العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ

شحنة كهرباء تصعق الذاكرة وتعيدها

يحمل الشعب البحريني على عاتقه مسئولية المؤازرة والمساندة لقضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، متأثرا ما ألحقه الصهاينة من دمار وقتل وتشريد لأهالي غزة خلال العدوان الأخير الذي بدا منهم على جموع الشعب المقهور والمعذب.

وإن كان الكثيرون قد ذهبوا للعمل على جمع التبرعات وإقامة المسيرات التضامنية، فقد ارتأى طلبة الجامعة الأهلية أن يكون لهم بصمتهم الخاصة، وأسلوبهم الذي يحفظ للقضية استمراريتها من أن تمسح حالة الهدوء التي تلت الحرب من الذاكرة آلام الفلسطينيين، بل وتبقيها متأججة حتى يتذكر الجميع ما فعلته «إسرائيل» دون رحمة أو شفقة.

بذلك، قرر مجموعة من طلبة الجامعة، بتنظيم من مجلس الطلبة، وتحت إشراف المختص بقسم الوسائط المتعددة بالجامعة آرت جونز القيام بعمل فيلمي قصير، يهدف إلى توثيق رسالة الطلبة التضامنية مع الفلسطينيين، وإبقائها شعلة منيرة تذكر بكل ما حدث، وهو ما عمل عليه الطلبة، وأخرجوه في عمل مدته لا تتجاوز 30 ثانية، ولكنه في ذاته يحمل الكثير من المعاني والأحاسيس المؤثرة في نفس المشاهد.

وكعنوان للعمل كان شعار «روح الحرية لا يمكن تدميرها» هو خاتمة العمل الذي ينادي فيه طفل عبارة «غزة» وتظهر بعدها صورة من الأحداث الأخيرة، ويردد بعده أربعة أشخاص يقفون حوله العبارة نفسها، «غزة» ويظهر بعدها مشهد آخر، ويتكرر ذلك، ويكثر مع كل هتاف عدد الأشخاص المنادين، وتزداد بشاعة المناظر وتأثيرها على النفس، فيما يجعل المشاهد مشدودا حتى بعد انقطاع الهتاف وظهور عبارة الختام.

مسئول العمل آرت جونز ذكر أن رئيسة مجلس الطلبة ريم عمادي كانت من طرح الفكرة في البداية، إذ أحب مجلس الطلبة مشاركة الطلبة الفلسطينيين بما يحملونه من مسئولية تجاه ما يواجهه شعبهم، وبذلك تم تصميم العمل على هيئة (PSA Public service awareness) أو فيلم قصير يهدف إلى التوعية الجماهيرية، يبدأ بتصوير الطفل الصغير وهو ينادي وتكبر منه المجموعة.

آرت ذكر أن العمل مدته نحو 30 ثانية، وهو بنسختين عربية وإنجليزية، قام بإعدادها ومونتاجها بمصاحبة فني القسم براشانت سام، بعد أن وصلته من الطلبة، إذ يقول «الفكرة من الطلبة، وصلتنا منهم بعد أن كانوا يشعرون برغبة في تقديم شيء لغزة، وتوليت بذلك تحويل هذه الأفكار إلى فيلم، إذ استغرق العمل 4 أيام لإخراجه بهذه الصورة، وفكرتي كانت هي إعطاء نسخة للطلبة لنشرها عبر مواقع مثل الفيس بوك (facebook) وماي سبيس (my space) حتى يقومون بنشرها إلى أكبر عدد ممكن لتحقيق الهدف من هذا العمل، وهو تذكير الناس بالمعاناة والآلام التي عاشها الفلسطينيون في غزة».

وذكر جونز أن الإذاعة البريطانية «BBC» رفضت عرض الفيلم، وهو بذلك يسعى إلى توجيه رسالة أخرى تنفي فكرة أن العرب لا ينصرون العرب، التي وجدها فكرة خاطئة، إذ إن «تفاعل الطلبة مع القضية هو ما دفعهم لطلب تنفيذ هذا العمل، قائلين إنهم يريدون تقديم شيء، وسنحاول أن نجد مخرجا لبثه بالتنسيق مع قناة الجزيرة، والمواقع الإلكترونية، لأننا نريد أن يراه الجميع».

علي ضيف أحد المشاركين في العمل وجد أنه شهادة من طلبة الجامعة والبحرينيين لتوثيق معاناة هذا الشعب، والتي تمت وفق وسيلة إعلامية تحفظ الرقي في تسجيل هذه الشهادة، فيما وضحت عضو مجلس الطلبة بالجامعة زهرة جاسم أن الأمر «بدأ خلال اجتماع للمجلس، طالب فيه الطلبة بإقامة أسبوع تضامني مع غزة، وقمنا بتنظيم اجتماع ووضع الأفكار، فكانت متعددة ومختلفة من وضع طاولات لجمع التبرعات، وبيع الأكلات، وتصوير فيديو تضامني».

وأضافت زهرة أن «الفيديو خرج بشكل مختلف عما كنا نتخيله، رغم أن الطلبة هم من وضعوا الفكرة، لكن المونتاج والإخراج جعلاه أمرا أفضل»، مؤكدة بالقول «المهم هو الرسالة التي وجهناها لفلسطين وعموم العرب في انتصارنا للقضية».

وكان طلال أحمد أحد المشاركين أيضا قد أبدى افتخاره واعتزازه بالعمل، الذي أكد بدوره أنه لم يكن يتخيل خروج العمل بهذا الشكل، لكنه وجد اختيار الصور المرفقة مع الهتاف وتنسيقها الذي قام به آرت جونز أمرا ممتازا، وخصوصا أن التصوير تم في يوم واحد، والمونتاج استغرق 4 أيام كي يخرج بهذا الشكل.

أما الطالب سلمان محمد السلمان قد أكد في حديثه أن العمل هو تأكيد على التضامن بالصوت والصورة من مملكة البحرين للأشقاء الفلسطينيين، وهو تأكيد على إحساسهم ورغبتهم في المساعدة، معتبرا الصورة الأسلوب الأرقى لإيصال الفكرة، والإعلام يصل الكثير من الجماهير، إذ وصف العمل بأنه «قصير ومؤثر، ويشدك لمعرفة المزيد، حينما ينسى الجميع الأموات والجرحى، وما فعله اليهود بعد أن انتهت الحرب الفعلية وتوقف الجميع عن الكلام، يأتي هذا العمل للتذكير، بعد أن رفعت طاولات الدعم وجمع التبرعات، وصار الناس يلبسون الكوفية الفلسطينية كموضة بينما هي قضية، وهو ما أجد فيه استهزاء فيما لو كنت فلسطينيا».

وشبه العمل السلمان بالقول «يضربك ضربة، يصعقك لثواني كي يذكرك بآلام جراحك، وقد أبدع آرت جونز إخراجه بعد أن تحمس الجميع للعمل فيه خلال يوم واحد، واشترك فيه فريق من دول عربية مختلفة، ولم نكن نتوقع أن نجتمع بهذه السرعة لكن القضية شدت الجميع، وكان الموضوع ساخنا حينها».

وبمحصلة لكل تلك الآراء، جاء العمل فعلا كشحنة كهرباء تصعق الإحساس، وتعيد ذكريات تلك الأيام القاسية التي عانى فيها أهالي غزة وتألم فيها شرفاء العرب لما ألم بإخوتهم من عدوان جائر بأيدي وأسلحة الصهاينة.

العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً