحرين وهذخ حقائقه وبراهينه.

اقرأ ايضاً